تسبب اندلاع الصراع في سوريا عام 2011، والذي سرعان ما تصاعدت وتيرته ليصير حرباً أهلية شاملة، في أضرارٍ بالغة للبلاد، وهو ما يمكن أن ينطبق أيضا على العراق. ولم يكن هناك بدٌ من استخدام الصور الليلية الملتقطة بالأقمار الاصطناعية من أجل تصوير حجم الدمار في سوريا وما تسببت به الحرب في العراق .
وأوضح تقرير لموقع Stratfor الأميركي، أنَّ الصور التي تبيّن استخدام الكهرباء ليلاً تشكل أداةً توضيحية يمكن استخدامها لتتبع الاتجاهات السكانية، وتطورات الأوضاع الاقتصادية، والتحولات الجيوسياسية.
من بين أشهر الأمثلة على هذا النهج، توجد مجموعة من الصور تسلط الضوء على التباينات الصارخة في استهلاك الكهرباء بين كوريا الجنوبية وجارتها الشمالية الأقل نمواً.
انخفاض كثيف لاستخدام الأنوار الليلية بسبب الصراع في سوريا
وتمثل الصورة أدناه استخدام الكهرباء في منطقة الشام بالشرق الأوسط عن طريق تصوير تطور كثافة استخدام الأنوار الليلية بين عامي 2010 و2016؛ نظراً إلى أنَّ ملايين من اللاجئين فرّوا بسبب الصراع في سوريا .
وفي ظل الحرب التي دمرت شبكة الكهرباء بالبلاد، انخفضت كثافة استخدام الأنوار الليلية في سوريا انخفاضاً حاداً بين عامي 2012 و2016.
والوضع لا يختلف كثيراً بعد الحرب في العراق
يمكن رصد ديناميكية مشابهة في مناطق محددة بالعراق. فمناطق التي عانت من الحرب في العراق التي استولى عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في عام 2014، وهي على وجه التحديد الأنبار وبعض المناطق بالشمال مثل الموصل، شهدت تراجعاً درامياً في كثافة استخدام الأنوار الليلية بين عامي 2012 و2016.
ويأتي التراجع نتيجةً لحملة التفجيرات التي نفذها التحالف ضد معاقل تنظيم داعش في هذه المنطقة، فضلاً عن الهجمات التي تُنفذ لاستعادة الأراضي التي استولى عليها التنظيم.
ما يُصعب من مساعي إعادة الإعمار
ويعرض انخفاض استخدام الكهرباء كذلك التحديات الهائلة أمام مساعي إعادة إعمار هذه المناطق في أعقاب الحرب في العراق ؛ إذ سوف تتطلب استعادة هذه الخدمات وضمان إمكانية الاعتماد عليها تكاليف باهظةً وكفاءةً من الحكومتين السورية والعراقية.
وبعد الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش بالعراق، قدَّرت الحكومة في العراق، على سبيل المثال، تكلفة إعادة الإعمار بمبلغ قد يصل إلى 100 مليار دولار.
وحتى الآن، جمعت العراق ملايين الدولارات التي تعهدت بدفعها بلادٌ مثل دول الخليج والولايات المتحدة من أجل إعادة الإعمار في المستقبل، وهي أموال لا تشكل سوى قطرة ماء من فيض الأموال المطلوبة لهذا الهدف.
مشكلة الكهرباء ليست جديدة في العراق
وفي غضون ذلك، واجه العراق اضطراباتٍ شعبية؛ بسبب نقص خدمات المياه والكهرباء. ويشكل غياب الخدمات الرئيسية في العراق وسوريا أيضاً تحدياً رئيسياً أمام القوى الخارجية التي لديها مصالح بهذين البلدين.
وضمن ذلك الدول التي ترغب في إعادة اللاجئين السوريين على أراضيها إلى بلادهم مع قرب انتهاء الصراع في سوريا ، وكذلك البلاد التي تريد أن ترى نهاية الحرب في العراق وحكومة أكثر استقراراً؛ وذلك لأسبابها الجيوسياسية الذاتية.
ومع تصاعد درجات الحرارة من كل عام يتناقص تجهيز الكهرباء للسكان، الأمر الذي يساعد في تنامي الغضب الشعبي ضد الحكومة.
ومنذ عام 2003، خصصت الحكومات المتعاقبة أكثر من 40 مليار دولار لهذا القطاع الذي بات يؤرق حياة العراقيين، إلا أنهم لا يزالون يعتمدون بشكل كبير على مولدات كهربائية خاصة تتقاضى أضعافاً من الأجور الحكومية.
وفي عام 2012، تسلّم نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، منصب وزير الكهرباء بالوكالة بعد استقالة الوزير رعد شلال، وتعهد بأن العراق سيصدر الطاقة الكهربائية إلى دول الجوار خلال عام 2013، الأمر الذي بات العراقيون يعتبرونه مزحة.
وانطلقت موجة الاحتجاجات الأخيرة في الـ8 من يوليو/تموز 2018 من مدينة البصرة، ثم امتدت إلى عدد من المدن العراقية.
ومنذ عام 2015، تخرج تظاهرات ضد الفساد كل جمعة في العاصمة العراقية، ينظمها مؤيدون لتحالف "سائرون" غير المسبوق بين الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر والشيوعيين، والذي حل أولاً في الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 مايو/أيار 2018.
دول الخليج قد تصدّر فائض الكهرباء إلى العراق
قال مسؤول إماراتي الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إن الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي بدأت محادثات مع العراق للربط الكهربائي مع شبكته.
وقال مطر النيادي، وكيل وزارة الطاقة والصناعة الإماراتية لـ"رويترز": "هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي تدرس مع السلطات العراقية ربطاً كهربائياً بمحافظة البصرة في جنوب العراق".
وذكر النيادي على هامش مؤتمر في مدينة مراكش المغربية، أن مجلس التعاون الخليجي قد يصدّر فائضه من الكهرباء. وأضاف أن مجلس التعاون الخليجي ينتج 100 غيغاوات سنوياً، لا يُستهلك منها إلا 30% في فصل الشتاء.
وأشار المسؤول الإماراتي إلى أن مجلس التعاون الخليجي يدرس أيضاً ربطاً كهربائياً مع منطقة القرن الإفريقي وشبه الجزيرة الهندية، دون الخوض في تفاصيل.