وجه هجوم دامٍ على عرض عسكري للحرس الثوري الإيراني، ضربة قاسية للمؤسسة الأمنية في إيران، التي دأبت على القول إن باستطاعتها التصدي لأي تهديد بغض النظر عن حجمه، حتى إن كان من الولايات المتحدة وحليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط إسرائيل.
وأظهر هجوم أمس السبت 22 سبتمبر/أيلول 2018، وهو أحد أسوأ الهجمات التي يتعرض لها الحرس الثوري، أن هذه القوة الإيرانية التي تقع تحت إمرة الزعيم الأعلى آية "الله علي خامنئي" مباشرة، يمكن أن تكون عرضة لعمليات على طريقة حرب العصابات.
وتمتعت إيران باستقرار نسبي مقارنة بجيران عرب لها عانوا اضطرابات سياسية واقتصادية بعد انتفاضات شعبية عام 2011.
من المسؤول؟
ألقت إيران باللوم في الهجوم على الولايات المتحدة وجيران عرب لها في الخليج. لكنها لم تقدم أدلة، فيما أعلنت حركة معارضة من أصول عربية في إيران، وتدعى منظمة "المقاومة الوطنية الأحوازية"، مسؤوليتها عن الهجوم. وتسعى المنظمة لتأسيس دولة مستقلة في إقليم خوزستان الغني بالنفط.
كما تبنى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هجوم أمس، وأعلن في السابق مسؤوليته عن هجوم على البرلمان الإيراني، وضريح آية "الله روح الله الخميني" مؤسس الجمهورية الإسلامية في 2017 مما أسفر عن سقوط 18 قتيلاً. ولم تقدم الحركة والتنظيم دليلاً على ضلوعهما في هجوم العرض العسكري.
ولدى جماعات عربية معارضة قائمة طويلة من المظالم ضد زعماء إيران ويتنامى شعورها بالإحباط. والهجوم الذي وقع في مدينة الأهواز عاصمة إقليم خوزستان المتاخم للعراق، يعيش فيه معظم أبناء الأقلية العربية في إيران.
وتشعر هذه الأقلية بالإهمال منذ وقت طويل من قبل الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الفرس في طهران.
وتعاني المنطقة كثيراً وعلى نحو خاص من المشاكل الاقتصادية التي تواجه الجمهورية الإسلامية ككل، ويصل معدل البطالة في خوزستان إلى 14.5 في المئة أي أعلى من المعدل الوطني وهو 11.8 في المئة.
بعد استهداف عرض عسكري للحرس الثوري الإيراني.. تعرَّف على حكاية عرب الأهواز مع الجمهورية الإسلامية
وتفاقمت ظروف المعيشة المتدنية بسبب انقطاع الكهرباء وجفاف حاد، وهو ما يلقي السكان باللوم فيه على سوء الإدارة من قبل الحكومة المركزية. واضطر سكان الأهواز إلى البقاء في منازلهم خلال بعض الأيام بسبب عواصف رملية عاتية مرتبطة بالجفاف خلال العام المنصرم.
واستفادت جماعات معارضة مسلحة من هذا الاستياء، في محاولة لحشد التأييد لأفعالها التي اشتملت على مهاجمة خطوط أنابيب للنفط في المنطقة، فيما يقول نشطاء في مجال الحقوق المدنية إن هذه الهجمات العنيفة تقوض جهودهم السلمية لمساعدة السكان المحليين وتؤدي إلى اعتقالات على نطاق واسع.
وتشكو أقليات كالأكراد في غرب إيران والبلوخ في جنوب شرق البلاد من إهمال الحكومة المركزية. واشتبكت جماعات كردية معارضة مسلحة مع الحرس الثوري في منطقة الحدود مع العراق خلال الشهور القليلة الماضية مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من الطرفين.
وفي مطلع سبتمبر/أيلول الجاري أطلق الحرس الثوري سبعة صواريخ على قاعدة لجماعة كردية معارضة في شمال العراق مما أسفر عن سقوط 11 قتيلاً على الأقل.
الهجوم يضعف روحاني
مثل هذه الهجمات توحد الإصلاحيين والمحافظين في إيران رغم الخلافات الحادة بشأن السياسات الداخلية والخارجية.
ودفع الرئيس حسن روحاني النفوذ الاقتصادي والسياسي للحرس الثوري إلى التراجع خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه بعد هجوم الأهواز، سيكون من الصعب على روحاني تحديهم.
ويقول محللون إن العنف عزز الدعم للحرس الثوري وهو ما سيستغله على الأرجح لإسكات منتقديه وبينهم روحاني.
كما سيقوي قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي، المبرم بين إيران وقوى عالمية، شوكة المحافظين إذ أنهم طالما قالوا إنه لا تجب الثقة في الولايات المتحدة.
كيف سيتصرف الحرس الثوري؟
قال قادة كبار إن هجوم الأهواز نفذه متشددون دربتهم دول خليجية عربية وإسرائيل ودعمتهم الولايات المتحدة. ولكن من غير المرجح أن يرد الحرس الثوري على هؤلاء الخصوم بشكل مباشر.
وسيلجأ على الأرجح لاستعراض القوة بإطلاق صواريخ على جماعات تنشط في العراق أو سوريا ربما تكون على صلة بالمسلحين الذين نفذوا الهجوم.
وبعد أيام من الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة الإسلامية في طهران عام 2017، أطلق الحرس الثوري صواريخ على جماعات متشددة في شرق سوريا. وعقب سلسلة من الاشتباكات مع جماعات معارضة كردية في الشهور الأخيرة أطلق الحرس الثوري صواريخ على قاعدة للمعارضة الكردية في شمال العراق في بداية سبتمبر/أيلول.
ومن المرجح أن يطبق سياسة أمنية صارمة في إقليم خوزستان في المستقبل القريب ويعتقل أي معارضين محليين محتملين بما في ذلك نشطاء الحقوق المدنية.