أقرَّ البرلمان التركي، في 25 يوليو/تموز الجاري، تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب، وذلك بعد أسبوع من انتهاء حالة الطوارئ، يوم الخميس الماضي، التي أعلنتها الحكومة التركية في 20 يوليو/تموز 2016، بعد أيام من المحاولة الانقلابية الفاشلة.
حلفاء أردوغان في البرلمان وافقوا على القانون
صوَّت لصالح التعديلات الجديدة المقترحة من قبل حزب العدالة والتنمية بهدف سد الثغرات الأمنية، التي قد تنجم عن رفع حالة الطوارئ حسب مسؤوليه، 284 نائباً من أصل 380 حضروا التصويت، في حين رفض التعديلات 95 نائباً، وامتنع نائب واحد عن التصويت.
وأضافت التعديلات المُقرَّة بنوداً جديدة على القوانين العسكرية والجنائية، التي تتعلق بالإجراءات القضائية والأمنية المتّبعة في مكافحة الإرهاب، على أن تسري لثلاث سنوات، بعد مصادقة الرئيس التركي عليها.
فوفقاً للقانون الجديد، يملك الوُلاة سلطة حظر حمل أو نقل جميع أنواع الأسلحة والذخائر حتى لو كانت مرخَّصة، كما يمكنهم حظر الدخول أو الخروج من مناطق معينة لبعض الأشخاص، مدة 15 يوماً، لأسباب أمنية إذا تدهور النظام العام أو الأمن في تلك المنطقة، بما يعيق الحياة اليومية.
وتصل مدة احتجاز المشتبه بهم دون تهمة، حسب القانون الجديد، إلى 48 ساعة قد تزيد إلى يومين، ويمكن مضاعفتها مرتين في حالات خاصة، بعد أن كانت في فترة حالة الطوارئ 30 يوماً. كما يشترط القانون إنهاء التظاهرات والمسيرات في المناطق المفتوحة قبل غروب الشمس، في حين يُسمح باستمرار التجمعات في المناطق المغلقة حتى منتصف الليل.
ويضع القانون الجديد أيَّ موظف في القطاع العام، أو القوات المسلحة، أو الشرطة، أو الدّرك، عرضةً للفصل من وظيفته وإلغاء جواز السفر ورخصة حيازة السلاح، إذا ثبت انتماؤه لمنظمة إرهابية، وفي حال قضت محكمة بعودته إلى وظيفته، فإنه يُنقل إلى مراكز دراسات تابعة لوزارتي الداخلية أو الدفاع.
ويمنح القانونُ السلطات الحقَّ في مصادرة الشركات الخاصة المرتبطة بمنظمات إرهابية، وتنصيب قيِّمٍ أو أمينٍ لإدارتها.
العدالة والتنمية: القانون شبيه بالقانون الفرنسي
تعرَّضت الأراضي التركية لسلسلة من الهجمات الإرهابية، حتى محاولة الانقلاب في 2016، شملت سيارات مفخخة وهجمات انتحارية بالسلاح والمتفجرات، أودت بحياة المئات من المواطنين الأتراك والأجانب، وأدت إلى إصابة الآلاف. ومنذ إعلان حالة الطوارئ، شهدت هذه العمليات انخفاضاً حاداً، وانتهت تقريباً، مما يدعم رواية الحكومة التركية.
ولذلك أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في تصريح في 24 يوليو/تموز، أنه لن يستمع لانتقادات الدول الأخرى وأحزاب المعارضة بشأن قانون مكافحة الإرهاب، باعتبار توفير الأمن على رأس أولويات حكومته الجديدة.
وقالت النائبة من حزب العدالة والتنمية عن ولاية أسكيشهير، أمينة نور غوناي، إن القانون الجديد لا يختلف عن إجراءات اتخذتها الحكومة الفرنسية في نهاية عام 2017، بعد رفع حالة الطوارئ، التي استمرت لعامين منذ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2015، إلى 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
فبعد انتهاء حالة الطوارئ، أُقِرَّ في فرنسا قانونٌ جديد يقضي بتحديد حركة المتّهمين بالارتباط بمنظمات إرهابية، وتطبيق إجراءات تحقيق شبيهة بالوضع تحت حالة الطوارئ، وإغلاق أماكن العبادة التي يشتبه بدعمها للتطرف.
وفرض القانون الجديد في فرنسا تفتيشاً مشدداً قرب الموانئ والمطارات، وتنفيذ المداهمات المرتبطة بتهم الإرهاب بنفس الشدّة، التي كانت موجودة تحت قانون الطوارئ. ويستمر هذا القانون أيضاً 3 سنوات.
لكن المعارضة ومؤسسات حقوقية كان لها رأي آخر
ولكن زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كلتشدار أوغلو صرَّح بأن القانون الجديد يهدف لتقنين حكم حالة الطوارئ، ويُحصِّن مسؤولي الحكومة من الملاحقة القانونية. وانتقد كلتشدار أوغلو فرض القانون قيوداً على "حرية السفر وعلى حق التجمّع والمثول أمام قضاء عادل، وحرمان أزواج المتّهمين من جواز السفر"، وقال إنّه وفق القانون الجديد "ما من سبيل لملاحقة المسؤولين الحكوميين الفاسدين".
أما المتحدث باسم الشعب الجمهوري، بولنت تيزجان، فقد وصف القانون بأنه "انتهاك واضح للدستور، يُعزِّز الظلم وعدم سلطة القانون"، مشيراً إلى أنه يتناقض مع رسالة الحكومة بنيتها "تطبيع الأوضاع"، في حين أن ما تفعله هو جعل الوضع غير الطبيعي طبيعياً.
وحذَّر تيزجان بأن تمرير البرلمان مثل هذا القانون سيعرض العلاقات مع العالم الخارجي للخطر، ويُرسل رسالةً سلبيةً جداً للمستثمرين الأتراك والأجانب، خاصة فيما يتعلق بمصادرة الشركات الخاصة وتعيين مدير جديد لها.
ووصف عضو البرلمان التركي من الحزب الجيد عن ولاية أنطاليا، فريدون باهشي، القانون بأنه حكم طوارئ متضخّم، وانتهاك للحقوق والحريات الأساسية، وقال: "بينما ينتظر شعبنا بكل أمل رفع حالة الطوارئ، يعيدها هذا القانون بصورة أخطر لثلاث سنوات أخرى".
وعبَّر ناشطون حقوقيون عن مخاوف بشأن القانون، واتَّهموا مُشرِّعي القانون بإضفاء الطابع الرسمي على حالة الطوارئ باسم آخر. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إنَّ القانون الجديد "سيحفظ عدداً من السلطات "التعسّفية" الممنوحة للرئيس والسلطة التنفيذية وفق حالة الطوارئ".
ومن جهته، رفض زعيم كتلة حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي، بولنت توران، مزاعم حزب الشعب الجمهوري، بأن القانون يُكسب حالة الطوارئ صفة الديمومة، وقال: "هذا القانون مُصمَّم لتوفير أمن مستمر للشعب التركي. ليس صحيحاً وصفه بأنه تمديد لحكم الطوارئ".
وفي ظلِّ حالة الطوارئ اعتُقِل أكثر من 77 ألف شخص، وعُلِّقت وظائف أكثر من 150 ألف موظف حكومي، بتهمة الارتباط بمنظمة غولن، في حين أكدت الحكومة ضرورة وجود حالة الطوارئ لمواجهة خطر المنظمة التي يرأسها فتح الله غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية.
ومع انتهاء حالة الطوارئ، أعادت الحكومة التركية 155 ألفاً و350 جواز سفر كانت قد ألغيت، تعود إلى أزواج مشتبه بتورطهم بمحاولة الانقلاب، كما أغلقت في يوليو/تموز، 25 جهازاً أو هيئةً كانت مرتبطة بحالة الطوارئ.