حذَّرَت كوريا الشمالية الثلاثاء 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، من التأثير المدمر للهواتف الذكية على سكانها المعزولين عن بقية العالم، إذ إن هذه الهواتف بدأت توفر المعلومات والاتجاهات السائدة في العالم الخارجي للشباب.
وحسب تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأميركية، ففي كوريا الشمالية المعزولة بإحكام عن تأثيرات العالم الخارجي، ارتفع عدد الهواتف المحمولة إلى نحو 6 ملايين هاتف منذ 2008، عندما بدأت خدمة الهواتف الخلوية ضمن شراكةٍ جمعت شركة أوراسكوم للاتصالات المصرية ووزارة المعلومات في كوريا الشمالية. ويبلغ تعداد سكان كوريا الشمالية نحو 25 مليون نسمة.
"تداعيات سلبية" للهواتف الذكية في كوريا الشمالية
ونقلت صحيفة The New York Times الأميركية تقريراً عن الصحيفة الرسمية الرئيسية في كوريا الشمالية، صحيفة Rodong Sinmun، الثلاثاء 18 ديسمبر/كانون الأول، ما قالت إنه "التداعيات السلبية" لطرح الهواتف الذكية في المدارس حول العالم، بما فيها استخدام الهواتف خلال الفصل الدراسي، والغشّ في الامتحانات، وتداول مواد جنسية بين الطلاب.
وقالت الصحيفة: "يثبت هذا أن الهواتف الذكية أصبحت وسيلةً لغرس الأيديولوجيات الضارة في نفوس الطلاب. يعتقد معظم المُعلِّمين والآباء حول العالم أن هناك ثقافاتٍ فاسدة ورجعية متعددة تنتشر عبر الهواتف الذكية وتتسبَّب في إرباك الطلاب بينما يشكِّلون قيمهم الحياتية".
وتابع التقرير: "ما يزيد الوضع خطورةً هو أن هناك رسائل جنسية، وروايات، وملفاتٍ لمقاطع فيديو، بالإضافة إلى ألعابٍ إلكترونية تتضمَّن محتوى عنيفاً، تنتشر بلا حدود عبر الهواتف المحمولة".
ولم يُفد التقرير ما هي الإجراءات، إذا كان هناك إجراءات فعلاً، التي تخطط كوريا الشمالية لاتخاذها بهذا الصدد.
هناك صعوبات في مراقبة المعلومات في كوريا الشمالية
صحيفة The New York Times الأميركية أشارت إلى أنه وفي ظلِّ انتشار الهواتف الذكية تجد السلطات في كوريا الشمالية صعوبةً في الحفاظ على قبضتها المُحكَمة على المعلومات التي يتلقاها السكان.
ولا تزال كوريا الشمالية تعزل حواسبها الآلية وهواتفها المحمولة الذكية عن شبكة الاتصالات العالمية، بما فيها الإنترنت، وتتلاعب بجميع أجهزة الراديو والتلفاز حتى يتلقى سكانها فقط البث الحكومي المُشبَّع بالدعاية الرسمية.
وقالت الصحيفة الأميركية إن السيطرة على المعلومات تُعَدُّ أداةً أساسية للحفاظ على قبضة كيم الاستبدادية على السلطة ومواصلة هالة عبادة زعيم الدولة المُحيطة بعائلته، التي تحكم كوريا الشمالية منذ تأسيسها مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
سكان كوريا الشمالية يشاهدون مواد مهرّبة من الصين
إلا أن سكان كوريا الشمالية، وفقاً لصحيفة The New York Times الأميركية، بدأوا يستخدمون هواتفهم لمشاهدة المواد الترفيهية المُهرَّبة إليهم من الصين، بما فيها المسلسلات المُذاعة على التلفزيون الكوري الجنوبي. وتُشارَك هذه الملفات بين الهواتف الذكية وأجهزة الهواتف المحمولة الأخرى عبر رقائق الذاكرة الإلكترونية الصغيرة أو عبر تكنولوجيا تبادل البيانات لاسلكياً "البلوتوث".
وفي حديثه أمام البرلمان في الشهر الماضي، نوفمبر/تشرين الثاني، قال تشو ميونغ جيون، وزير شؤون التوحيد في كوريا الجنوبية، إن سكان كوريا الشمالية يتداولون مقاطع فيديو لفرقة BTS، وهي فرقة موسيقية مشهورة في كوريا الجنوبية.
الهواتف المحمولة أصبحت متاحة للنخبة
وفي كوريا الشمالية، حيث لا يتمتَّع الأشخاص العاديون بحرية الحركة وقليلون هم من يمتلكون سيارات أو هواتف أرضية، أصبحت الهواتف المحمولة طريقةً يتواصل بها الناس مع بعضهم البعض. وأصبحت هذه الهواتف رمزاً للنخبة وأداةً ضرورية لطبقة التجار الناشئة، التي تستخدمها لتداول المعلومات بشأن الأسعار وتنسيق شحنات البضائع بين الأسواق التي ازدهرت تحت حكم كيم، وفقاً لمعارضين لنظام كوريا الشمالية.
وأصبحت الهواتف المحمولة أيضاً مصدر إيرادات مهماً لحكومة كيم، إذ تبيع الشركات الحكومية العديد من الهواتف المحمولة الصينية التي يُعاد الترويج لها بعلامة تجارية جديدة أو الأجهزة التي تُجمَع في كوريا الشمالية باستخدام مكونات أجنبية، بسعر يتراوح بين 100 و300 دولار للجهاز. شُوهد كيم بنفسه وهو يحمل هاتفاً ذكياً، ويشرف على مصنعٍ لتجميع الهواتف في الإعلام الحكومي، مدافعاً عن تطوير العلم والتكنولوجيا كأدواتٍ لإحياء اقتصاد كوريا الشمالية المُحتضِر.
لكن حكومة كوريا الشمالية بدأت مؤخراً تحجب خدمة "البلوتوث" في الهواتف الذكية لمنع مشاركة الملفات بين الهواتف. وتضع الحكومة أيضاً برنامجاً في الهواتف الذكية يُصعب إمكانية فتح ملفات خارجية، ويُمكّن السلطات من تتبع ما يُشاهده المستخدمون، وفقاً لمنشقين عن نظام كوريا الشمالية ومسؤولين في كوريا الجنوبية.
وتقمع كوريا الشمالية أيضاً استخدام الهواتف المحمولة المُهرَّبة من الصين للتمكّن من الوصول إلى الإنترنت وشبكات الهاتف العالمية.
وعند استخدامها بالقرب من الحدود الصينية يمكن لهذه الهواتف الاتصال بشبكات الهواتف المحمولة الصينية. ويستخدم سكان كوريا الشمالية هذه الهواتف لتنسيق عمليات التهريب عبر الحدود وتبادل الرسائل النصية وحتى ملفات الفيديو، بالإضافة إلى إجراء مكالمات هاتفية مع أقاربهم الذين فرّوا إلى كوريا الجنوبية.