علاقة ترمب بالأمراء السعوديين ليست جديدة، فقد حجز غرف الفنادق وقاعات الاجتماعات لهم، وباعهم طابقاً كاملاً في أحد مبانيه، وفي لحظات من اليأس مر بها في حياته المهنية، جاء بملياردير منهم لشراء يخته وفندق بلازا الخاص به في نيويورك المطل على سنترال بارك.
يضيف تقرير صحيفة The Washington Post الأميركية أن العلاقات التجارية بين الرئيس دونالد ترمب والمملكة العربية السعودية طويلة وعميقة، وغالباً ما كان يتباهى بعلاقاته التجارية مع المملكة.
قال ترمب عندما كان يعلن عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية في برج ترمب عام 2015: "إنني أحب السعوديين والكثيرون منهم يتواجدون بهذا المبنى".
الآن تخضع هذه العلاقات للتمحيص في ظل مطالبات للرئيس الأميركي برد أكثر صرامة على حكومة المملكة بعد اختفاء أحد أبرز منتقديها؛ الصحفي والناشط جمال خاشقجي، وربما مقتله.
يضخون الأموال إليه والثقة بحياده تقل
قال والتر شوب، رئيس مكتب الأخلاقيات السابق في الحكومة الأميركية الذي يعمل مستشاراً لإحدى المنظمات الرقابية التي تقاضي ترمب بسبب علاقاته التجارية مع حكومة أجنبية: "إن السعوديين يضخون الأموال إليه". وهذا يقوِّض "الثقة في أنه سيفعل الشيء الصحيح عندما يتعلق الأمر بخاشقجي".
في أول زيارة خارجية له بعد توليه الرئاسة، توجه ترمب إلى السعودية العام الماضي، وأشاد بحاكمها الشاب الجديد وتباهى بعقد صفقة ببيع ما قيمته 110 مليارات دولار من الأسلحة الأميركية للمملكة.
لكن هذه العلاقات الوثيقة معرضة للخطر مع تزايد الضغوط التي يمارسها الكونغرس على الرئيس لمعرفة ما إذا كان خاشقجي قد قُتل وقُطّعت أوصاله بعد دخوله القنصلية السعودية في تركيا، كما قال مسؤولون أتراك دون تقديم دليل.
قال ترمب الجمعة 12 أكتوبر/تشرين الأول إنه سيتحدث قريباً مع ملك السعودية عن اختفاء خاشقجي. لكنه قال أيضاً إنه لا يريد إحباط صفقة أسلحة مربحة مع المملكة، وأشار إلى أن خاشقجي، وهو أحد المقيمين في الولايات المتحدة، ليس مواطناً أميركياً. من جانبها، وصفت السعودية مزاعم قتلها لخاشقجي أنها "بلا أساس".
علاقات تربط بين الرئيس والمليارديرات
تعود العلاقات التي تربط بين الرئيس والمليارديرات والأمراء السعوديين إلى سنوات خلت، ويبدو أنَّها لم تزدد إلا عمقاً.
عام 1991، وبينما كان ترمب على شفا إشهار إفلاسه ويسعى لجمع الأموال، باع يخته الذي يُدعى "Princess" الذي يبلغ طوله 86 متراً تقريباً إلى الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال مقابل 20 مليون دولار، وهو أقل بمقدار الثلث من الثمن الذي اشتراه به، حسب وصف التقارير.
بعد 4 سنوات، أنقذه الأمير مرة أخرى بانضمامه إلى مستثمرين آخرين في صفقة بقيمة 325 مليون دولار لشراء فندق بلازا الذي أصابه عجز مالي من ترمب.
وباع ترمب عام 2001 الطابق الـ45 بأكمله الكائن في مبنى برج ترمب الذي يقبع في الجهة المقابلة لمبنى الأمم المتحدة في نيويورك مقابل 12 مليون دولار، وهي أكبر عملية شراء تمت في هذا المبنى حتى لحظة كتابة هذه السطور، وفقاً لموقع السمسرة Streeteasy. والمشتري: المملكة العربية السعودية.
بعد فترة وجيزة من إعلانه الترشح للرئاسة، بدأ ترمب في تمهيد الطريق أمام إقامة أعمال جديدة محتملة في المملكة. فقد سجّل 8 شركات بأسماء مرتبطة بالمملكة، مثل "THC Jeddah Hotel Advisor LLC" و"DT Jeddah Technical Services"، وفقاً لتقرير الإقرار المالي المقدم إلى الحكومة الفيدرالية والذي صدر عام 2016.
وقال ترمب أثناء مؤتمر جماهيري في 21 أغسطس/آب عام 2015، وهو نفس اليوم الذي أسس فيه 4 من تلك الشركات: "إنني أستطيع التفاهم مع جميع السعوديين. فهم يشترون الشقق مني. ينفقون 40 و50 مليون دولار، هل تتوقعون مني أن أنقم عليهم؟ إنني أحبهم كثيراً".
وقالت شركة الرئيس، مؤسسة ترمب، بعد فترة وجيزة من انتخابه عام 2016، إنها أغلقت تلك الشركات السعودية. وتعهد الرئيس في وقت لاحق بعدم عقد أي صفقات أجنبية جديدة أثناء وجوده في منصبه.
وفي بيان صدر هذا الأسبوع، قالت الشركة إنها استكشفت الفرص التجارية في العديد من البلدان، لكنها "لا تملك أي خطط للتوسع في السعودية".
زبائن مربحون لفنادق ترمب
منذ أن أدى قسم المنصب، أصبحت الحكومة السعودية ومجموعات الضغط التي تعمل لحسابها زبائن مربحين لفنادق ترمب.
وأنفقت شركة علاقات عامة تعمل لصالح المملكة ما يقرب من 270 ألف دولار على الإقامة والخدمة في فندق ترمب في واشنطن بالقرب من المكتب البيضاوي خلال شهر مارس/آذار من العام الماضي، وذلك وفقاً لوثائق وزارة العدل. وقال متحدث باسم الشركة لصحيفة The Wall Street Journal إن المبالغ المدفوعة في فندق ترمب جاءت في إطار حملة ضغط مدعومة من السعودية ضد مشروع قانون يسمح للأميركيين بمقاضاة الحكومات الأجنبية المشاركة في هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية.
واتخذ المدعيان العموميان في ولاية ميريلاند ومقاطعة كولومبيا من هذه المبالغ التي دفعتها شركة الضغط السعودية مثالاً على الهدايا الأجنبية التي تلقاها الرئيس والتي يمكن أن تنتهك حظر الدستور لمثل هذه "المكافآت" المقدمة من مصالح أجنبية.
كان أفراد الحكومة السعودية أيضاً زبائن رئيسيين في فندق ترمب Trump International Hotel في نيويورك في وقت مبكر من هذا العام، وفقاً لتقرير لصحيفة The Washington . Post الأميركية.
واستشهدت الصحيفة برسالة داخلية من المدير العام للفندق، كتب فيها أنّ زيارة "في اللحظة الأخيرة" في مارس/آذار قام بها مجموعة من السعوديين جاؤوا برفقة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد عززت إيجارات الغرف في الفندق بنسبة 13% في أول 3 أشهر من السنة، بعد عامين من تردي الوضع.
وقد ساعدت السعودية كذلك في تحقيق واحد من وعود ترمب السياسية الرئيسية، وساعدت أصدقاء الرئيس على طول الطريق.
وفي العام الماضي، أعلنت السعودية عن خطط لاستثمار 20 مليار دولار في صندوق خاص بالبنية التحتية الأميركية وتديره شركة Blackstone، وهي شركة استثمارية يترأسها ستيفن شوارزمان. وأدت هذه الأخبار إلى ارتفاع أسهم شركة Blackstone. وفي وقت سابق من هذا العام، كشف ترمب عن خطة اتحادية بقيمة 200 مليار دولار لإصلاح المطارات والطرق والطرق السريعة والموانئ في البلاد، والاستفادة من الشركات الخاصة للحصول على المساعدة وبيع بعض البنى التحتية الأساسية المملوكة للحكومة.
رافق شوارزمان، الذي احتفل بعيد ميلاده السبعين في منتجع لاغو مار الخاص بالرئيس في ولاية فلوريدا، ترمب في زيارته للسعودية.