تحدث موقع شبيغل في تحليل له أمس الأحد عن استخدام تركيا لقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، لوضع السعودية في موقف صعب، وعن الدور البارز الذي يلعبه هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية في ذلك.
وبين أنه توجب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يرى كيف فقدت حكومته في الأعوام الماضية نفوذها في الشرق الأوسط، وكيف تقدمت قوى أخرى كالسعودية المدعومة من الولايات المتحدة، وأنه بات مصمماً أكثر الآن على استعادة دور تركيا.
وتناولت الصحيفة عن مواصلة تركيا منذ أسابيع وضع الضغط الدولي على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتسليم معلومات متتالية حول مقتل الصحافي خاشقجي لوسائل الإعلام.
ونقلت "شبيغل" عن مصدر في القصر الرئاسي في أنقرة أن من يتحكم بـ"الحملة" (على حد تعبير المصدر) على ولي العهد محمد بن سلمان عبر تسريب المعلومات عن موت خاشجقي لوسائل الإعلام هو هاكان فيدان.
وقال مسؤول تركي لشبيغل إن فيدان "هو الرجل الذي يقف وراء التسريبات".
واعتبرت شبيغل أنه أصبح هناك تحول في القوى في السياسة الخارجية التركية تحت حكم الرئيس أردوغان، الذي يقلل من قيمة حلف الناتو، ويرغب في جعل تركيا قوة مستقلة بنفسها، لافتاً إلى الدور الهام الذي يلعبه فيدان في هذا الشأن.
أردوغان أسماه "حافظ كل الأسرار"
وبدأ فيدان مسيرته المهنية كضابط في الجيش التركي وكان مستشاراً أمنياً لأردوغان قبل أن يعينه الأخير مديراً للاستخبارات التركية (MIT).
وأوضحت شبيغل أنه على خلاف رؤساء الاستخبارات الآخرين الذين كانوا يعارضون رؤساء الحكومات التركية المتعاقبة، فإن فيدان عمل على ضمان أن تكون أجندات الاستخبارات متطابقة مع الرئيس. واعتبر الموقع الألماني أن سمعة فيدان تضررت جراء الفشل الاستخباراتي المرتبط بمحاولة الانقلاب في العام 2016، لكنه ما زال ذا تأثير كبير من ناحية السياسة الخارجية.
وذكّرت بوصف المفوض الأميركي الخاص بسوريا جيمس جيفري سابقاً فيدان بأنه "وجه الشرق الأوسط الجديد"، وأردوغان له "بحافظ كل الأسرار".
واعتبرت أن فيدان ساهم في ابتعاد تركيا عن السعودية وإسرائيل والتعاون عوضاً عن ذلك، بحسب الحاجة مع دول كروسيا وإيران.
وأشارت إلى أن فيدان على علاقة وثيقة بالإيرانيين وباللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، على وجه التحديد.
شكوك أميركية وإسرائيلية حيال إيصاله معلومات سرية لإيران
وذكرت الصحيفة بأن أميركا اتهمت فيدان في العام 2010 بإيصال معلومات سرية من المخابرات الأميركية والإسرائيلية إلى طهران، في الفترة ذاتها التي شهدت هجوم إسرائيل على سفينة "مافي مرمرة" المتجهة لقطاع غزة في المياه الدولية، وعلى متنها نشطاء فلسطينيون وأتراك، ما أدى إلى مقتل 9 وتوفي آخر متأثراً بجراحه لاحقاً.
ولفتت إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية لا تخفي بأنها تعتقد بأن منظم رحلة أسطول المساعدة "أسطول الحرية" كان رئيس الوزراء حينها أردوغان، ووزير خارجيته حينها أحمد داوود أوغلو وفيدان الذي كان قد استلم لتوه رئاسة الاستخبارات، وكيف أن العلاقات بين جهاز استخباراته (MIT) والموساد فترت بشكل لافت مذاك.
وكتبت "شبيغل" أن إسرائيل أيضاً تشك منذ وقت طويل بأن فيدان يوصل معلومات سرية لإيران، فحذر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك أيهود باراك -بعد أشهر قليلة من واقعة "مافي مرمرة"- من فيدان في محادثات جانبية، وبعد أن انتشرت أقواله، استدعت الحكومة التركية السفير الإسرائيلي لتعترض على الأمر، معتبراً أن العلاقات بينهما قد تكون وصلت بشكل نهائي إلى أدنى درجاتها، جراء قضية خاشقجي.
وكان رونن بيرغمان الخبير في شؤون الاستخبارات الإسرائيلية في صحيفة يديعوت أحرونوت قد نقل مؤخراً عن مسؤول استخباراتي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنه يُأمل بأن تظهر تركيا نفس العزم في جمع معلومات عن حماس في البلاد، كما كان الحال مع قضية الصحافي السعودي المقتول.
وقالت شبيغل إن إسرائيل، القلقة من علاقات أنقرة الوثيقة مع حماس وإيران وصاحبة العلاقات الجيدة مع قطر، تريد منع إضعاف السعودية، التي تتشارك معها الخصوم في المنطقة وهما إيران وقطر، وتتنافس مع أردوغان على قيادة الدول السنية، مضيفة أن تركيا كانت الحليف الأهم لإسرائيل قبل 10 أعوام، وحلت السعودية مكانها الآن، لذا ليست لدى إسرائيل مصلحة في إضعاف ولي العهد بن سلمان جراء قضية خاشقجي.
وهكذا احتاج رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو قرابة شهر ليعلق على مقتل خاشقجي، قائلاً إن "ما حدث في قنصلية إسطنبول كان مروعاً، ويجب التعامل معه على النحو الواجب، من المهم جداً لاستقرار العالم.. أن تظل السعودية مستقرة".
وتنبأت شبيغل بأنه من غير المرجح أن تصطف تركيا إلى جانب إيران، وأن أردوغان ما زال راغباً في مد نفوذه في المنطقة، على أن يساعده رئيس استخباراته فيدان كما هو مفترض.