المطالبة بإنجاز تسوية سياسية واقعية ومنصفة للقضية الفلسطينية كان ملخص كلمة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الثلاثاء 26 يونيو/حزيران، في افتتاح المؤتمر الدولي الخامس حول القدس، في الرباط، الذي تنظمه لجنة الأمم المتحدة، المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقَه غير القابلة للتصرف، ومنظمة التعاون الإسلامي، من 26 إلى 28 من الشهر الجاري.
وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس في كلمته التي تلاها وزير الخارجية، ناصر بوريطة، إن القدس المحتلة بحاجة إلى حشد جهود دبلوماسية لاستصدار "قرارات دولية مُلزِمة تحمي المدينة وتحافظ على طابعها الروحي والحضاري والقانوني"، إضافة إلى إنجاز "تسوية سياسية واقعية ومنصفة".
كما أن "القدس بحاجة إلى تسوية سياسية واقعية ومنصفة، تُفضي إلى تحديد وضعها النهائي، من خلال مفاوضات مباشرة بين طرفي الصراع، وتستند إلى المرجعيات الدولية القائمة"، بحسب العاهل المغربي.
توقيت المؤتمر وصفقة القرن
ويشارك في المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بالأمم المتحدة، ميروسلاف جنكا، والأمين العام المساعد لمنظمة التعاون الإسلامي سمير بكر، وممثل دولة فلسطين محمد اشتية، ورئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف فودي سيك، إلى جانب ممثلي عدد من الدول العربية والإسلامية.
وينعقد المؤتمر، بحسب بيان اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، في سياق ظرفية دولية وإقليمية معقَّدة، أثَّرت بشكل كبير على مستقبل القضية الفلسطينية، خاصة منذ توقف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ويشكل المؤتمر بحسب المصدر ذاته مناسبة للتأكيد على أهمية الحفاظ على مبدأ حل الدولتين، باعتباره خياراً استراتيجياً، بما يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة السلام العربية.
وشدَّد العاهل المغربي الملك محمد السادس، على أن "مسؤولية المجتمع الدولي بأكمله تكمن في ضرورة العمل على بلوغ هذه التسوية، من خلال الدفع نحو إحياء العملية السلمية، والإشراف عليها".
والمفاوضات متوقفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ عام 2014؛ جراء رفض إسرائيل القبول بحدود ما قبل حرب يونيو/حزيران 1967، أساساً لحل الدولتين ووقف الاستيطان.
ومضى الملك قائلاً إن "القدس ليست قضية تخص ديانة دون سواها، أو شعباً دون آخر، أو دولة بعينها، بل هي قضية شعبين ودولتين، وحلها يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وجهداً جماعياً منسقاً، ورعاية دولية، أساسها التجربة، والنفوذ، والقدرة على التأثير، والحياد".
وتتهم السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة الأميركية بالانحياز لإسرائيل، على خلفية موقف واشنطن من وضع مدينة القدس المحتلة.
وأردف أنه "يجب على القوى الدولية الوازنة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وعلى القوى الإقليمية المؤثرة، القيام، كل من موقعه، بدور مسؤول ومنصف".
وشدَّد على ضرورة عدم استباق الحلول بخصوص أي من قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها القدس واللاجئين والحدود، والالتزام بالعمل على معالجتها في إطار مفاوضات الحل النهائي.
مخاوف فلسطينية
وتتصاعد مخاوف الفلسطينيين على مصير القدس، منذ أن نقلت الولايات المتحدة سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في 14 مايو/أيار الماضي، تنفيذاً لاعتبار واشنطن أن القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، القوة القائمة باحتلال الشطر الشرقي منذ عام 1967.
ويتردَّد أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تعمل على خطة للسلام، تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة، خاصة بالنسبة لوضع مدينة القدس الشرقية، التي يتمسك بها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية.
تحركات أميركية في المنطقة
وفي ظل رواج الحديث عن صفقة القرن، واقتراب الإعلان عنها، تلاقى كل من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في واشنطن، الإثنين 25 يونيو/حزيران، للحديث عن علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية.
وتناول اللقاء مساعي تحريك عملية السلام، وأكد الملك عبد الله الثاني، ضرورة تكثيف الجهود لإعادة إطلاق مفاوضات جادة فاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استناداً إلى حل الدولتين، وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتطرَّق اللقاء أيضاً إلى دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأهمية دعمها وتمكينها للاستمرار في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين.
وكان كل من جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجيسون غرينبلات، مساعد ترمب وممثله الخاص للمفاوضات الدولية، على رأس وفد يقوم بجولة في المنطقة.
وفي القاهرة التقى الوفد الأميركي، الأسبوع الماضي، في زيارة قصيرة مع عدد من كبار المسؤولين، لبحث آخر التطورات، خصوصاً فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، وتحقيق تسوية سياسية لأزمة الشرق الأوسط. وذلك بعد لقاء الوفد بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الأردن.
وذكر البيت الأبيض أن كوشنر وغرينبلات التقيا في السعودية بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبَحَثَا معه زيادة التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والحاجة إلى تسهيل الإغاثة الإنسانية في غزة، وجهود إدارة ترمب لتسهيل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كان نشطاء مغاربة أطلقوا في الأسابيع القليلة الماضية حملة بعنوان "الصفقة لن تمرر"، في إشارة لما يُنشر عن صفقة القرن، ولمواجهة إجراءات نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
وأطلقت الحملة ضمن فعاليات ملتقى "المعارف المقدسية"، الذي احتضنته مدينة الدار البيضاء -كبرى المدن المغربية-واستمرَّ ثلاثة أيام، بحضور أسير مقدسي محرَّر، وأساتذة باحثين في مجال القضية الفلسطينية بالمغرب.
الملتقى الذي ينظم في نسخته الثالثة، اتَّخذ هذا العام موضوع "القدس خط أحمر" شعاراً له، وشهد تنظيم ندوات وورشات علمية وتفاعلية ودورة إعلامية لتسليط الضوء على مستجدات القدس وأساليب نصرتها، ومواجهة الأخطار التي تتعرض لها.