باتت المنطقة العازلة في محيط إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل بعد إتمام الفصائل المعارضة والجهادية سحب الجزء الأكبر منه، عشية انتهاء المهلة المحددة لذلك بموجب الاتفاق الروسي التركي وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء.
ويحدد اتفاق أعلنته موسكو وأنقرة الشهر الماضي، يوم غد الأربعاء، كمهلة أخيرة لإتمام كافة الفصائل سحب سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح التي تشمل أطراف محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة تحت سيطرة الفصائل المعارضة والجهادية، تقع على خطوط التماس مع قوات النظام.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن "المنطقة العازلة باتت شبه خالية من السلاح الثقيل عشية انتهاء المهلة المحددة لذلك".
وأنهت فصائل المعارضة المقربة من أنقرة، أمس الإثنين، سحب كافة أسلحتها الثقيلة من المنطقة المنزوعة السلاح، وفق ما أعلنت وكالة الأناضول التركية ومتحدث باسمها.
وحذت الفصائل الجهادية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) حذو الفصائل المعارضة في بدء سحب السلاح بشكل غير علني في عملية استمرت ليلاً، وفق المرصد السوري.
وأكد عبدالرحمن أن "غالبية السلاح الثقيل في المنطقة العازلة قد تم سحبه عملياً" ويتم التأكد من خلو المواقع المتبقية منه.
ولم تعلن هيئة تحرير الشام التي تسيطر مع مجموعات متشددة أقل نفوذاً على نحو ثلثي المنطقة العازلة أي موقف من الاتفاق الروسي التركي منذ صدوره.
ورجّح عبدالرحمن ألا تبادر الهيئة إلى "إصدار أي موقف أو تأكيد على سحب سلاحها الثقيل، على أن يحصل ذلك بحكم الأمر الواقع".
وشدد على أن "كافة الفصائل من معارضة وجهادية لا تستطيع أن تتحمل تبعات أي تصعيد قد ينتج عن عدم تطبيق بنود الاتفاق" الذي جنّب إدلب ومحيطها هجوماً واسعاً لوّحت به دمشق على مدى أسابيع.
وقال مصدر محلي مقرب من هيئة تحرير الشام لفرانس برس إن "الجميع اضطر للموافقة على هذه المبادرة (الاتفاق) على مضض لكي ينعم الأهالي بشيء من الأمن والأمان بعدما عانوا ولسنوات طويلة من همجية النظام وحلفائه".
وأكد أن سحب الهيئة وفصائل أخرى لسلاحها الثقيل يأتي بعد حصولهم على "تعهدات تركية بأنه ليس لدى روسيا أو النظام أو إيران نية بالانقلاب على الاتفاق، وأن وجود القوات التركية ونقاطها سيحول دون أي عمل عسكري" ضد مناطق سيطرتها.
وتقع على عاتق تركيا مهمة الإشراف على تنفيذ الاتفاق من جهة الفصائل، في خطوة توقع محللون أن تكون صعبة خصوصاً في ما يتعلق بالتنظيمات الجهادية، التي عليها كذلك أن تنسحب من المنطقة المنزوعة السلاح في مهلة أقصاها منتصف الشهر الحالي، بموجب الاتفاق.
كان أول فصيل سوري مقاتل، بدأ الأحد 30 سبتمبر/أيلول 2018، الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح في مناطق سيطرة الفصائل شمالي سوريا، وفقاً للاتفاق الروسي التركي، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويأتي الانسحاب غداة إعلان الفصيل السوري المعارض "جيش العزة" الذي ينشط تحديداً في ريف حماة الشمالي، في بيانٍ، رفضه الاتفاق في أول رفض علني يصدر عن تنظيم غير جهادي، بعدما كانت الجبهة الوطنية للتحرير (تحالف فصائل معارضة بينها حركة أحرار الشام) رحبت مطلع الأسبوع بالاتفاق، مع تأكيدها "عدم ثقتها" بالجانب الروسي.
إلا أن جماعات معارضة معتدلة في سوريا، قالت إن لديها ثقة متزايدة بأن خصومها من الجهاديين سيلتزمون بشرط مغادرة المنطقة منزوعة السلاح، التي أنشأتها تركيا وروسيا بموجب اتفاق حال دون تنفيذ الجيش السوري هجوماً بدعم من روسيا.
وينصّ الاتفاق الروسي التركي على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً، على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل، عند أطراف إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة، وتحديداً ريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي، وريف اللاذقية الشمالي.
ويتضمَّن الاتفاق الذي جنَّب إدلب، آخر معقل للفصائل، هجوماً واسعاً لوحَّت به دمشق، أن تسلِّم كافة الفصائل الموجودة في المنطقة العازلة سلاحَها الثقيل، بحلول 10 أكتوبر/تشرين الأول، وينسحب الجهاديون تماماً منها بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول، على أن تنتشر فيها قوات تركية وشرطة عسكرية روسية.