برزت مذيعة التلفزيون السوري كنانة حويجة، ليس كوجه إعلامي موال للنظام فحسب، بل وظفت خبرتها في البرامج الحوارية، لمساعدة ضباط المخابرات والجنرالات الروس، خلال مفاوضات "المصالحة" التي جرت في مناطق متفرقة مع قوات المعارضة.
وظهرت حويجة إلى جانب الضابط الروسي "ألكسندر إيفانوف"، وهي مرتدية عباءة سوداء، وغطاء رأس، رغم أنها تظهر في برامجها الحوارية دون ارتداء الحجاب، ولعبت دوراً بارزاً في نجاح المفاوضات.
واستفادت حويجة من صلاحيات واسعة وعلاقات مميزة مع الضباط الروس، مهد لتلك العلاقة والدها الذي يعمل كأحد أهم رجال الاستخبارات في البلاد، وهو اللواء إبراهيم حويجة، والذي كان قد تقلد منصب رئيس الاستخبارات الجوية، ما بين عامي 1987 و2002.
اتباع أسلوب الترغيب والترهيب
الدور الجديد فتح المجال أمام المذيعة السورية للعب دور أمني أكبر في أغلب التسويات، وشاركت في أغلب المصالحات التي جرت في ريف حمص الشمال والغوطة الشرقية وأحياء أخرى في دمشق، وآخرها في درعا.
وقال مصدر خاص من دمشق لـ"عربي بوست" إن حويجة هي عضو بارز في لجنة المصالحات التي شكلها النظام السوري، وتشرف عليها قاعدة حميميم الروسية. ولفت إلى أنها تشارك في جميع المفاوضات، وتترأس الوفد الذي يمثل النظام في بعض الأحيان.
وذكر "أبو حسن" الذي نزح إلى ريف حلب الشمالي، أن حويجة ترأست بعض مراحل المفاوضات مع حي برزة التي انتهت بخروج السكان إلى شمال سوريا. وأوضح لـ"عربي بوست" أن المعارضة حينها طلبت بعض الوقت للتفكير والتشاور، إلا أن حويجة أخبرتهم أن أمامهم فقط 24 ساعة للتوقيع على الاتفاقية، وبعدها سيعود القصف أقوى من السابق.
المفاوضات التي ظهرت فيها المذيعة السورية في ريف حمص الشمالي كان لها طابع آخر. فقد أوضح أحد الأعضاء الذين شاركوا في مفاوضات التسوية عن منطقة ريف حمص الشمالي، أن حويجة كان لها دور بارز في المفاوضات، وشاركت في الجلسات التي استمرت لثلاثة أيام وبمعدل 4 ساعات لكل جلسة.
وأضاف أن حويجة كانت تتدخل لتهدئة أجواء التفاوض، وأشار إلى أنها تحدثت عن عودة الخدمات للمنطقة وتنظيف الشوارع ووقف القصف، مبيناً أنها ركزت على "حياة الأطفال ومستقبلهم".
جني الأموال
واتّهم المرصد السوري لحقوق الإنسان، من سمّاها "الإعلامية المليونيرة ومهندسة صفقات التهجير"، بتعمّد تأخير البدء بتنفيذ الاتفاق الذي جرى في الجنوب، من أجل "الحصول على مكاسب شخصية ومالية أكبر".
المرصد السوري نشر في تقريره الإثنين 9 يوليو/تموز، أن حويجة هدّدت بمنع خروج كل الرافضين للاتفاق الذي جرى مسبقاً بين ضباط روس وممثلي فصائل الجنوب، نحو الشمال السوري.
وقال المرصد السوري في تقريره الذي نشره الإثنين، إن كنانة حويجة التي هدّدت بمنع خروج كل الرافضين للاتفاق بين ضباط روس وممثلي الفصائل المعارضة في درعا، نحو الشمال السوري، تتعمد "تأخير تنفيذ عملية التهجير من درعا" وذلك من أجل أن تحقق لنفسها عوائد مالية أكبر.
وجاء في التقرير أن حويجة تعمّدت تأخير البدء بتنفيذ الاتفاق، من أجل "الحصول على مكاسب شخصية ومالية أكبر".
وتساءل رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في مداخلة هاتفية مع قناة "الحدث" الإثنين، عن سبب قيام كنانة حويجة بعرقلة اتفاق خروج رافضي الاتفاق الروسي، من درعا، إلى الشمال السوري، وقال: "هل تريد الحصول على ملايين الدولارات كالتي حصلت عليها في مفاوضات (مخيم) اليرموك؟".
كيف كانت البداية؟
وبدأ عمل حويجة مع أجهزة النظام الأمنية العام 2015، حين دخلت بكاميرا برنامجها "سوريا تتحاور"، إلى حي "العسالي" بريف دمشق الخاضع لسيطرة المعارضة آنذاك، لتظهر بعدها بشكل علني كممثل عن النظام السوري في التسويات العام 2016، فترأست الوفد المفاوض عن النظام في مدينتي المعضمية وداريا.
وتابعت لاحقاً عملها في هذا الشأن في غالبية المناطق التي شهدت "مصالحات"، والتي اعتبرها الائتلاف الوطني السوري المعارض أنها "تسويات قسرية" كونها تترافق مع عمليات قصف مكثف.
هذا الدور الذي لعبته حويجة أعطاها لقب "مهندسة صفقات التهجير" أو "راعية التهجير" في أوساط المعارضة السورية، وظهرت في آخر شريط مسجل تم نشره على الشبكات الاجتماعية، وهي ترد على أسئلة بعض عناصر الفصائل.
وحسب ما يظهر لدى تلقيها سؤالاً عن إمكانية أن يشارك عناصر من الشرطة العسكرية الروسية، في المراقبة، تقول إنها "لا تستطيع التحدث" بموضوع كهذا.