يواجه مشروع سد النهضة الذي تقيمه إثيوبيا على مجرى نهر النيل، مشاكل مالية وتقنية، وفق ما أكده رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، السبت 25 أغسطس/آب، وهو المشروع "المثير للجدل" والذي يثير مخاوف مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل.
وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية أن رئيس الوزراء أبي أحمد عقد السبت مؤتمراً صحفياً حول الأوضاع الراهنة في البلاد وشارك فيه عدد من الصحافيين المحليين والأجانب.
إدارة فاشلة للمشروع
وقال رئيس الوزراء إن بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير كان قد تم تخطيطه للانتهاء في خمس سنوات ولكن لم نتمكن من ذلك بسسب إدارة فاشلة للمشروع وخاصة بسبب تدخل شركة ميتيك (شركة تابعة لقوة الدفاع الإثيوبية).
وأشار رئيس الوزراء إن الشركة وإدارتها لم تكن عندها خبرة ولا معرفة للعمل في مثل هذه المشروعات الكبيرة وأضاف رئيس الوزراء أنه بعد مجيئه إلى السلطة أسس لجنة لمتابعة سير العمل في السد وتشير تقارير اللجنة إلى أن شركة ميتيك لم تنفذ الاتفاقية بشكل مطلوب.
وذكر رئيس الوزراء بأن شركة ساليني الايطالية سألت الحكومة التعويضات المالية بسبب تأخر شركة ميتيك للانتهاء من المشروع بالوقت المحدد له.
وفي نفس السياق قال رئيس الوزراء إن مدير مشروع سد النهضة المهندس سميو بقل كان يخدم وطنه وضحى بروحه لأجل الوطن وإن إجراءات التحقيق حول القاتل تجري على قدم وساق.
وهو "الحلم" الذي قد لا يرى النور
من جهة أخرى، أورد موقع "the reporter" الإثيوبي أن آبي أحمد قال إنه زار مشروع سد النهضة منذ شهرين ورصد تأخراً في تنفيذ الجوانب الكهروميكانيكية من جانب هيئة المعادن والهندسة المتعاقد معها.
وأشار رئيس الوزراء قائلاً: "لقد سلمنا سداً مائياً معقداً لشعب لم ير سداً في حياته، وإذا سرنا على المنوال الحالي، قد لا يرى المشروع النور في أي يوم".
وتقيم إثيوبيا سد النهضة على النيل الأزرق، بهدف توليد الكهرباء، وهو ما تخشى مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل، التي تبلغ حوالي 55.5 مليار متر مكعب.
المشروع تسبب في "أزمة" بين إثيوبيا والسودان مصر
وتتفاوض السودان ومصر وإثيوبيا حول قضية سد النهضة منذ العام 2014، في ضوء وجود خلافات معقدة بينهم.
وبحسب تقرير لمركز دراسات Stratfor الأميركي، فإن الجولات الدبلوماسية المستمرة بين الدول الثلاث لا تبشر بأن تلك الأزمة ستهدأ قليلاً.
ففي منتصف مايو/أيَّار الماضي، اجتمع مسؤولون من مصر وإثيوبيا والسودان في أديس أبابا لمناقشة مشروع سد النهضة الكبير، المُقدَّرة كُلفته بحوالي 6.4 مليار دولار، ومن أجل التوصل إلى حلٍّ للمأزق المصري الإثيوبي حول مشروع توليد الطاقة الكهرومائية المزمع إقامته على ضفاف نهر النيل.
وبالرغم من أن المفاوضين، بمن فيهم وزراء خارجية هذه الدول، ورؤساء المخابرات ووزراء المياه، فشلوا في كسر حالة الجمود للخروج من المأزق، وقَّع هؤلاء على خارطة طريق جديدة لتأسيس مجموعة دراسة علمية لمراقبة واحدٍ من أكبر الشواغل التي تعتري الدولة المصرية؛ وهو معدل ملء الخزان بالمياه.
ويبدو أن المحادثات لا تفعل شيئاً سوى أنها تُوَلِّد مزيداً من المحادثات؛ نظراً إلى أن القاهرة لن يكون أمامها كثير من الخيارات إلّا تبنّي نبرة تصالحية في الأشهر القادمة، إذا كانت تريد تقليل آثار السد الجديد -وكذلك آثار أي مشروعات مستقبلية- على نشاطات المصب.
نزاعٌ على المياه "قد لا ينتهي"
رغم المحاولات الدبلوماسية، سوف تبقى الاختلافات الجوهرية بين القاهرة وأديس أبابا (والخرطوم أيضاً)، في ظل اقتراب المشروع من إتمامه، المقرر نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وتضمر مصر مخاوف مفهومة بشأن الآثار السلبية المحتملة للسد؛ لأن المشروع الضخم الواقع على مجرى النهر يحرمها من 95% من إمدادات المياه القادمة إليها من النهر. وبالتالي، ينتاب المسؤولين في القاهرة قلق خاص من معدل ملء خزان السد، الذي ستسير عليه أديس أبابا، لأن اتباع وتيرة سريعة في ملئه يمكن أن يفرض مزيداً من القيود على إمدادات المياه القادمة إلى مصر.
فقد أشارت شركة فرنسية، تُجري دراسات حول آثار السد، إلى أن إثيوبيا قد تمنع الاضطرابات التي لا داعي لها في تدفق المياه إلى دول المصب، إذا ملأت الخزان بوتيرة أبطأ، بالرغم من أن القاهرة وأديس أبابا تتنازعان حول النتائج التي توصلت إليها تقارير هذه الدراسات.
وتعتبر أديس أبابا من جانبها أن السد يعالج مشكلة نقص الكهرباء التي تواجه البلاد، ويُعزِّز من استراتيجيتها التنموية، وعند الانتهاء، سيجعل هذا المشروع الدولة الحبيسة، التي تضم أكثر من مئة مليون نسمة، أكثر جذباً للاستثمارات الخارجية.
__________________
اقرأ أيضاََ
حتى مطلع الفجر، اجتمعوا 16 ساعة ولم يتفقوا.. مباحثات سد النهضة تدخل نفقاً مظلماً