يبدأ رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، الخميس 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، زيارةً رسميةً للسعودية، بعد نحو أسبوعين من زيارة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتونس، وأثارت احتجاجات.
بيان الرئاسة التونسية حمل لهجة دبلوماسية، فأوضح أمس الأربعاء أن زيارة الشاهد للسعودية تمتد "من 13 إلى 15 ديسمبر/كانون الأول الحالي، وتندرج في إطار دفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق أوسع وأرحب".
تحركات خليجية
لكن اللافت للانتباه، أن زيارة الشاهد للسعودية تأتي بدعوة رسمية، تلقَّاها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك بعد أيام من عودته من تونس، التي التقى خلالها بالرئيس السبسي، ولم يلتق بالشاهد.
كما تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه الساحة السياسية التونسية شرخاً بين الشاهد ورئيس الدولة، الباجي قائد السبسي.
زيارة الشاهد المفاجئة، وفي هذا التوقيت الذي يتصاعد فيه الصراع بين حركة النهضة الإسلامية والشاهد من جانب، وبين الرئيس التونسي وحزبه من جانب آخر تجعلنا نتساءل عمَّا وراء هذا اللقاء، هل هي محاولة لإثناء الشاهد عن تحالفه مع الحركة الإسلامية التي تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي تعارضها الرياض بقوة، وتعتبرها جماعة إرهابية؟
ربما لا ينفك هذا التحرك عن الصورة التي رسمها الصحافي البريطاني ديفيد هيرست، في مقاله الأربعاء 12 ديسمبر/كانون الأول 2018، بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إذ تحدَّث عن انقلاب خليجي محتمل في تونس، وعن عدم مقاومة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الإغراءات المقدمة له من السعودية والإمارات.
وفي حال صدقت هذه الأنباء، التي أكدها أيضاً موقع "موند إفريك" الفرنسي قبل أيام، والذي تحدَّث عن سعي وزير الداخلية المقال لطفي براهم لترتيب انقلاب في تونس بالتنسيق مع الإماراتيين- فلا يمكن التعامل مع زيارة الشاهد للرياض على أنها مجرد تحرك دبلوماسي ودي.
سيناريوهات زيارة الشاهد للسعودية
وتعيش تونس شرخاً بين الحكومة برئاسة الشاهد، وحزب النهضة من جهة، والرئيس السبسي وحزب نداء تونس المتفكك من جهة أخرى.
وفي ظل هذه الحالة، يصبح لدى حزب النهضة التونسي الفرصة لتصدُّر المشهد السياسي في الانتخابات القادمة، وهو الأمر الذي سيُزعج الإمارات والسعودية، اللتين يُنسب لهما العداء للربيع العربي، والسعي لإفشال التجارب العربية الوليدة.
لا يوجد أدنى شك في أن محمد بن سلمان يدعم السبسي في هذه المعركة، فكلمات الود والثناء بينهما بدت واضحةً في زيارة ولي العهد الأخيرة، وهو الأمر الذي يوحي بأن دعوة ولي العهد للشاهد تأتي في إطار جمع الدعم للسبسي وحزبه على حساب النهضة.
من جانب آخر، فإن الضائقة المالية التي تعيشها الحكومة التونسية تضعها في موقف ضعف، يجعلها تستجيب للرياض، خاصة مع تقديم الأخيرة نصف مليار دولار بفائدة مخفضة، وإعلانها عن مشروعين بقيمة 140 مليون دولار.
قد يرفض الشاهد الوقوف بجانب السبسي بعد الخلاف العلني الذي وقع بينهما، ومحاولة الأخير إسقاط الحكومة، ما يجعل الرياض تبحث عن بديل آخر، يتمثل في تقديم الدعم للشاهد على حساب النهضة وحزب تونس المفكك، في الانتخابات القادمة.
وتعاني تونس من وقع أزمة مالية، تكافح فيها لخفض عجز الميزانية مع تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية وارتفاع العجز التجاري، وتواجه ضغوطاً من المقرضين الدوليين بسبب تعطل الإصلاحات.
وقال الأمير محمد خلال زيارته لتونس: "علاقاتنا مع تونس ممتازة منذ وقت طويل… ولا يمكن أن أزور شمال إفريقيا دون زيارة تونس، وسيادة الرئيس هو مثل والدي".