حقق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مكاسب سياسية كبيرة من القمة العربية الأوروبية ولكن هذا النجاح لم يمنع خروجه من القمة غاضباً بسبب موقف بريطانيا من حظر السفر إلى شرم الشيخ، الذي اعتبره الرئيس المصري إهانة شخصية له.
فقد نجح الرئيس السيسي في جمع عددٍ غفير القادة في شرم الشيخ بلغ نحو 40 زعيماً عربياً وأوروبياً.
جاؤوا في وقت توجّه له المنظمات الدولية والنشطاء انتقادات حادة بسبب الإعدامات الجماعية، وخطوات تعديل الدستور لتمديد فترة حكمه.
وكان هذا بمثابة رسالة دعم أوروبية كبيرة للرئيس المصري.
لكن رئيسة وزراء بريطانية تيريزا ماي التي حضرت بنفسها للقمة واستمعت بلعب البلياردو مع نظيرها الإيطالي، منعت اكتمال فرحة السيسي بنجاح القمة.
إذ رفضت طلباً شخصياً مقدماً لها من قبل السيسي بطريقة اعتبرها الأخير مهينة، حسبما تقول مصادر مطلعة في الرئاسة المصرية لـ"عربي بوست".
لماذا اهتم السيسي بموقف بريطانيا بشأن حظر السفر إلى شرم الشيخ أكثر من غيرها؟
رغم المكاسب الكبيرة التي حققتها القمة العربية – الأوروبية، كان هناك مكسب آخر يسعى الرئيس السيسي شخصياً لتحقيقه ألا وهو إقناع تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، بإلغاء حظر السفر إلى مدينة شرم الشيخ الذي كانت قد فرضته لندن منذ عام 2015.
فالسيسي يعتبر الحظر البريطاني وطريقة صدوره إهانة شخصية له.
إهانة لا يمحوها إلا أن يتم العدول عنه وبنفس الملابسات، حسبما تقول مصادر مطلعة في الرئاسة المصرية.
بريطانيا فعلت مثل الجميع بعد حادثة الطائرة الروسية مع بعض الاختلاف
تعود بدايات القصة إلى صيف 2015 عندما انفجرت طائرة روسية فوق سيناء، بعد وقت قصير من إقلاعها مطار شرم الشيخ.
حينها اتخذت الحكومة البريطانية قراراً في الحادي عشر من يونيو/حُزيران بحظر السفر إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، وهو قرار اتخذته العديد من الدول آنذاك من بينها روسيا.
ولكن بريطانيا لم تكتف بهذا القرار بل اتخذت قراراً آخر بإجلاء جميع رعاياها من المدينة، في خطوة أظهرت شرم الشيخ كأنها مدينة غير آمنة ومعرضة لكارثة أو هجوم هو ما أثر سلباً على صناعة السياحة التي تعد أحد مصادر الدخل الأساسية في مصر.
الأمر الذي دعا الخارجية المصرية حينها لإصدار بيان انتقدت فيه القرار البريطاني، واصفة إياه بأنه مثير للدهشة.
كما علق السفير علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، على هذا القرار وقتئذ قائلاً: "كنا نتمنى الانتظار حتى نهاية التحقيقات وعدم استباق الأحداث".
لكن قرار بريطانيا حظر السفر إلى شرم الشيخ أغضب الرئيس السيسي أكثر من غيره؛ لأن ملابساته كانت مختلفة.
"لقد أهانوني بشكل شخصي".. توقيت صدوره أغضب السيسي
ما جعل السيسي يعتبر هذا القرار إهانة شخصية له هو طريقة وتوقيت اتخاذ قرار حظر السفر إلى شرم الشيخ.
إذ اتخذ القرار والرئيس المصري كان في زيارة رسمية لبريطانيا.
فخلال زيارة الرئيس السيسي إلى لندن فوجئ بالخارجية البريطانية تبلغه بأن قرار الحظر سيصدر خلال ساعة، وهو ما أغضب الوفد المصري وطالب بتأجيل هذا القرار لحين مغادرة السيسي لندن على الأقل.
لكن الخارجية البريطانية رفضت التأجيل.
ورفضوا طلبه بإلغاء المؤتمر الصحفي، فانتقم من "بي بي سي"
وبالفعل صدر القرار قبل ساعات من لقاء السيسي مع رئيس الحكومة البريطانية آنذاك ديفيد كاميرون.
وشكل توقيت القرار إحراجاً بالغاً للرئيس المصري، دفعه لطلب إلغاء المؤتمر الصحفي المشترك مع كاميرون، وهو الطلب الذي رُفض أيضاً.
وعاد السيسي من لندن وهو يشعر بإهانة شخصية من ذلك التصرف، وهو ما انعكس على تعامل الجهات الأمنية المصرية مع مكتب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بالقاهرة، حسبما ذكرت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست".
يجب أن تلغي القرار وأنتِ بمصر مثلما صدر وأنا في بريطانيا!
"صدر القرار وأنا في لندن، ويلغي القرار وأنت في مصر".
كان هذا طلب السيسي من رئيسة الوزراء البريطانية، لكن تيريزا ماي رفضت ذلك، رغم أنه شخصياً فاتحها في الأمر أكثر من مرة، حسبما ذكرت مصادر الرئاسة المصرية لـ"عربي بوست".
وعلم "عربي بوست" من هذه المصادر أن السيسي كان حريصاً أن يتم إلغاء قرار الحظر البريطاني من مصر وبحضور تيريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية شخصياً ليكون هذا بمثابة رد اعتبار شخصي له.
ومارست الخارجية المصرية ضغطاً كبيراً على السفارة البريطانية لإقناعها باتخاذ هذا القرار، إلا أن البريطانيين رفضوا رغم الإلحاح المصري.
ليس هذا فحسب بل تحدثت ماي إلى الصحافة البريطانية عن الأمر قائلة: "نحن ندرك أهمية إلغاء حظر السفر إلى شرم الشيخ بالنسبة للقاهرة، لكن طلب المصري مرفوض حتى الآن، فأمن المواطن البريطاني هو الأولوية الأولى بالنسبة لنا".
وتسبب قرار ماي ثم تصريحاتها بغضب شديد للرئيس السيسي يضاف إلى الموقف السابق، الذي وقع في بريطانيا.
السيسي دافع بجرأة عن الإعدامات أمام قادة أوروبا.. هل يعني ذلك أنه لن يتوقف؟