أما وأن مونديال 2026 حُسم لصالح أميركا، كان البيت الأبيض مستنفراً.. الكشف عن تفاصيل 3 رسائل سرية من ترمب للفيفا قلبت الموازين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/13 الساعة 12:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/13 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش

بعد أن فاز الملف الأميركي الذي يضم أميركا الشمالية والمكسيك وكندا، باستضافة كأس العالم 2026، على حساب مناسفه المغرب، الأربعاء 13 يونيو/حزيران 2018، يُفتح الباب للأسئلة؛ كيف يُمكن لبلد استضافة الحدث الرياضي الأكثر مشاهدة في العالم إذا لم يكن مُرحِّباً بالزوار؟ وهل ستُمنح التأشيرات لكل الفرق ومُشجِّعيها في حال تأهُّل بلادهم للنهائيات؟

وبحسب صحيفة The New York Times الأميركية، فإن المسؤولين عن استضافة الولايات المتحدة لكأس العالم 2026، واجهوا على الفور أسئلةً مزعجة من اتحادات كرة القدم في جميع أنحاء العالم، بشأن القيود على السفر التي طبَّقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على العديد من البلدان.

وعلى الرغم من منافسة المغرب، التي شكَّلت تحدياً قوياً على سنحوٍ مفاجئ، لم تستطع الولايات المتحدة تجاهل قلقها. وترى الصحيفة الأميركية أنه وبعد نجاح أميركا الشمالية باستضافة كأس العالم 2026، فإن قيادة كرة القدم في الولايات المتحدة يجب عليها أن تشكر شخصاً واحداً لمساعدته لها في إقناع العالم بأن سياسات ترمب لن تكون عاملاً سلبياً: إنه ترمب نفسه.

3 خطابات للفيفا

فمنذ شهر مارس/آذار الماضي، قدَّمَ ترمب لمسؤولي كرة القدم في الولايات المتحدة 3 خطابات مُوجَّهة إلى جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، الهيئة التي تدير كرة القدم عالمياً. شملت كل رسالة، وهي جزءٌ من جهد حكومي واسع لكنه خفي إلى حدٍّ كبيرٍ لدعم الملف، ضماناتٍ مُحدَّدة إلى حدٍّ بعيد بأن الفرق الأجنبية والمسؤولين وحتى المُشجِّعين لن يواجهوا أيَّ قيود في دخول الولايات المتحدة لحضور مباريات كأس العالم 2026، في حال تأهلت بلدانهم. وفي الواقع، تؤكِّد الرسائل للمسؤولين المصوتين على هذا الحدث أن موقف ترمب المُتشدِّد بشأن التأشيرات لن ينطبق على كأس العالم.

تستعرض صحيفة The New York Times الأميركية هذه الرسائل التي لم يجر تناولها من قبل.

في أحدث رسالة، مؤرَّخة بيوم 2 مايو/أيَّار الماضي، يستشهد ترمب بدورة الألعاب الأولمبية لعامي 1996 و2002 وكأس العالم عام 1994 كأمثلةٍ على الأحداث الدولية الكبيرة التي استضافتها الولايات المتحدة، ويؤكد لإنفانتينو -وبالتالي للناخبين بالاتحاد الدولي- أنه "على ثقةٍ بأن الولايات المتحدة ستستضيف كأس العالم 2026 على نحوٍ منفتح واحتفالي، وأن جميع الرياضيين والمسؤولين والجماهير التي تأهَّلت بلادهم أياً ما كانت سيتمكَّنون من دخول الولايات المتحدة دون تمييز".

وبالطبع، تنتهي ولاية ثانية لترمب في عام 2025، أي قبل أكثر من عامٍ على انطلاق الحدث، وهي حقيقةٌ أشار إليها مسؤولو الملف الأميركي أيضاً في حديثهم مع الناخبين. وقال مسؤولون باتحاد كرة القدم في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا يوم الإثنين، 11 يونيو/حزيران، إنَّ ذلك لم يبد مهماً. وقال كارلوس كورديرو، رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم، إن ما خفَّفَ من وطأة الأمر بالنسبة لبعض الناخبين هو مجرد وجود خطاباته، والتي طُبِعَت على ورقٍ ناصع يعلوه اسم البيت الأبيض ومُذيَّل بتوقيع ترمب المميز بحبرٍ أسود سميك.

وقال كورديرو: "قال ترمب: في هذه البيئة تُمثِّل الكتابة عنصراً قوياً للغاية".

ومن أجل كتابة هذه الخطابات باسم ترمب، أجرى البيت الأبيض مراجعةً بين مختلف الوكالات لصياغة اللغة كما يجب، وفقاً لشخصٍ مُطَّلِعٍ على الملف. وظلَّ جاريد كوشنر، صهر ترمب وكبير مستشاريه، وفريقه على اتصالٍ مع كندا والمكسيك فيما اعتُبِرَ أحياناً التفاعل الوحيد المنسجم مع جيران الولايات المتحدة، وسط صداماتٍ علنية مدوية حول التجارة والهجرة.

على أعلى المستويات

وكما حشد المغرب وزراء الحكومة الحاليين والسابقين لحمل رسالة 2026 إلى الخارج، لعبت الحكومة الأميركية أحياناً دوراً أنشط، فقد كان مجلس الأمن القومي على اتصالٍ مع الدول الأخرى التي يمكن لأصواتها أن تساعد في وضع الولايات المتحدة على القمة، وفقاً لشخصٍ مُطَّلِعٍ على الملف. وقد استفاد كوشنر من علاقته بالعائلة المالكة السعودية، حتى تُصرِّح الرياض علناً بدعمها لجهود أميركا الشمالية.

وستكون بطولة كأس العالم 2026 هي الأولى التي تضم 48 فريقاً بدلاً من العدد الحالي البالغ 32 فريقاً، يُضاف إلى ذلك الحجم الضخم للمشروع -أكثر من 1100 لاعب بالإضافة إلى الملاعب المطلوبة ومراكز التدريب والفنادق والبنية التحتية للنقل من أجل استيعاب الاتحادات والمُشجِّعين- ما يُرجِّح كفة ملف أميركا الشمالية منذ البداية.

لكن بطولة كأس العالم تتطلَّب أيضاً أن يفتح المُضيف أبوابه للجميع، لكن تعليقات ترمب العلنية عن المهاجرين والدول الإفريقية والمسلمين سرعان ما صارت نقطةً للنقاش، عندما قام مسؤولو كرة القدم في أميركا الشمالية بجولات الدعاية للملف. على سبيل المثال، تُعد إيران واحدةً من 6 دول ذات أغلبية مسلمة على قائمةٍ من 8 دول، سعى ترامب لحدِّ السفر منها، لكنها تأهَّلَت لكأس العالم في المرتين الماضيتين. وسوريا بلدٌ آخر طُبِّقَت عليه  قيود السفر، وقد خسرت بطاقة التأهُّل في المراحل الأخيرة من المنافسة لتصفيات كأس العالم 2018.

لم يُصرِّح ترمب علناً إلا بتعليقين على ملف كأس العالم، ولم يكن أيٌّ منهما جيداً. ففي 26 أبريل/نيسان، غرَّدَ قائلاً: "قدَّمَت الولايات المتحدة رفقة كندا والمكسيك ملفاً قوياً لاستضافة كأس العالم لعام 2026. سيكون من العار أن تضغط الدول التي ندعمها دائماً ضد الملف. لماذا يجب علينا دعم هذه البلدان بينما لا تفعل هي المثل (بما في ذلك داخل الأمم المتحدة)؟".

 

بعد ذلك بأيام، ظهر بحديقة البيت الأبيض مع الرئيس النيجيري، محمد بوهاري، وضغط على البلدان الإفريقية لدعم ملف أميركا الشمالية. وقال: "سنراقب عن قربٍ وعن كثب، وأي مساعدة يمكن أن يقدموها لنا في ذلك الملف ستكون محل امتنان". ورأى العديد من المراقبين، المختصين بمجال كرة القدم وغيرهم، أن كل التعليقات هي بمثابة تهديدٍ للدول التي صوَّتَت الاتحادات الخاصة بها للمغرب.

لكن كانت هناك قضايا أخرى أيضاً. من المؤكَّد أن إقامة كأس العالم في أميركا الشمالية ستعني زيادة السفر عبر الحدود، في الوقت الذي دفع فيه ترمب لتشديد الرقابة عليها. لذا، حتى قبل تصريحات ترمب العلنية حول مسابقة عام 2026، بدأ المسؤولون عن الملف في طلب رسائل لطمأنة الاتحاد الدولي والناخبين بأن جهودهم حظيت بالدعم الكامل من حكومة الولايات المتحدة، وبدأ ترمب في التوقيع عليها.

تطمينات من ترمب

وفي 9 مارس/آذار، كتب ترمب إلى إنفانتينو مُعرِباً عن دعمه لملف أميركا الشمالية "بروح شراكة قارية". وبعد ثلاثة أيام، بعث برسالةٍ ثانية تضمَّنَت خمس نقاط تعهَّدَ من خلالها بأن الولايات المتحدة ستحترم قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم، والتي تتطلَّب على سبيل المثال عزف أي نشيد وطني، ورفع أي علم وطني واحترام حقوق الإنسان.

وفي منتصف أبريل/نيسان وبعد زيارة أعضاء اللجنة الفنية للفيفا لكل من المكسيك والولايات المتحدة وكندا لتقييم جاهزية العرض، التقى كورديرو بكوشنر بالبيت الأبيض. ووجه كورديرو الشكر لمسؤولي البيت الأبيض على دعم الإدارة خلال عملية تقديم العرض، بحسب ما ذكره شخص مقرب من الاجتماع، ثم طلب مجموعة من التوضيحات النهائية من ترمب تكفل إمكانية دخول كافة الزوار إلى الولايات المتحدة في حالة فوز الولايات المتحدة باستضافة كأس العالم.

وقال كورديرو: "كان بإمكان الفيفا تحذيرنا إذا لم نتمكن من تقديم هذه التطمينات".

دخل العرض الأميركي سباق كأس العالم لعام 2016 في مرحلة مبكرة ولم يواجه أي معارضة تقريباً. ومع ذلك، فقد أثبت المغرب، الذي خسر عروضه السابقة لاستضافة كأس العالم 5 مرات، ومن بينها منافسته للولايات المتحدة عام 1994، أنه خصم لا يستهان به.

 وأكد المغرب على عشقه لكرة القدم، وقربه من سوق التلفزيون الأوروبي، والأهم من ذلك "الترويج المتباطئ لعرضه".

 وفي الأسابيع الخمسة التي تلت إعداد رسالة ترمب بتاريخ 2 مايو/أيار، جابت تلك الرسالة أنحاء العالم. فقد توجه كورديرو ورئيسا الاتحادين الكندي والمكسيكي لكرة القدم ستيف ريد وديشيو دي ماريا إلى آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا خلال الشهرين الماضين. وكانوا يعلمون في كل محطة لهم، أنه إذا ما أثار أي ناخب محتمل قضية التأشيرات، فسوف يحيلونه إلى رسالة الرئيس، والتي كانت نسختها متاحة على الهاتف النقال من أجل الرجوع إليها.

رسالة إلى مسؤولي الاتحادات بالفيفا

وقد نقل كورديرو فحوى تلك الرسالة في خطاب خاص به أرسله، في 25 مايو/أيار، إلى كبار مسؤولي 211 من الاتحادات الأعضاء بالفيفا، وأرسلها إلى مجلة Times يوم الإثنين أيضاً.

 وكتب كورديرو: "خلال مناقشة عرضنا مع اتحادات كرة القدم حول العالم، تمثل أحد الموضوعات في قضية التأشيرة واشتراطات الدخول إلى الولايات المتحدة عام 2026. أريد أن أؤكد لكم أننا نأخذ هذا الأمر على محمل الجدية، وقد قدمت الولايات المتحدة تعهدات قوية إلى الفيفا".

 وأشار كورديرو في الخطاب المؤرخ في 12 مايو/أيار أيضاً، والصادر عن وزير الخارجية في ذلك الحين ريكس تيلرسون، والذي أكدت به الولايات المتحدة على عزمها "إصدار التأشيرات بمقتضى القانون الأميركي، دون النظر إلى الجنس أو لون البشرة أو الأصول العرقية أو الوطنية أو الاجتماعية أو النوع الاجتماعي أو اللغة أو الديانة أو الرأي السياسي، أو أي رأي آخر، أو الإعاقة أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر أو التوجه الجنسي".

 وأضاف كورديرو في خطابه: "إننا على ثقة أن تلك الضمانات سوف تكفل إمكانية وصول كل مشجع مؤهل أو عضو بمنظمة الفيفا إلى بلادنا، لحضور والاحتفال بكأس العالم التي سوف تنظمها الفيفا عام 2026.

تحميل المزيد