كشفت تسجيلات الطائرة الإندونيسية عن ذعر الطيارين بحثاً عن حل، لكن لم يسعفهما الوقت قبل اصطدام الطائرة بالمياه في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
إذ قالت ثلاثة مصادر اطلعت على فحوى تسجيلات قُمرة القيادة في طائرة شركة ليون إير الإندونيسية المنكوبة من طراز بوينغ 737 ماكس، إن الطيارين تصفَّحا دليل القيادة وهما يكافحان لفهم سبب اتجاه الطائرة للهبوط.
وقد اكتسب التحقيق في سقوط الطائرة ومقتل 189 شخصاً كانوا على متنها، أهمية جديدة في ضوء قرار إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية وهيئات تنظيمية أخرى وقف تشغيل هذا الطراز الأسبوع الماضي، بعد وقوع حادث ثانٍ في إثيوبيا.
فيما يدرس المحققون في حادث الطائرة الإندونيسية عدة عوامل، من بينها كيف أصدر جهاز كمبيوتر أمراً للطائرة بالنزول استجابةً لبيانات من جهاز معيب، وما إذا كان الطيارون قد تلقوا تدريباً كافياً على الاستجابة السليمة للطوارئ.
تسجيلات الطائرة الإندونيسية.. طيار احتفظ بهدوئه وآخر صاح "الله أكبر"
تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها تفاصيل عن فحوى التسجيلات الصوتية من طائرة ليون إير. وطلبت المصادر الثلاثة عدم الكشف عن هوياتهم.
وقال المصدر الأول إن قائد الطائرة طلب من الضابط الأول فحص دليل القيادة، الذي يتضمن خطوات قوائم التدقيق في الحالات غير العادية.
وفي الدقائق التسع التالية حذرت أجهزة الطائرة الطيارين من أن تدفق الهواء ضعيف على جناحَي الطائرة، لدرجة لا تتيح للطائرة مواصلة الطيران، واستجابةً لذلك انخفضت الطائرة بمقدمتها.
وبذل الاثنان جهداً لرفع الطائرة، لكن الكمبيوتر استمر في دفع مقدمة الطائرة لأسفل باستخدام وحدات التثبيت في ذيلها.
وقال المصدر الثالث: "يبدو أنهما لم يكونا على علم بأن وحدات التثبيت كانت تتحرك لأسفل. لم يفكرا سوى في سرعة الطيران ومستوى الارتفاع. هذا كل ما تحدثا عنه".
وذكرت المصادر الثلاثة أن طاقم الرحلة 610 احتفظ بهدوئه معظم فترة الطيران. وقرب النهاية طلب قائد الرحلة من الضابط الأول تولّي القيادة، بينما يفحص هو الدليل بحثاً عن حل.
وقال مصدران إن الضابط الأول (41 عاماً) لم يستطِع التحكم في الطائرة، بينما كان قائدها (31 عاماً) يحاول دون جدوى العثور على حل في الدليل.
وقالت المصادر الثلاثة إن الطيار ظل صامتاً في النهاية، بينما كان الضابط الأول يصيح "الله أكبر". ثم هوت الطائرة في المياه.
فيما قال متحدث باسم الشركة إن كل البيانات والمعلومات أُتيحت للمحققين، وامتنع عن الإدلاء بتعليقات أخرى.
وامتنعت شركة بوينغ عن التعليق، الأربعاء 20 مارس/آذار 2019، لاستمرار التحقيق، وقالت بوينغ إن ثمة خطوات موثقة لمعالجة هذا الوضع.
الخلل حدث بعد دقيقتين من الإقلاع
قال تقرير مبدئي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 إن قائد الطائرة كان يتولى أجهزة القيادة، عندما أقلعت الطائرة الجديدة من جاكرتا في الرحلة 610، وكان الضابط الأول يتولى الاتصالات اللاسلكية.
وبعد دقيقتين من الإقلاع أبلغ الضابط الأول برج المراقبة عن وجود "مشكلة في التحكم بالطائرة"، وقال إن الطيارين ينويان الحفاظ على ارتفاع خمسة آلاف قدم.
ولم يحدد طبيعة المشكلة، لكن أحد المصادر قال إن سرعة الطيران ذكرت في التسجيلات الصوتية لما جرى في قُمرة القيادة، وقال مصدر ثانٍ إن مشكلة طرأت على أحد المؤشرات أمام قائد الطائرة، ولم تظهر أمام الضابط الأول.
وجاء في التقرير المبدئي أن طاقماً مختلفاً على الطائرة نفسها واجه في الليلة السابقة المشكلة ذاتها، لكنه تمكَّن من حلها بعد تصفّح 3 من قوائم التدقيق.
وورد أيضاً أنه قبل دقيقة واحدة من اختفاء الطائرة من على شاشات الرادار طلب قائدها من برج المراقبة إخلاء المسار دون ارتفاع ثلاثة آلاف قدم، وطلب الطيران على ارتفاع خمسة آلاف قدم، وهو ما تمت الموافقة عليه.
ويوم الثلاثاء 19 مارس/آذار 2019، قالت الهيئة الفرنسية للتحقيق في حوادث الطيران، إن مسجل بيانات رحلة الطائرة الإثيوبية التي أسفر سقوطها عن مصرع 157 شخصاً، أظهر "أوجه تشابه واضحة" مع كارثة الطائرة الإندونيسية.