لا يخجل هذا المراهق من التباهي أمام العالم بثروته حتى ولو بطريقة تبدو مستفزة، وتجلب سخط متابعيه.
يعد إريك فينمان واحداً من أصغر مليونيرات البيتكوين في العالم، وهو إنجاز لا يخجل هذا المراهق من التفاخر به أمام العالم، حسب وصف تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
إذ إن إريك، البالغ من العمر 19 عاماً، ينشر على حسابه بموقع إنستغرام صوراً كثيرة حول حياة البذخ التي يعيشها، ويعرض نفسه وهو على متن طائرات خاصة أو وهو نائم على سرير مفروش بالنقود، ويقول: "إن هذه الأموال التي أنام عليها لا قيمة لها مقارنة بكمية البيتكوين التي أمتلكها".
وفي إحدى الصور يظهر إريك وهو يدخن، وكتب: "أحياناً تحتاج فقط إلى بعض السجائر الجيدة حتى تسترخي، عندما تضطر إلى العيش وأنت تحمل على عاتقك عبء الكثير من المال والنساء الجميلات".
وبعد أن وجَّه إليه بعض متابعيه اللوم على هذا السلوك، ردَّ عليهم إريك بالقول: "لا تقلقوا يا جماعة، هذه ليست سيجارة حقيقية، إنها مجرد ورقة من فئة 100 دولار، أنا لا أدخن"!
هذا المراهق، الذي بدأ لأول مرة شراء البيتكوين وهو في سن 12 عاماً، بمبلغ 1000 دولار، حصل عليه من جدته، يحاول تصوير نفسه بشكل مماثل لرجل الأعمال سيئ السمعة مارتن شكريلي، الذي يقبع في السجن بسبب قيامه بعمليات تحايل كبرى، باستثناء أن إريك أقل سناً وليس موجوداً في زنزانة.
إنه ليس مجرد شاب أحمق بل ما يفعله له هدف
ولكن حياة فينمان في الواقع ليست كما يحاول تصويرها على مواقع التواصل الاجتماعي. فهو ليس مجرد شاب غريب الأطوار نجح في تحقيق الثراء من البيتكوين.
بل إنه يقر بأن طريقة ظهوره على مواقع التواصل الاجتماعي هي أمر محسوب بكل دقة، حيث يقول: "أعتقد أن الطريقة المستفزة التي أظهر بها هي أسلوب ممتع لجلب اهتمام الناس لأفكاري".
"أنتم ترون ردود الفعل حول سلوكي، إن الناس يكاد يجن جنونهم. ولكن هذا يساعد على جذب الاهتمام لمشاريع الحياة الحقيقية التي أحاول إنجازها لتغيير العالم نحو الأفضل".
هكذا قال أريك لصحيفة The Guardian في اتصال من مقر إقامته بسان فرانسيسكو في الولايات المتحدة.
الطريف أن بدايته مع البيتكوين كانت بـ10 دولارات
وقد سمع إريك فينمان، لأول مرة، بشأن البيتكوين عندما اصطحبه شقيقه الأكبر معه لمظاهرات "احتلوا وول ستريت" المطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية.
ومباشرةً، تأثر إريك بالإمكانات التي تحملها العملات المشفرة. ولذلك شرع مبكراً في الاستثمار بهذا المجال، فاشترى أول قطعة بيتكوين عندما كان ثمنها نحو 10 دولارات فقط.
وبعد سنوات قليلة، ارتفع ثمن القطعة الواحدة من هذه العملة إلى نحو 1100 دولار.
وأول مشروعاته الهادفة جاء من وحي جلسة سخرية تعرَّض لها من قِبل معلّمه
باع إريك ما قيمته 100 ألف دولار من البيتكوين، بعد أن ارتفع سعرها إلى مستويات غير مسبوقة، عندما كان في عمر 15 عاماً، واستخدم ذلك المال لإطلاق مشروع تعليمي عبر شبكة الإنترنت سماه "بوتنغل"، وهي منصة تسعى للربط بين الطلبة والمدرسين عبر المحادثة بالفيديو.
ويقول إريك إنه استلهم فكرة إطلاق هذا المشروع التعليمي من التجربة البائسة التي عاشها في مرحلة الدراسة، حيث إن أحد المدرسين نصحه بالانقطاع عن الدراسة والتوجه للعمل في مطاعم ماكدونالدز، في حين كان مدرّس آخر يعقد جلسات مع الطلبة مخصصة للسخرية من إريك، وكان بقية زملائه بإيعاز من المدرس يكيلون له الإهانات.
رهانه مع والديه من أجل ترك التعليم يجعله مليونيراً
وعلى الرغم من نجاح المشروع الذي أطلقه المراهق إريك، فإن والديه لم يسمحا له بالانقطاع بشكل كلي عن الدراسة؛ ولذلك فقد قام بعقد رهان معهما: إذا نجح في جمع مليون دولار قبل سن 18 عاماً، فإنه لن يكون مضطراً إلى الذهاب للجامعة، وقد تمكن إريك من كسب الرهان في العام الماضي (2017).
وتعتبر عائلة فينمان أن التعليم أمر مهم جداً؛ إذ إن والديه التقيا لأول مرة بجامعة ستانفورد في أثناء تحضير كل منهما الدكتوراه في الهندسة الكهربائية والفيزياء، وهو يقر أن كل أفراد عائلته أذكياء، حيث يقول: "أنا أنظر إلى أفراد عائلتي كما لو أنهم عائلة كاردشيان ولكن بعقول المخترع إيلون مسك".
ويُذكر أن والدة إريك كانت قد شاركت في أحد برامج وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" خلال فترة الثمانينيات، وقد كانت على وشك أن تصبح رائدة فضاء وتكون على متن المركبة "شالنجر".
ولكنها في تلك الأثناء، اكتشفت أنها حامل بشقيق إريك، ولحسن حظها أنها لم تكن موجودة في تلك البعثة الفضائية التي كانت نهايتها مأساوية، حيث انفجر المكوك بسبب خطأ "ناسا" في التصميم؛ الأمر الذي أدى إلى مقتل الرواد الثمانية الذين كانوا على متنه.
وبعيداً عن تجربته المريرة في المدرسة، يبدو أن الشاب إريك فينمان عاش طفولة مثالية؛ حيث إنه ترعرع في مزرعة بولاية إيداهو الأميركية، وكانت عائلته تشتغل في تربية حيوانات اللاما (نوع الحيوانات مشابه للجمال). ومن النوادر التي يذكرها إريك، أنه كان يربي حيوان لاما ويسميه نقانق، ولسوء حظ هذا الصغير أنه تم تحويله لاحقاً بالفعل إلى أطباق من النقانق.
هناك احتمال أن تلقى البيتكوين فشلاً ذريعاً، ولكنه لهذا السبب ما زال يراهن عليها
خطوة جريئة في عالم الأعمال قام بها المراهق فينمان في سنة 2015، إذ إنه باع التكنولوجيا المستخدمة في موقع بوتانغل.
وقد عرض عليه المشتري أن يدفع له 300 قطع بيتكوين أو مبلغ 100 ألف دولار نقداً، وبالطبع اختار فينمان الدفع بالعملة المشفرة.
ومثَّل ذلك الأمر حينها مخاطرة كبيرة، باعتبار أن قيمة البيتكوين حينها كان قد انخفضت إلى نحو 200 دولار. ورغم أن قيمة العملات المشفرة تواصل تقلباتها المخيفة، فإن إريك حقق أرباحاً كبيرة من هذا الاستثمار.
وتبلغ قيمة قطعة البيتكوين الواحدة حالياً 6.500 دولار. ويمتلك فينمان نحو 401 قطعة بيتكوين، إلى جانب تشكيلة متنوعة من العملات المشفرة الأخرى، وهو يواصل المراهنة عليها في المستقبل، حيث يقول: "البيتكوين إما أنها ستكون أمراً رائعاً أو أنها ستلقى فشلاً ذريعاً، وأنا أميل إلى المراهنة على الاحتمال الأول".
وله أيضاً مشروعات فضائية بالتعاون مع "ناسا"
وعلى غرار والدته، فإن إريك أيضاً مهتم باستكشاف الفضاء. وهو يعمل حالياً على مشروع بالشراكة مع وكالة ناسا، لإطلاق قمر اصطناعي يحمل كبسولة رقمية للزمن نحو الفضاء. هذه الكبسولة سوف تحتوي على موسيقى ومقاطع فيديو رائجة، إلى جانب عينات من الأصوات الموجودة على كوكب الأرض، وقرص مرن يحتوي على ألبوم للفنانة تايلور سويفت.
وعن سبب هذا الاختيار الغريب، يقول إريك: "لقد فكرنا فيها بالصدفة وتواصلنا معها ورحبت بالفكرة".
ويهدف هذا المشروع إلى إحياء الذكرى الـ40 لإطلاق المركبة الفضائية "فويجير"، التي حملت على متنها "الغولدن ريكورد"، وهي تشكيلة متنوعة من مقاطع الموسيقى والصور من كوكب الأرض، اختارها بعناية، رائد الفضاء كارل ساغان، وحملها معه للفضاء كهدية لأي كائنات فضائية قد تكون موجودة هنالك.
ويحاول اختراع بدلة روبوت مماثلة لتلك التي ظهرت في فيلم الرجل العنكبوت
ورغم أن العمل على إطلاق قمر اصطناعي نحو الفضاء مهمة شاقة يمكن أن تشغل أي شخص، فإن فينمان وجد الوقت لأشياء أخرى.
إذ يملك هذا المستثمر مجموعة من المشاريع التي يحاول متابعتها في الوقت نفسه، حيث قام مؤخراً بابتكار بدلة روبوت تشبه الأداة الغريبة والمزودة بـ4 أذرع والتي ألبسها الدكتور أوكتوبوس في فيلم الرجل العنكبوت (Spider-Man ) لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات ويعاني صعوبات في الحركة.
هذا الطفل، واسمه أريستو ميهان، هو ابن أحد مقربي فينمان، وكان يحلم بأن يقابل في الواقع شخصاً مثل الدكتور أوكتوبوس يساعده على حل مشاكله.
ولذلك، قرر المراهق فينمان التكفل بهذا الأمر، وهو يقول: "كنت أتمنى لو أنني وجدت أنا أيضاً في طفولتي شخصاً يساعدني بهذا الشكل".
وقد حاز هذا الابتكار اهتمام المستثمرين، الذين سيسعون للاستفادة من هذه البدلة بأشكال متعددة، إلا أن إريك لم يتخذ قراره بعد بهذا الشأن.
وفي حين لا يزال يواصل استفزاز متابعيه وإغاظة مدرّسيه فإنه يستعد لمشروعه الكبير
ويتمثل المشروع الكبير الذي يركز عليه الآن ببناء مدرسة في العالم الحقيقي بأساليب تعليمية غير تقليدية، وهو يتكتم حالياً على تفاصيل هذا المشروع الذي لا يزال في مراحله الأولى.
ورغم أن حضور إريك على مواقع التواصل الاجتماعي مليء بالسخرية والاستفزازات، فإنه رغم ذلك يبقى جذاباً؛ لكونه شاباً وثرياً.
وعن علاقته مع متابعيه، يقول إريك إنه أحياناً تخرج الأمور عن السيطرة. وأحياناً يطلق إريك العنان لرغبات المراهقة، حيث أقر بأنه حاول ذات مرة، تجربة قيادة سيارة سريعة جداً، كما أنه سافر إلى العديد من البلدان بالعالم وقام بأشياء مجنونة، خاصة في جزيرة إيبيزا وإمارة موناكو، وذلك بهدف الهروب من الضغوط والروتين.
كما يحرص إريك على إعلام مدرسيه السابقين بالنجاحات التي يحققها، واستعراض نمط حياته الجديد، حيث يقول: "عندما صدر أول مقال حولي في وسائل الإعلام، قمت بإرساله لمدرسي السيئين الذين كانوا يحبطون عزائمي".