أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الجمعة 15 يونيو/حزيران 2018، أنه "حلَّ الجزء الأكبر" من المشكلة النووية الكورية الشمالية، وأنه أعطى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، رقم هاتفه وألغى التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية.
وأشاد ترمب بنجاح القمة التي عقدها مع كيم هذا الأسبوع في سنغافورة، وقال للصحفيين في واشنطن إنه على اتصال مباشر الآن مع كيم، وأن "العلاقة الجيدة" بينهما أنهت خطر النزاع.
وقابل العديد من المراقبين بالشك نتائج قمة سنغافورة، التي وقَّع خلالها كيم وترمب تعهُّداً "بالعمل من أـجل النزع الكامل للأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية".
كما أن قرار ترمب الأحادي لخفض التوتر بإلغاء التدريبات العسكرية المشتركة "الاستفزازية" بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، فاجأ مسؤولين في وزارة الدفاع وكذلك سيول.
وصرح ترمب للصحفيين في حديقة البيت الأبيض، بأن الرئيس السابق، باراك أوباما، أخبره قبل توليه منصبه، بأن "أخطر مشكلة" للولايات المتحدة هي برنامج كوريا الشمالية للأسلحة النووية، مضيفاً: "لقد قمت بحل تلك المشكلة، لقد تم حل الجزء الأكبر من تلك المشكلة".
وأضاف في أثناء زيارة مفاجئة لطاقم تلفزيوني كان يعمل في حديقة البيت الأبيض: "لقد وقّعنا وثيقة جيدة، لكن الأهم من تلك الوثيقة هو أن علاقتي به جيدة".
وقال: "هذا أمر مهم جداً. أستطيع الآن أن أتصل به. لقد أعطيته رقم هاتف مباشراً. ويستطيع الآن أن يتصل بي إذا واجه صعوبات. أصبح بيننا اتصال".
ولم يقم كيم حتى الآن بأية خطوة ملموسة لتفكيك برنامجه النووي، وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن العقوبات يجب أن تبقى مفروضة حتى "النزع الكامل للأسلحة النووية".
التغيرات طويلة وبطيئة
إلا أن ترمب حرص على الإعلان عن نصر دبلوماسي سريع، كما أن وقف التدريبات العسكرية في شبه الجزيرة الكورية هو تنازل كبير لبيونغ يانغ والصين.
ويتفق العديد من الخبراء في واشنطن مع استنتاج تحليل للحكومة الإسرائيلية تم تسريبه، بأن هناك "ثغرات جوهرية" بين أهداف الولايات المتحدة من القمة واللغة الغامضة لبيانها.
وأفاد التحليل بأنه "رغم تصريحات ترمب حول توقع تغييرات سريعة في سياسة كوريا الشمالية، فإن الطريق إلى إحداث تغييرات جوهرية -إذا حدثت- لا يزال طويلاً وبطيئاً".
كما أدان عدد من منتقدي ترمب داخل بلاده قراره وقف ما وصفها بـ"ألعاب الحرب" مع كوريا الجنوبية، مستخدماً مصطلحاً سلبياً لوصف التدريبات العسكرية، رفضه المسؤولون العسكريون في السابق.
وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين: "إن تقديم تنازلات غير ضرورية دون مقابل ليس في صالحنا، كما أنه تكتيك تفاوضي سيئ".
وأضاف أن "تكرار ما يقوله الإعلام الصيني والكوري الشمالي عن التدريبات المشتركة بأنها (استفزازية) يقوض أمننا وتحالفاتنا".
وتجري القوات الأميركية والكورية الجنوبية تدريبات عسكرية منذ عقود، كما أنها تتدرب بشكل روتيني على عمليات الإنزال البحري في الشمال والضربات القاضية الاستباقية التي تستهدف نظام كوريا الشمالية وغيرها من التمارين.
وتثير هذه التدريبات غضب بيونغ يانغ. وعقب تمارين العام الماضي (2017)، أطلقت صواريخ باليستية فوق اليابان، ما أثار استياءً عالمياً وأدى إلى تصعيد في الحرب الكلامية بين ترمب وكيم.
ويبدو أن هذه الحرب الكلامية انتهت الآن، ومنذ القمة أغدق ترمب المديح على كيم، الذي كان معزولاً عالمياً ومتهَماً بتعذيب وتجويع عشرات الآلاف من مواطنيه.
تصريح ساخر
والجمعة 15 يونيو/حزيران 2018، عاد ترمب إلى الإشادة بكيم في حديث تحوَّل إلى مقابلة طويلة غير مقررة مع برنامجه التلفزيوني المفضل "فوكس آند فريندز".
وقال: "إنه رئيس البلاد، وأعني أنه رئيس قوي … يجب ألا يعتقد أي شخص غير ذلك".
وأضاف: "إنه يتحدث وشعبُه يستمع إليه بانتباه. أريد من شعبي أن يفعل الشيء نفسه".
لكنه قال للصحفيين لاحقاً، إن تصريحاته بشأن استماع الأميركيين إليه بانتباه هي "من باب السخرية".
لكن وردّاً على سؤال عن سبب مديحه لكيم، الذي يزخر تاريخه بانتهاكات حقوق الإنسان ووفاة الطالب الأميركي أوتو وارمبير الذي أصيب بغيبوبة في أثناء احتجازه بكوريا الشمالية، قال ترمب: "لأنني لا أريد أن أرى الأسلحة النووية تدمر عائلتك".
وبالنسبة للتدريبات العسكرية، قال ترمب إنه أراد وقفها قبل وقت طويل من لقائه كيم في سنغافورة، وأكد أن "الألعاب الحربية" هي المصطلح المفضل لديه لوصفها.
وقال: "لقد كرهتها من اليوم الذي وصلت فيه إلى السلطة. لماذا لا نحصل على المال؟"، وذلك في عودة إلى تصريحاته بأن حلفاء الولايات المتحدة، مثل كوريا الجنوبية، يجب أن يدفعوا مقابل الدفاع عنهم.
وأضاف: "لقد قمت بتوفير الكثير من المال".