في أعماق غابات سلوفاكيا، درّبت القوات الخاصة الروسية (سبيتسناز) شباباً من المجموعة شبه العسكرية اليمينية المتطرفة المسماة Slovak Conscripts. في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2014، ذهب بعض شبه العسكريين المستجدين هؤلاء للقتال مع القوات الروسية بشرق أوكرانيا، في حين ظل آخرون بوطنهم لإحداث اضطراب ضد "الناتو" باعتبارهم "منظمة إرهابية".
أما في شوارع مدينة مارسيليا الفرنسية، فقد هاجم مشاغبو كرة القدم الروس، الذين يرسمون أوشاماً تحمل الحروف الأولى من اسم جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU)، بوحشية، مشجعي كرة القدم الإنكليز في يونيو/حزيران 2016؛ ما أدى إلى إرسال العشرات منهم إلى المستشفى غارقين في دمائهم. اعتُقل ألكسندر شبريغن في أثناء الشجار وجرى ترحيله من فرنسا، وهو مثير للشغب قومي متطرف ورئيس اتحاد المشجعين الروسAll-Russian Union of Supporters (وهو عبارة عن نادٍ لمشجعي كرة القدم، يزعم ألكسندر أنَّه أُسس بناءً على أوامر من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي).
وفي مقبرة Fiumei Road ببودابست في مايو/أيار 2017، انطلقت عصابة دراجات نارية روسية تحمل أعلاماً حمراء عملاقة، تُظهر المطرقة والمنجل رمز الاتحاد السوفييتي، في طريقها إلى نصبٍ تذكاري للحرب العالمية الثانية. وفي مشهد متناقض إلى حد ما، نزل سائقو الدراجات أصحاب الأوشام برفقة دبلوماسيين من السفارة الروسية يرتدون بدلات مخططة، عن درجاتهم ليضعوا زهور القرنفل الحمراء أمام النصب التذكاري، ثم نُشر مقطع فيديو لهذا الحدث على الإنترنت.
الروس ينتشرون بين دوائر غريبة!
يبدو الأمر غريباً إلى حد يصعب تصديقه، لكن هذا ما نقله موقع Atlantic: استغلال نوادٍ للقتال، ومثيري الشغب من النازيين الجدد، وعصابات الدراجات النارية لتعمل كقنوات لعمليات زيادة نفوذ الكرملين الهادفة إلى التأثير على عملية اتخاذ القرار في الدول الغربية. يبدو الأمر أشبه بحلقة من مسلسل The Americans مضافاً إليها أحد أفلام سلسلة Mad Max وفيلم Fight Club مدمجة معاً. هذا هو ما يحدث بالفعل في أوروبا وأميركا الشمالية؛ إذ تستغل أجهزة الاستخبارات الروسية الشباب الغاضبين والمتطرفين بهدف تقويض الديمقراطيات الغربية من الداخل. ولا يقتصر الأمر على العالم الافتراضي (أي الإنترنت) فقط؛ بل شمل الحياة الحقيقية أيضاً.
يكمن جزء من جاذبية تلك الاستراتيجية في غرابتها المطلقة. قد يبدو من غير المعقول أن تُجند أجهزة الاستخبارات الروسية أو تحرّض حليقي الرأس أو المنبوذين اجتماعياً على أعمال متطرفة في الغرب. قد يدّعي الكرملين بسهولةٍ أنَّه بغض النظر عن العلاقات الموجودة بين المجموعات اليمينية المتطرفة في روسيا والغرب، فهي تحدث تلقائياً وليس للدولة الروسية صلة بها.
لكن سواء كانوا الوطنيين المتطرفين من الصرب في دولة الجبل الأسود أو النازيين الجدد في دولة المجر، فقد كُشف الستار بالفعل عن تورط أجهزة الاستخبارات الروسية في كثير من الوقائع. قدّمت حرب روسيا المستمرة في شرق أوكرانيا، والتي شُنّت باستخدام وكلاء انشقاقيين في ظل القيادة والسيطرة الصارمتين للجيش الروسي، أرضاً ملائمة لتجنيد المتعصبين اليمنيين المتطرفين من البرازيل وحتى روسيا البيضاء.
لأن روسيا تخوض حربًا سرية ضد الغرب
بعدما سرَّع الكرملين من وتيرة حربه السرية ضد الديمقراطيات الغربية في أعقاب غزوه أوكرانيا، كثفت أجهزة الاستخبارات الروسية من "تدابيرها الفعالة" (في لغة الاستخبارات الروسية، تشير كلمة aktivnyye meropriyatiya أو "التدابير الفعالة" إلى نطاق واسع من التأثير السري و/أو عمليات التخريب) عن طريق مجموعات اليمين المتطرف والجماعات المتطرفة. تعمل تلك المجموعات كوكلاء مثاليين غير مقصودين لتحقيق أهداف موسكو المزدوجة المتمثلة في زعزعة استقرار المجتمعات الغربية واستغلال المشروعات التجارية والنخب السياسية الغربيين.
وعن طريق تعزيز الروابط مع مجموعات متطرفة منتمية إلى اليمين المتطرف وأحياناً اليسار المتطرف، طوَّر الكرملين بدائل محلية ملائمة يمكنها تقوية نقاط التحدث حتى مع تعزيز المتصيدين الروس للروايات المثيرة للخلاف مثل الجماعات المنتشرة عبر الإنترنت.
ومع ذلك، من الخطأ اعتقاد أنَّ الشراكة بين الكرملين وتلك المجموعات هي علاقات قائمة على المصالح؛ لأنَّ العديد منها تكون شراكات تقوم في الأصل على كُره مشترك تجاه الديمقراطية الليبرالية والرغبة في تقويضها.
لا يبدو تجنيد الكرملين جماعات حليقي الرأس، وعصابات الدراجات النارية، ومثيري الشغب من مشجعي كرة القدم، ومقاتلي الشوارع، عادةً، موجهاً لإطاحة الحكومات الديمقراطية باستخدام السلاح. في كثير من الأحيان، يبدو تجنيد الجماعات اليمينية المتطرفة وعمليات غسل دماغها والتلاعب بها يهدف إلى نشر الفوضى السياسية في الديمقراطيات الغربية وتدمير المؤسسات الديمقراطية وإضعافها. ولكن في بعض الأحيان، مثلما هو الحال في أوكرانيا، يمكن لهؤلاء الوكلاء العمل مباشرة من أجل دعم عمليات الكرملين.
وهم يؤسسون عصابات من أجل هذا الغرض
يُعتبر ألكسندر زالدوستانوف -وهو رجل طوله 90 سم تقريباً- شخصيةً مهيبةً في روسيا، وهو في الأصل جرّاح أسنان سابق تميَّز بشعر أشعث يصل إلى كتفيه ولحية صغيرة، لكنه أصبح الآن قائداً لعصابة الدراجات النارية الروسية التي تُسمى "ذئاب الليل". عادةً ما يظهر زالدوستانوف مرتدياً الملابس المعتادة لسائقي الدراجات من الجلد الأسود، وهو شخصية معروفة في روسيا: تولى دور حامل المشعل في الألعاب الأولمبية الشتوية 2014 التي أقيمت في مدينة سوتشي، وحصل على وسام الشرف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ لدوره في "التربية الوطنية للشباب". وباعتباره قومياً متَّقداً، يحاول زالدوستانوف إثارة روح الإمبريالية الرومانسية والغزو على غرار فرسان القوزاق الروس في روسيا، فضلاً عن إثارة التمرد المناهض للثقافة المصمم لاستمالة الشباب وجيل الألفية من الروس. تستند "أيديولوجية" التوحيد التي تؤمن بها جماعة ذئاب الليل، بقدر ما هي موجودة، إلى ازدراء الغرب، المصوَّر على أنَّه واهن وفاسد ولا أصل له وفاسق. قال زالدوستانوف في مرة ما، إنَّ "الموت للمثليين" سيكون شعاراً مناسباً للجماعة "المناهضة للثورة الملوَّنة" التي أسسها بمشاركة السياسي الوطني المتطرف نيكولاي ستاريكوف وغيره.
بعد وصول زالدوستانوف إلى مدينة سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم في فبراير/شباط 2014، تولى مسؤولية انفصال ذئاب الليل وأنشأ حواجز حول المدينة. بعد عدة أسابيع، ساعد راكبي الدراجات النارية في اقتحام مقرات القوات البحرية الأوكرانية؛ لإجبار القوات المحاصَرة في الداخل على الاستسلام، ما يمثل نقطة تحوُّل حاسمة في العملية شبه السرية التي تقودها روسيا لضم شبه الجزيرة. أتى هذا الدور العملياتي لذئاب الليل في عملية السيطرة المسلحة تلك في المرتبة الثانية بعد "الرجال الخُضر" سيئي السمعة، وهم قوات للعمليات الخاصة الروسية لا يحملون شارات. وعلى الرغم من أهمية العمليات النفسية التي تنفذها أجهزة المخابرات الروسية، فقد كانت جماعة الذئاب الليل تتولى الدور القيادي بها.
ووسائل الإعلام الروسية تدعم الأنشطة الإجرامية للعصابات
صوَّرت وسائل الإعلام الروسية الحكومية وبعض الصحافيين الغربيين الذين حذو حذوها ذئاب الليل بصفتهم مواطنين محليين وطنيين يتصرفون بشكل عفوي دعماً للانقلاب الروسي، مستمتعين بمجرى القصة المثيرة والصور المرفقة ولقطات الفيديو لراكبي الدراجات النارية ذوي الأوشام. كانت رواية الكرملين بأنَّهم "رجال أقوياء" يتولون الأمور بأنفسهم مدارة بتسلسل مُحكم يهدف إلى صرف الانتباه عن القصة التي لم يرغب الكرملين في أن تروى: الهجوم المنسق للجيش الروسي على أوكرانيا.
على الرغم من أنَّ الطبيعة الصارمة لعلاقات ذئاب الليل بأجهزة المخابرات الروسية لا تزال غامضة بعض الشيء، تعتقد الحكومة الأميركية أنَّ العمليات التي نفذتها العصابة في القرم، بدءاً من فبراير/شباط وحتى مارس/آذار 2014، كانت منسَّقة بشكل وثيق مع جهاز المخابرات العسكرية الروسي. عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ذئاب الليل في ديسمبر/كانون الأول 2014، أشارت وزارة الخزانة الأميركية في بيان صحافي، إلى أنَّ "جماعة ذئاب الليل كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأجهزة الخاصة الروسية". عدّد البيان أنشطة العصابة الهادفة إلى دعم الاستيلاء على شبه جزيرة القرم، وضمن ذلك أعمال الترهيب والأنشطة الإجرامية، والاختطاف، واقتحام محطة لتوزيع الغاز، وتجنيد أفراد من نظام فيكتور يانوكوفيتش من أوكرانيا.
مع ذلك، تبدو العلاقة بين جماعة ذئاب الليل والكرملين واضحة للعيان بالفعل. التقى بوتين راكبي الدراجات مرات عديدة منذ عام 2009، وقد ركب بنفسه دراجة من طراز هارلي ديفيدسون ذات العجلات الثلاث، وكان يقودها إلى جانبهم في مدينة نوفوروسيسك التي تُعد ميناءً ضخماً في أغسطس/آب عام 2011. (رغم ذلك، لا يمكنك منع نفسك من التساؤل عن سبب اختياره الدراجة). مهما كان الدفاع الأساسي وراء تأسيس نادي ذئاب الليل، فقد تحول بشكل كامل عام 2010. أبدى الاستراتيجي السياسي لدى الكرملين فلاديسلاف سوركوف، الذي أشرف فيما بعد على العمليات السرية الروسية في شرق أوكرانيا، تأييداً لفكرة استغلال ذئاب الليل كعرض مُعادٍ للغرب لشحذ المشاعر القومية الروسية، وفقاً لبيتر بومرنتسيف وهو خبير في حرب المعلومات الروسية. كما أفادت تقارير بأنَّ سوركوف هو المسؤول عن منح ذئاب الليل الزخم الإعلامي بإذاعة عروضهم في أعلى الأوقات مشاهدة على التلفزيون الروسي، ليحول نادي راكبي الدراجات المجهول إلى اسم مألوف.
والكرملين قريب للغاية من هذه العصابات
بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، تضمنت أحد "عروض" ذئاب الليل المناسِبة للأطفال (التي يدعمها الكرملين) شخصيات روسية تعصف بالولايات المتحدة لتهديدها روسيا بفرض عقوبات، وتتباهى بالأسلحة النووية التي تمتلكها بلادها، وتشجب "غباء" الغرب. في الوقت الحالي، غالباً ما تقدم ذئاب الليل عروضاً شبيهة بالحفلات في جميع أنحاء روسيا والتي تتضاعف أعدادها مثل التجمعات القومية والحفلات على شاكلة تلك التي تقدمها شركة Cirque du Soleil، والتي يبيعون من خلالها معدات الدراجات النارية التي تحمل العلامات التجارية ويسوقون لخط ملابس خاص بهم.
ومع توطيد علاقاتهم بأجهزة الاستخبارات الروسية بعد عملية شبه جزيرة القرم، وسّعت جماعة ذئاب الجبل نشاطها إلى عدد من البلدان الأوروبية. موَّل الكرملين زيارة ذئاب الجبل، في مارس/آذار 2018، إلى الكيان البوسني بجمهورية صرب البوسنة، بمنحةٍ قدرها 41 ألف دولار، وفقاً لصحيفة New York Times الأميركية، وكان لتلك الزيارة هدف جيوسياسي واضح: تقديم دعم واضح لميلوراد دوديك رئيس جمهورية صرب الموالي للكرملين، وتقديم الدعم الضمني لمطالباته بانفصال جمهوريته عن باقي جمهورية البوسنة والهرسك. (من شأن الانفصال أن يؤدي إلى تفكك دولة البوسنة والهرسك الهشة متعددة الأعراق ويحول دون عضويتها في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وهو هدف رئيسي من أهداف الكرملين في السياسات الخارجية). خارج جمهورية صرب البوسنة وصربيا، يُنظر إلى ذئاب الليل بعين الشك، إن لم يكن بعدوانية صريحة. منعت البلطيق وجورجيا وأوكرانيا وبولندا ذئاب الجبل من دخول أراضيها، وتمكنت من فهم مهماتهم المتمثلة في إثارة المشاحنات والفوضى داخل المجتمعات الغربية نيابة عن الكرملين. أطلق رئيس سلوفاك، آندريه كيسكا، مؤخراً، على ذئاب الجبل اسم "أداة نظام بوتين" و"تهديد أمني خطير" على سلوفاكيا.
على الرغم من أنَّ بعض الدول الغربية حظرت أعضاء ذئاب الليل الروس عن طريق وضعهم على القوائم السوداء للتأشيرة، فهم غير قادرين على منع مواطنيهم من تشكيل فروع محلية لذئاب الجبل. ومثل تلك الفروع موجودة في أوكرانيا وسلوفاكيا ولاتفيا وبلغاريا وجمهورية مقدونيا وألمانيا وصربيا والبوسنة. تخضع معظم تلك الفروع لسلطة مهاجرين روس، ومن المحتمل أن يكون الكثير منهم مواطنين مزدوجين. في الولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة Miami Herald الأميركية، فقد أسس سفياتوسلاف مانغوشيف وهو عميل سابق بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، نادياً لراكبي الدراجات في جنوب فلوريدا أطلق عليه اسم "سبيتسناز" والذي أُسس على غرار نادي ذئاب الليل.
ذئاب الليل.. من موسكو إلى فلوريدا
في عام 2014، أي في السنة نفسها التي قاد فيها ذئاب الليل هجمات مسلحة للاستيلاء على شبه جزيرة القرم، رفع أحد أعضاء نادي سبيتسناز عريضة إلى مقر ذئاب الليل في موسكو للحصول على إذن إنشاء نادٍ فرعي لذئاب الجبل بصورة رسمية في الولايات المتحدة. ووفقاً لصحيفة Miami Herald، كان أحد شركاء مانغوشيف في ذلك الوقت مسؤولاً حكومياً روسيّاً استثمر ما يقرب من 8 ملايين دولار في عقارات بجنوب فلوريدا (على الرغم من أنَّ امتلاكه رأس المال يكفي لمثل تلك الاستثمارات بالنظر إلى أن راتبه الحكومي لا يزال غامضاً). أما اليوم، لم يعد نادي الدراجات النارية سبيتسناز موجوداً، ربما نتيجة الانتباه الإعلامي الكبير الذي حظي به. ولكن الأمر المثير للفضول، المتمثل في وجود نادٍ لراكبي الدراجات النارية موالٍ للكرملين في جنوب فلوريدا، يوضح كلاً من الطبيعة الانتهازية للعمليات السرية لزيادة نفوذ روسيا وانتشارها على نطاق واسع.
لكي نفهم كيف جنَّدت أجهزة الاستخبارات الروسية المجموعات اليمينية المتطرفة، لا يحتاج المرء إلا النظر في قضية الجبل الأسود، حيث تزعم الحكومة أنَّ جهاز المخابرات العسكرية الروسي سعى إلى تنظيم انقلاب لاغتيال رئيس الوزراء وزرع الفوضى في أثناء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2016. ووفقاً للمدعي العام الخاص في الجبل الأسود الذي يتولى التحقيق في قضية الانقلاب، فقد شملت خطة جهاز المخابرات العسكرية استخدام الهجمات الإلكترونية للتسلل إلى تطبيقات الرسائل الشهيرة مثل فايبر وواتساب ونشر إشاعات كاذبة، مفادها أنَّ تعداد الأصوات زوّره الحزب الحاكم. يزعم المدّعون أنَّ جهاز المخابرات العسكرية استخدم هذا التضليل لحشد المتظاهرين في الشوارع. بعد ذلك، ظهرت مجموعة من المرتزقة المستأجَرين يرتدون زي الشرطة بالجبل الأسود واقتحموا مبنى البرلمان، وأضرموا النيران في المتظاهرين لزرع الفوضى والفتنة. وخلال الاضطراب الذي أعقب ذلك، كان من المفترض اغتيال رئيس الوزراء؛ لترك النظام هائماً على وجهه.
ولإخفاء مشاركتها في مثل هذه العملية الفجة ضد بلد أصبح للتو عضواً بـ"الناتو"، لجأ جهاز المخابرات العسكرية -كما أوردت التقارير- إلى مجموعة يمينية متطرفة لتنفيذ الهجوم الذي خططت له. ويزعم ألكسندر سنديليتش، وهو شاهد متعاون مع الحكومة في القضية، أنَّه كان أحد مخططي العملية الرئيسيين. وقد ذكر سنديليتش ضابطي مخابرات روسيين بالاسم، قال إنَّهما كانا مسؤولين عن إدارة وتمويل هذه المؤامرة، وأفاض سنديليتش في وصف تفاصيل العملية. وسنديليتش، المطلوب على ذمة اتهامات بارتكاب جريمة قتل في كرواتيا، هو قوميّ صربيّ متطرف كان قد قاتل تحت لواء القوات الموالية لروسيا في أوكرانيا.
وكان سنديليتش في وطنه الأم صربيا، عضواً في الفرع الصربي المحلي لنادي ذئاب الليل للدراجات النارية. ولدى شركائه في المؤامرة تاريخ مماثل حيث أنَّهم قوميون متطرفون وكان العديد منهم إما مجرمين صغار أو جنوداً مشاة لدى مجموعات الجريمة المنظمة في المنطقة. وبعد إعلان جمهورية الجبل الأسود عن المؤامرة المزعومة، توجه نيكولاي باتروشيف، مستشار الأمن القومي لبوتين، على الفور إلى بلغراد لإخراج العناصر الهاربة من صربيا. وقد عاد الرجلان، إدوارد شيشماكوف وفلاديمير بوبوف، إلى موسكو في اليوم التالي لزيارة باتروشيف. وهما الآن يحاكمان غيابياً، إلى جانب اثني عشر فرداً محتجزين في الجبل الأسود، ولم تنته المحاكمة بعد. وفي هذه الأثناء، شكك الرئيس دونالد ترمب علناً، في أعقاب لقائه مع بوتين في هلسنكي، في مدى أهمية التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الجبل الأسود حال تعرضها لهجوم بلرغم من كونها عضواً في حلف الناتو.
أندية الفنون القتالية.. مساحة أخرى لعمل المخابرات الروسية
تقدم أندية القتال الروسية مثالاً آخر على مدى قدرة أجهزة المخابرات الروسية على استغلال المجموعات التي لا تمثل تهديداً ولا تتبع الكرملين. فهناك نوعٌ خاصٌ من أندية الفنون القتالية خصص للتدريب على فن القتال ٍSystema الذي له جذوره في روسيا العصور الوسطى ويحظى بشعبية لدى القوات الخاصة الروسية. يعتمد فن القتال Systema على الارتجال والليونة، وهو أقل تقيداً بقواعد محددة من الجودو أو الكاراتيه، وهو مصمم لإصابة الخصم بأقصى قدر من الألم والضربات القاتلة. وبصرف النظر عن طبيعة توجهات هواة هذا الفن القتالي، فأندية Systema لا تختلف بتاتاً في طريقة عملها عن أندية الجودو أو الكاراتيه المعتادة، فهي تقدم دروساً ودورات تدريبية في روسيا والعديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.
في الغرب، لا يختلف جوهر غالبية أندية Systema عما تبدو عليه، ومع ذلك، ووفقاً لتحريات أجراها مراقبو الاتحاد الأوروبي، تبين أنَّ عدداً من أندية القتال في أوروبا وأميركا الشمالية تتحدث علناً عن صلاتها بالقوات الخاصة الروسية، بل وتستخدم شارات جهاز المخابرات العسكرية الروسي أو جهاز الأمن الفيدرالي الروسي في موادها الترويجية. وهذه الأندية تستهدف المغتربين ذوي الميول القومية مثل المحاربين القدامى، وتعمل على نشر ثقافة فرعية روسية قومية معينة تمجد أعمال المخابرات، ومن تلك الأندية نادي سبيتسناز في جنوب فلوريدا. ويسافر العديد من ممارسي فن القتال Systema بانتظام إلى روسيا لتلقي تدريبات متقدمة.
ويزعم بوريس ريتشتشستر، وهو خبير ألماني كتب على نطاق واسع عن أندية فن قتال Systema في أوروبا، أنَّه حتى لو كانت الغالبية العظمى من الأعضاء هم عشاق عاديون لهذا الفن القتالي، فجهاز المخابرات الروسي يستخدم هذه المجموعات بفعالية لتجنيد العملاء. ويستشهد ريتشتشستر بتقديرات وكالة استخبارات غربية أنَّه في ألمانيا وحدها، اُستغلت أندية فن قتال systema لتجنيد ما بين 250 و300 عميل.
ولكن في مثل هذه الحالات، قد يكون مصطلح "عميل" مضللاً إلى حد ما. ففي حين أنَّ أندية فن قتال systema قد تضم عملاء للمخابرات الروسية بالمعنى التقليدي للمصطلح (أي، ضباطاً يؤدون واجبهم الوظيفي)، فهناك آخرون كثر أقرب إلى كونهم "عملاء ذوي تأثير" وهؤلاء لا يحملون رتباً عسكرية أو ينتمون بشكل رسمي للمخابرات الروسية. ولا يُستخدم العملاء ذوو التأثير هؤلاء عادة للوصول إلى المعلومات السرية، وكثير منهم لا يدرك أنَّه أداة في يد جهاز مخابرات أجنبي.
إذا كانت بعض أندية القتال الروسية في أوروبا وأميركا الشمالية تؤوي جزءاً صغيراً من العملاء المنتمين لجهاز المخابرات العسكرية الروسي الذين يستخدمون هواة قتال الشوارع ليدفعوا برسالة مناهضة للغرب (ومؤيدة لروسيا)، فقد لا يختلف نشاطهم كثيراً عن مخترقي الإنترنت الذين يعملون لصالح وكالة أبحاث الإنترنت في روسيا. والفرق الرئيسي هو أنَّ التلقين والتجنيد يجريان على أرض الواقع وليس عبر الإنترنت.
إذا كنت أحد هؤلاء.. فقد تكون مفيدًا للكرملين
إنَّ أعضاء الجماعات التي تميل إلى العنف مثل النازيين الجدد، وحليقي الرؤوس، ومثيري الشغب في كرة القدم، والجماعات المشابهة الأخرى من اليمين المتطرف، مؤهلون دون إدراك منهم ليكونوا عملاء مؤثرين لدى الكرملين الذي قد يستخدمهم كأداة لتقويض المؤسسات الديمقراطية الغربية. يستخدم الكرملين جماعات اليمين المتطرف لعدد من الأسباب. أولاً، يمكن التلاعب بهذه الجماعات وتدريبها من خلال الشبكات الاجتماعية، مما يجعلها أهدافاً مغرية لمنظمات مثل وكالة أبحاث الإنترنت، والتي يستطيع من يعملون لديها من مخترقي الإنترنت حشد أعضاء تلك المجموعات برسائل معدة بمهارة. ثانياً، من المرجح أن تنجذب هذه الجماعات إلى أيديولوجية الكرملين المتمثلة في "القيم الروسية التقليدية"، خاصة أنَّها تتناقض مع القيم الليبرالية الغربية مثل الحقوق الفردية والتسامح والتعبير عن الذات.
يمكن بسهولة اجتذاب الجماعات اليمينية إلى المدار الروسي من خلال خطابات مناهضة للمهاجرين، ولمجتمع الميم، وللحركات النسوية، وعن طريق ترويج روايات تشدد على النظرة الجماعية القبلية ورؤية العالم من منظور عنصري بحت.
وأخيراً، فإن اليمين الغربي المتطرف يجذب انتباه الكريملين، ليس فقط لأنَّه يزوده بمجموعة من المجندين -غالباً من الشباب البيض الساخطين- وظيفتهم إثارة اضطرابات اجتماعية، ولكن لأنه أيضاً بمثابة ستار لإقامة علاقات مع الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة والسياسيين المناهضين للمؤسسات. ينظر الكرملين إلى مثل هؤلاء السياسيين -مثل مارين لو بان في فرنسا، فراوكي بيتري في ألمانيا، وماتيو سالفيني في إيطاليا- على أنهم وسائل التدمير التي يمكن استخدامها في هدم المؤسسات الديمقراطية وتحدي دعم المؤسسة السياسية لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي والعلاقات عبر الأطلسي. وبالرغم من أنَّ جهود الكرملين لإشراك السياسيين الغربيين هي نقطة خارج موضوع هذا المقال، فهي السبب الرئيسي وراء المساعي التي تبذلها روسيا لدعم الجماعات المتطرفة في الغرب.
لكن لأسباب واضحة، يحاول الكرملين إخفاء دعمه للجماعات اليمينية المتطرفة، سواء في روسيا أو في أي مكان آخر. وعرض فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) حول مثيري الشغب من مشجعي كرة القدم الروس الذين ينتمون إلى النازيين الجدد تسجيلاً سرياً لزعيم أولتراس نادي سبارتاك الروسي في موسكو يصرّح فيه بأنَّ العدد الكبير من أتباعه كانوا بمثابة "الجنود المشاة لبوتين". وبعد وقت قصير من بث الفيلم الوثائقي، أصدرت الشرطة الروسية نداءً لجميع من جرى تسجيل لقاءات صحفية معهم في الفيلم بتسليم أنفسهم للمحطات المحلية في جميع أنحاء روسيا وتوقيع استمارات تفيد بأنَّ BBC قد أكرهتهم على الإدلاء بتصريحات كاذبة .
النازيون الجدد ليسوا بعيدًا عن أعين الروس
على الرغم من الجهود المبذولة لإخفاء مثل هذه العلاقات، فالدليل على دعم الدولة الروسية للدوائر اليمينية المتطرفة في أنحاء أوروبا يزداد وضوحاً. إنَّ استيفان غيوركوس، وهو مجري من النازيين
الجدد، يتزعم مجموعة مجرية يمينية متطرفة تسمى الجبهة الوطنية المجرية، يعتبر نموذجاً ممتازاً يوضح نوعية المسلحين المتطرفين الذين تستهدفهم أجهزة المخابرات الروسية. والجبهة الوطنية في المجر هي مجموعة كراهية تتبع النازيين الجدد وتمجد تنظيم قوات الحماية المسلحة النازية Waffen-SS وتهاجم الولايات المتحدة واليهود ومجتمع الميم والليبراليين من حين لآخر. وتعقد دورات تدريبية شبه عسكرية قتالية وتشيد بحركة Arrow Cross الفاشيّة في المجر التي نشطت في ثلاثينيات القرن الماضي وأثناء الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من عدم وضوح الطريقة التي تمكن بها غيوركوس من التواصل مع المخابرات الروسية، فقد دشن موقعاً على الإنترنت عام 2012 يسمى hidfo.net، والذي يمجد روسيا في عهد بوتين وينشر دعاية للكرملين.
في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، وصل ضباط إنفاذ القانون المجريون إلى منزل غيوركوس للتحقيق في التقارير المتعلقة باستخدامه أسلحة غير قانونية في نطاق ممتلكاته. وفي المواجهة التي تلت ذلك، أطلق غيوركس النار على أحد المحققين، مما أدى إلى إجراء تحقيق واسع النطاق اكتشفت فيه السلطات المجرية أنَّ غيوركوس كان يعقد بانتظام دورات للتدريب على القتال لأفراد الجبهة الوطنية في الغابة قريباً من منزله. والأكثر دهشةً هو أنَّ السلطات قد علمت أن هذه التدريبات حضرها ضباط ينتمون لجهاز المخابرات العسكرية الروسي كانوا يعملون تحت غطاء دبلوماسي في السفارة الروسية في بودابست.
واليمينيون المتطرفون يرون في روسيا حليفًا
ووثقَّت حالات مماثلة في بلدان أوروبية أخرى. في السويد، عندما كانت سلطات إنفاذ القانون تجري التحقيقات بشأن هجوم بالقنابل على مركز للاجئين في مدينة غوتنبرغ الغربية في يناير/كانون الثاني عام 2017، اكتشفت أنَّ النازيين الجدد الذين شنوا الهجوم قد تلقوا تدريبات على استخدام الأسلحة من مجموعة شبه عسكرية روسية. ولم تتخذ السلطات أي إجراءات ضد هذه المجموعة، المسماة بارتيزان/Partizan، وهي تعمل بحرية في روسيا. وتُنظم دورات التدريب على الأسلحة تحت لواء منظمة قومية متطرفة تطلق على نفسها اسم الحركة الإمبراطورية الروسية، التي شاركت بفعالية في الحرب الروسية في شرق أوكرانيا وهدفها الجيوسياسي الحالي، كما يقول أحد أعضائها، هو إنشاء "الجناح اليميني الدولي". في الدنمارك، علمت سلطات إنفاذ القانون أنَّ زعيم الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، لارس أغيرباك، قد تلقى تدريباً على استخدام الأسلحة في روسيا. وبعد إدانته بسبب انتهاك قوانين اقتناء الأسلحة في الدنمارك، انتقل أغيرباك إلى روسيا. وبالرغم من أنََّ هذه الحالات قد تبدو وكأنها حالات فردية، فالمجتمع اليميني المتطرف في أوروبا كبير ويزداد نموه، وعلاقاته بالدولة الروسية معروفة. في جمهورية التشيك، قُدّر عدد الجنود التشيكوسلوفاكيين الاحتياطيين الموالين لليمين المتطرف والذين نظموا، مثلما فعلت الجبهة الوطنية في المجر، تدريبات قتالية منتظمة، في عام 2015 بحوالي 6000 فرد.
في الولايات المتحدة أيضاً، يتشاطر مناصرو اليمين البديل والكرملين قضية مشتركة. في حين أنَّ العديد من هذه العلاقات قائمة على الإعجاب المتبادل أكثر من التجنيد الفعال، فالتهم الأخيرة ضد المُدافعة عن حقوق اقتناء الأسلحة ماريا بوتينا بالعمالة لروسيا تثبت أنَّ الكرملين يسعى بنشاط إلى زرع مجموعات متطرفة في اليمين الأميركي.
ترى جماعات اليمين المتطرف في الكرملين حليفاً. وفي المسيرة التي نظمها اليمين البديل في شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، في أغسطس/آب عام 2017، كانت هتافات "روسيا صديقتنا!" متكررة. وقد أشاد ريتشارد سبنسر، الذي قاد مسيرة شارلوتسفيل وزعيم مؤسسة اليمين المتطرف المسماة National Policy Institute، بالرئيس الروسي بوتين باعتباره حامياً للعرق الأبيض. ويعرض موقعه على الإنترنت، altright.com، مقالات تحمل عناوين على شاكلة "مناهضة العنصرية ليست سوى كذبة" كما أنَّه يدافع عن العلاقات التي تربط بين اليمين المتطرف وبوتين بقوله "روسيا هي واحدة من الدول القلائل المتبقية التي تدعم وتؤيد القيم الأوروبية مثل القوة والوحدة والوعي العرقي، إلخ". وبالمثل، فإنَّ أليكس جونز، وهو أحد ممثلي اليمين البديل، يتملق بوتين، وقد استضاف منظّر الكرملين ألكسندر دوغين في برنامجه. حتى الطاغية السوري بشار الأسد تنظر إليه الجماعات اليمينية الأميركية بصورة إيجابية وتصوره كمنقذ للأقليات المسيحية، وهو نفس الكلام الذي يروج له الكرملين. يقول ماثيو هايمباخ، وهو أميركي قومي أبيض كان قد أشاد ببوتين إشادة كبيرة، وقد لخص آراء اليمين المتطرف بقوله "أرى أنَّ روسيا تشكل نوعاً من المحور للقوميين…ولا أعني بقولي القوميين البيض فحسب ولكن كل القوميين".
لكن كيف يجذب كل هؤلاء انتباه ضباط المخابرات الروسية؟
لكي نفهم كيف أن المجموعات المتطرفة مثل مثيري الشغب في كرة القدم والنازيين الجدد وعشاق نوادي فنون القتال تجذب انتباه أجهزة المخابرات الروسية، من المهم أنَّ نفهم أن الجماعات المتطرفة المتعصبة لطالما جرى استغلالها من المخابرات الروسية. في الاتحاد السوفييتي، كان جهاز المخابرات السوفييتي يضم أقساماً كاملة كل مهمتها تتركز في اختراق، وإذا لزم الأمر، القضاء على الجماعات الهامشية التي تعمل بعيداً عن أنظار الدولة والحزب الشيوعي. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، صار من الصعب على جهاز المخابرات السوفييتي الإبقاء على معسكرات اعتقال على مساحات شاسعة، وفضل في كثير من الأحيان أخذ تلك المجموعات المعادية للدولة تحت جناحيه (بالرغم من أن الدولة الروسية لديها تاريخ حافل من استغلال الجماعات الإجرامية تمتد جذوره إلى فترة الاتحاد السوفييتي وحتى إلى فترة حكم القيصر). فبدلاً من مطاردة المجموعات الجانحة في محاولات لاعتقال أعضائها ليفاجأوا بظهور غيرهم في أماكن أخرى، قررت أجهزة المخابرات الروسية في وقت ما أنَّه من الأسهل بكثير السماح لبعض المجموعات المفروض عليها عقوبات غير رسمية بالتواجد طالما أنه يمكن مراقبتها (جزئياً على الأقل) والسيطرة عليها.
والدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها واضحة. إنَّ تلاعب روسيا بالمجموعات اليمينية المتطرفة هو جزء من استراتيجية متعمدة لتقويض المؤسسات الديمقراطية الغربية. فمخترقو الشبكات الروس والمخابرات الروسية يتصيدون المنبوذين اجتماعياً ويغذون نزعة التطرف داخلهم ومن ثم يجندونهم لشن حرب على المؤسسات الليبرالية في بلدانهم. ولفعل هذا، يعزز الكرملين إيمانهم بأنَّ الديمقراطية الليبرالية فاسدة ويغذي سخطهم ونزوعهم إلى العنف. بالإضافة إلى إثارة الغضب والاستياء، يستخدم الكرملين أيضاً مصدر تمويل سري للدفع بمخططاته المدمرة. هذه الجهود تحدث على أرض الواقع، ومن خلال مراكز تدريب فنون الدفاع عن النفس ونوادي الدراجات النارية، وفي العالم الافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعية، حيث يمكنهم التخفي إلى حد كبير عن أعين القانون وعامة الناس. وبالتالي، فإن استراتيجية مكافحة هذا التطرف ستحتاج إلى أن تأخذ في اعتبارها ماهو معروف عن محاربة مجموعات الكراهية جنباً إلى جنب مع استحداث مجموعة من الأدوات المساعدة لمحاربة التجسس. وأخيراً، من المرجح ألا تنجح الجهود الرامية إلى تحديد وفضح وإعاقة محاولات روسيا للتلاعب بالجماعات المناهضة للديمقراطية إلا عندما تتجاوز تلك الجهود الحدود الوطنية وتقترن بالتنسيق الفعال بين جميع الدول الديمقراطية المعرضة للإصابة بهذا التأثير الخبيث.