قالت الشرطة النيوزيلندية إنَّ الروسي النازي "المتعصِّب" لحمل السلاح الذي لقي مصرعه بعد مواجهةٍ مع الشرطة ، "دعم أعمال" الإرهابي الذي نفذ الهجوم على مسجدي كرايستشرش النيوزيلندية.
وأشارت صحيفة The New Zealand Herald النيوزيلندية، الأربعاء 3 أبريل/نيسان 2019، إلى أن الشرطة داهمت منزل أرتيمي فلاديميروفيتش دابوفسكي (54 عاماً)، والمعروف أيضاً باسم تروي دابوفسكي، الثلاثاء 26 مارس/آذار 2019؛ بعد تلقّيها معلومات من الجمهور.
وعثر الضباط على مخبأ أسلحة، يضم سلاحاً نصف آلي مُعدَّلاً، وذخيرة، و"محتوى متطرفاً عنيفاً"، إلى جانب أزياء نازية، وخوذات، وملابس.
دابوفسكي كان يشكل تهديداً كبيراً للمجتمع
ولقي دابوفسكي، الذي أمضى فترةً في السجن بسبب اقتحامٍ منزليٍّ عنيف سلَّط خلاله نسخة مُقلَّدة من مسدس ألماني من طراز WW2 Luger على رأس رجل، حتفه بعد مواجهةٍ استمرت 3 ساعات مع الشرطة الأربعاء 27 مارس/آذار 2019.
وأكَّدت الشرطة، الأربعاء 3 أبريل/نيسان 2019، أنَّ دابوفسكي دخل دائرة شك الشرطة للمرة الأولى، بعد إرساله "رسائل بريد إلكتروني مثيرة للقلق"، تضمَّنت إشارات إلى الهجوم على مسجدي كرايستشرش .
وقال جون برايس، قائد الشرطة في منطقة كانتربري: "استناداً إلى طبيعة الأغراض التي وُجِدَت في أثناء تنفيذ مذكرة التفتيش، وطبيعة ما قاله للشرطة في أثناء التفاوض والتحريات اللاحقة- ترى الشرطة أنَّ دابوفسكي كان بالفعل يُشكِّل تهديداً كبيراً للمجتمع".
وأضاف: "لا يزال هذا تحقيقاً جارياً. واستناداً إلى التحريات حتى تاريخه، من الواضح أنَّ دابوفسكي دعم أعمال الرجل المتهم بالقتل والذي على صلةٍ الهجوم على مسجدي كرايستشرش ، لكن مع ذلك لم يثبت وجود أي صلةٍ بين الرجلين".
وقالت الشرطة إنَّها تُقدِّر حزن عائلة وأصدقاء دابوفسكي على فقدانه، وتُعرِب عن تعاطفها معهم.
قبل أن يفارق الحياة في مواجهات مع الشرطة
ونُفِّذَت مذكرات التفتيش في 3 منازل عاش فيها دابوفسكي، الذي وصل إلى نيوزيلندا عام 1997، أو كانت لديه إمكانية الوصول إليها.
وقال برايس: "عُثِر على بعض الأغراض المثيرة للقلق في تلك المنازل، بينها أسلحة نارية، وذخيرة، ومحتوى متطرف عنيف".
لم يعد دابوفسكي إلى منزله الكائن بسانت مارتينز، وهي إحدى ضواحي كرايستشرش، بعد العمل في اليوم الذي داهمته فيه الشرطة.
وعُثِر على عامل اللحام، البالغ من العمر 54 عاماً، داخل سيارته من طراز ميتسوبيشي باجيرو التي كانت متوقفة في زقاقٍ مسدود بمنطقة ريتشموند في مدينة كرايستشرش عند نحو الساعة 12:30 تلك الليلة.
وسرعان ما حاصره أفراد فرقة التدخُّل المسلح، والكلاب البوليسية، وفريق تفاوضي من الشرطة، ومروحية شُرَطية تابعة لوحدة Eagle تُحلِّق فوقهم.
وعند نحو الساعة 3:40 صباحاً، وبعد مواجهة طويلة، اقترب الضباط من السيارة وعثروا على دابوفسكي مصاباً بجروح خطيرة، بدا أنَّها جروح طعنات. وعُثِر على سكينة داخل السيارة، ولم يُعثَر على أسلحة نارية. تلقّى دابوفسكي الإسعافات الأولية فوراً، لكنَّه فارق الحياة في مسرح الجريمة.
التي تتعرض للتحقيق بسبب طريقة وفاته
وقال برايس: "كان فريق الشرطة الذي تعامل مع دابوفسكي في أثناء الحادث الذي أودي بحياته، على علم بالأغراض التي عُثِر عليها في أثناء تنفيذ مذكرات التفتيش والتهديد الذي كان يُشكِّله. أُخرِج دابوفسكي من السيارة بالقوة، واقتيد إلى نقطةٍ آمنة على الأرض".
وأضاف: "في أثناء عملية إخراجه هذه، تعرَّض دابوفسكي لعضَّة كلب وسحجات على وجهه. وتعتقد الشرطة أنَّ هذا هو سبب أي كدمات موجودة على وجهه".
وتخضع تصرفات الشرطة في التعامل مع دابوفسكي لتحقيقٍ منفصل من هيئة السلوك الشُرَطي المستقلة، لكنَّ برايس قال إنَّ الرأي المبدئي هو أنَّ فريق الشرطة تعامل بطريقة "مدروسة جيداً وشجاعة وجسورة، في ظل وضعٍ ينطوي على تهديدٍ عالٍ محتمل".
وأضاف: "لقد بذلوا قصارى جهدهم لتسوية الموقف سلمياً، وقدَّموا الإسعافات الأولية فور ملاحظة إصاباته".
وتابع: "إنَّني أُثني على فريقي لتصرفاتهم، والتزامهم إبقاء المجتمع آمناً بعدما حاولوا تسوية الموقف سلمياً. لم يكن أحد يريد هذه النتيجة".
وأردف: "لسنا في موضعٍ يُخوِّل لنا تقديم مزيد من التفاصيل عن التهديد الذي كان شكَّله دابوفسكي، لأنَّ هناك شخصين آخرين يخضعان لمزيدٍ من التحقيق، والإعلان عن أي تفاصيل أخرى سيُعرِّض التحقيق للخطر".
روسي متعصب للأسلحة والتاريخ العسكري
وتحدَّث والد دابوفسكي، فلاد دابوفسكي، ووالدته، إنّا جورجيفنا، عن حالة الانهيار التي ألمَّت بهما قبيل دفنه الثلاثاء 2 أبريل/نيسان 2019، بكرايستشرش. وقالا إنَّهما لا يزالان لا يعلمان ما حدث لابنهما، أو لماذا باتت الشرطة فجأةً مهتمة به.
وصرَّح والده لصحيفة The New Zealand Herald، قائلاً: "أُدرك أنَّ الشرطة بعد هذا الهجوم الإرهابي كانت قلِقة من الأسلحة الموجودة مع أيٍّ كان. بإمكاني تفهُّم هذا. لكن… لم يكن هناك أي داعٍ أو نية لاستخدام تلك الأسلحة في هجومٍ إرهابي، لم يكن هناك شيء، لم يكن هناك شيء! لقد انهارت حياتنا الآن تماماً".
وانتقل فلاد، وهو مهندس، إلى نيوزيلندا عام 1997، وتبعه نجله تروي بعد بضعة أشهر.
ونفى أن يكون ابنه انضم إلى الجيش السوفييتي. وقال إنَّ ادعاءات سابقة من صديق نجله بأنَّ دابوفسكي كان قد خدم في القوات الروسية الخاصة وأنه قاتل في أفغانستان والشيشان غير صحيح.
وأضاف الوالد أنَّ دابوفسكي كان قائداً للأمن بأحد المصارف الروسية قبل أن يغادر بلاده.
لكنَّه اعترف بأنَّ ابنه كان "متعصباً" بشأن الأسلحة النارية والتاريخ العسكري، خصوصاً تذكاريات الحرب العالمية الثانية. ولم يكن يعرف أنَّ لدى ابنه أي ذخائر للأسلحة.
وله تعاطف مع النازية
وقال فلاد إنَّ ابنه كانت لديه مجموعة "خاصة" من الأغراض النازية في منزله بضاحية سانت مارتينز.
وأضاف: "قبل الفاشية، كان هناك الحزب القومي الديمقراطي، وكان مختلفاً عن الفاشية. ونجلي كان جامِعاً (للأغراض)… كان الشعب الألماني جاذباً بالنسبة له. ولا يوجد شيء مخالف للقانون في ذلك".
وأوضح قائلاً: "لا أعرف ما الذي كان يقلق الشرطة. فابني تروي لم يُقدِّم أي مؤشرات أو أسباب لاستخدام تلك الأسلحة. فلم يطلق النار من تلك الأسلحة قط. كانت فقط مجرد مجموعة لديه. قبل أن تنتقل الأسرة إلى نيوزيلندا، كانت قد عاشت وعملت في القرم وأوزبكستان، حيث يعيش كثير من المسلمين".
وتابع: "لم يكن هناك أي خلاف قط، لم يكن هناك أي شيء. كانت مجرد علاقات عادية. في الشعب السوفييتي، كل الناس، وكل الأديان، وكل الناس كانوا ودودين بعضهم تجاه بعض. لذا بالنسبة لنا هذا طبيعي".
وفي سن الخامسة والثلاثين، وجدت هيئة مُحلّفين في محكمة كرايستشرش الجزئية دابوفسكي مذنباً بالسطو المشدد والحيازة غير القانونية لسلاحٍ ناري مُقلَّد. وحُكِم عليه بالسجن 4 سنوات.
وتُظهِر وثائق المحكمة أنَّ دابوفسكي كان قد سطا على ثنائي روسي كان يعرفهم.
وسوابق بارتكابه جرائم سطو مسلح
وحين عاد الثنائي إلى منزلهما يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 1999، لاحظا علامات على وجود متسلل. ثُمَّ واجه دابوفسكي الذي كان مُسلَّحاً ومُلثَّماً الثنائي الروسي.
وسلَّط دابوفسكي نسخة مُقلَّدة من مسدس من طراز Lugar، وهو مسدس ألماني معروف باستخدامه في الحرب العالمية الثانية، على رأس الرجل.
ولاعتقاده أنَّ المسدس حقيقي، تصارع الرجل مع دابوفسكي للحصول على السلاح قبل أن يهرب مع زوجته.
جرى إبلاغ فرقة التدخُّل المسلحة، لكن لم يُسلِّم دابوفسكي نفسه للشرطة إلا بعد يومين بمساعدةٍ من صديقٍ ووالده.
وأقرَّ دابوفسكي في شهادته للشرطة بأنَّه كان الشخص المتسلل، لكن قال إنَّه ليس بمقدوره تذكُّر كثيرٍ من تفاصيل الحادثة، لأنَّه كان مخموراً.
أُدين دابوفسكي في عديد من القضايا الأخرى، وضمن ذلك جرائم مرتبطة بالأسلحة النارية والاعتداء على ضابط شرطة، وعندما اقتُحم المنزل، كان مُطلَق السراح بكفالة. وعلمت صحيفة The New Zealand Herald أنَّ آخر جرائمه كانت في يونيو/حزيران 2013.