حضر أحد الناجين من الهجوم الذي طال مسجد كرايستشرش في نيوزيلندا مراسم دفن أبيه وأخيه، بعد أن قُتلا خلال مذبحة الجمعة 15 مارس/آذار 2019. لكنه كان ينظر إلى جثامين ذويه، وهو يجلس فوق كرسيه المتحرك.
حسب صحيفة The New Zealand Herald النيوزيلندية، كان زايد مصطفى يصلي مع أبيه خالد وأخيه حمزة، عندما تعرض مسجد جادة دينز للهجوم.
تعرض الصبي البالغ من العمر 13 عاماً لإصابات بالغة عندما هاجم مسلح مسجد النور، خلال صلاة الجمعة، وأطلق النار عشوائياً على المصلين.
توفي خالد، 44 عاماً، وحمزة 16 عاماً، خلال المذبحة.
وعندما وصلت الجثامين إلى مدافن "ميموريال بارك"، عمّ الصمت المشهد الصامت في الأساس.
قال زايد في بداية مراسم الدفن: "لا أريد أن أكون هنا وحدي"، وذلك حسبما أفادت شركة Fairfax الإعلامية.
تجمع مئات الرجال والنساء والأطفال قبل ساعة من بدء المراسم، وكانوا يتبادلون الأحضان لمواساة بعضهم، فيما كان آخرون يتأملون فيما حدث.
كان اثنان من الـ 50 قتيلاً طالبين في مدرسة كاشمير الثانوية، وهما: صياد ميلني، الطالب في الصف العاشر، وحمزة مصطفى، الطالب في الصف الثاني عشر، وأصيب أيضاً أخوه الأصغر زايد.
قال مدير مدرسة كاشمير الثانوية، مارك ويلسون، إن الطلاب والعاملين كانوا صامدين صموداً ملحوظاً خلال هذه الظروف.
أضاف: "لقد استقبلنا عدداً هائلاً من الورود، واستقبلنا كثيراً من الطعام المريح، واستقبلنا كثيراً من الطلبات التي تسأل عن كيفية دعم الأسرتين اللتين فقدتا أبناءهما على وجه الخصوص".
وأرف قائلاً: "كان لدينا أشخاص يقولون تحديداً إنهم يريدون دعم الأسرتين، ولا سيما من بين مجتمع مدرستنا. فتحنا هذا الحساب استجابة (للطلبات) كي يتبرع الناس بالمال إلى المدرسة فيمكننا وضعه في ذلك الحساب".
جمع الحساب حوالي 7500 دولار في اليومين الماضيين، وسوف تتواصل المدرسة مع العائلات حول الطريقة التي يرغبون في إنفاق المال من خلالها.
كان هناك سرادق من أجل مراسم الدفن، بدلاً من إقامتها في المسجد.
إذ إن مراسم الجنازة تُقام عادة في المساجد باتباع طريقة الدفن الإسلامية.
غير أن ذلك بكل ببساطة لم يكن ممكناً في كرايستشرش بعد الأحداث المأساوية التي وقعت في الجمعة الماضي.
وبدلاً من الخصوصية في مشهد فراق الضحايا ورثائهم، غطت وسائل الإعلام العالمية المراسم وكانت تراقب المشهد من الجانب الآخر للطريق.
بدأ خالد وحمزة رحلتهما الأخيرة في دار مناسبات كرايستشرش، ثم حملتهما سيارة بيضاء اصطحبتها الشرطة، وسارت بهما عبر المدينة التي أحباها واعتبراها وطنهما، حتى وصلت الجثامين إلى مثواها الأخير.
وُضع جسداهما الملفوفان في الكفن داخل صندوقين مفتوحين متواضعين، وحُملا على الأكتاف فوق رؤوس ذويهما إلى داخل السرادق.
قال ويلسون إن المدرسة سوف تواصل تقديم الدعم إلى ضحايا المذبحة والطلاب والعاملين الذين تأثروا بسبب الحادث.
وأضاف أن مجتمع مدرسة كاشمير الثانوية "مرهق للغاية"، لكنهم يقدرون الدعم المقدم من داخل البلاد والأشخاص من جميع أنحاء العالم.
وأوضح المدير أيضاً أن ما "يثلج الصدر حقاً" هو كيفية تولي الطلاب أنفسهم في أعقاب الهجوم.
وأردف ويلسون قائلاً: "باعتباري مدير المدرسة، أشعر بالسرور حقاً من كيفية استجابة الأطفال، وأعتقد أن مستقبلنا يبدو مشرقاً بالفعل. نخوض نقاشاً بين مجتمع مدرستنا، مثل جميع المدارس، ونتحدث عن قيمنا وكل مدرسة لديها مجموعة القيم الخاصة بها. أما هذا الجيل من الطلاب الذي يمضي قدماً في المراحل التعليمية، فلا أعتقد أنه سيحمل بعضاً من التحيزات التي كانت تحملها الأجيال التي سبقتهم".