تستعد سنغافورة، الثلاثاء 12 يونيو/حزيران 2018، لاستضافة القمة المرتقبة بين أقوى قادة العالم وأكثرهم تقلباً للمرة الأولى، رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وإذا كانت المدينة أصبحت جاهزة لاستقبال الزعيمين، فإن مطاعم وحانات المدينة أيضاً تعمل على قدم وساق، من أجل أن تستفيد بدورها من هذا الحدث السياسي الأبرز.
وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، فإن مدينة سنغافورة كانت توصف بأنَّها تتمتع بأجواء صالات المطارات أو مراكز التسوق الكبيرة. فالفوضى والقاذورات ليست موضع ترحيبٍ هنا، سواء كان ذلك في هيئة إلقاء قمامة، أو مضغ علكة، أو كتابةٍ على الجدران، أو احتجاجٍ سياسي. ولو أراد أحدهم عبور الطريق بعيداً عن المسار المخصص لذلك، فليفعل هذا على مسؤوليته الخاصة.
ويقول إريك هوك كنغ، المقيم في سنغافورة (36 عاماً) للصحيفة البريطانية: "أتمنى ألا تكون هذه مجرد وسيلة للتحايل، أو محض حيلة. إنَّه حدث كبير، وعلينا في سنغافورة أن نفخر بأنَّ بلدنا الصغير قد اختير وجهةً تجمع هذين القائدين من أجل عقد قمة سلام. يمكن لجميعنا الاستفادة من التوصل إلى اتفاقٍ سلمي، لذلك دعونا نأمل أن تثمر القمة عن شيءٍ إيجابي، وسيكون هناك سبب للاحتفال في الأسبوع القادم".
هنا، ترامب ليس مُعرَّضًا لنشوب أي احتجاجاتٍ سياسية في الشوارع كالتي استقبلته أثناء زياراتٍ خارجية أخرى. إذ تحظر الحكومة في سنغافورة إقامة تظاهراتٍ دون ترخيص، ويمكنها اعتبار أي تجمع مكون من خمسة أشخاص فقط تجمعاً غير قانوني.
حتى الممثل الكوميدي الأسترالي، المعروف بكونه أفضل من يحاكي شخصية كيم جونغ أون، أَمَرَته السلطات السنغافورية عند وصوله بالابتعاد عن المناطق المحيطة بالقمة.
فندق القمة كلفة غرفته 10 آلاف دولار أميركي لليلة
سيُعقد مؤتمر القمة في فندق Capella الفخم بجزيرة سينتوسا، وهي جزيرة صغيرة يربطها بالبر الرئيسي جسر وحيد. كانت معروفة يوماً بماضيها العنيف القاتم كموطنٍ للقراصنة، لكنَّها أصبحت الآن منتجعاً لملاعب الغولف، والمنتجعات المائية الشبيهة بديزني لاند.
كان طريق الفندق (حيث يمكن أن تصل تكلفة الغرفة إلى 10700 دولار أميركي في الليلة، واستضيفت المغنيتان الأميركتان ليدي غاغا ومادونا) محاطاً بإجراءات مشددة، فيما ذكر النزلاء أنَّ الطابق الثاني بأكمله كان مكتنفاً بستائرَ قاتمة.
وفي أنحاء الجزيرة، كانت مهمة تجميل الشوارع قد بدأت بالفعل، إذ أعاد العمال طلاء حواف الأرصفة وأزالوا الأوراق الميتة عن ترتيبات الأزهار، والأشجار المورقة المشذبة.
وتقول الصحيفة البريطانية، إنه يمكن رؤية الحواجز الأمنية حول سنتوسا، وأعرب السكان عن قلقهم بشأن دخول الجزيرة والخروج منها. لكن بينما بدا معظم سكان سنغافورة راضين عن اختيار بلدهم الصغير لاستضافة مثل هذه القمة الضخمة، لم يكن بعض الزائرين سعداء بذلك. تهز سيلفياً (21 سنة) التي كانت في زيارة من نيويورك رأسها في فزعٍ، قائلة: "حجزتُ هذه العطلة منذ ستة أشهر هرباً من ترمب. لا يمكنني تصديق أنَّه تبعني إلى هنا".
دبلوماسية "الكيمتشي" و"الطاكو"
وبينما يعتبر موقع الجزيرة مثالياً من ناحية الأمان، فإنَّ قرب فندق Capella إلى البستان الأخضر الضخم لنادي سنتوسا للغولف المجاور ربما يكون أيضاً ميزة إضافية لترمب، المعروف بحبه لهذه الرياضة تحديداً. امتنع نادي الغولف عن التعليق بخصوص ما إن كان مستعداً لاستضافة ترمب للعب مباراة بعد القمة.
ومع خلو شوارع سنغافورة النظيفة من البضائع غير الرسمية رديئة الصنع المرتبطة بالقمة، اقتصر الاحتفال بها بصورةٍ رئيسية على مطاعم المدينة وحاناتها. أَمَرَ زاك وين (34 عاماً)، المؤسس المشارك لمطعم Harmony Nasi Lemak، طهاته بإعداد طبق الأرز بطريقة خاصة، تكريماً للقمة واحتفاءً بكلا الزعيمين، إذ استخدموا في صنع الكيمتشي لحماً بقرياً مستورداً من أميركا لأجل ترمب خصيصاً.
ويقول وين: "يتحدث دونالد ترمب في كل مفاوضاته التجارية عن اللحم البقري المصدَّر، وعن ضرورة حماية لحمه، لذا فكرتُ في استخدام لحم بقري أميركي". وتشمل الوصفة أيضاً الكيمتشي الكوري الخاص. يقول وين إنَّ حجم الوجبة Huge أو "ضخم" كما ينطقها ترامب، في إشارة إلى أميركا.
ويضيف وين: "تسود العالم الكثير من السلبية في الوقت الحالي، لكنَّ هذه لحظة نادرة تشهد إحرازنا تقدماً نحو تحقيق السلام، لذا قررنا تمييز هذا اليوم بطبقٍ خاص. عندما سمعنا الأخبار التي تقول إنَّ دونالد ترمب قادم إلى سنغافورة، كنا جميعاً مبهورين. اعتقد الناس أنَّ بإمكان أوباما حل المشكلة، وظنوا أنَّ بإمكان بيل كلينتون حلها أيضاً، لكن لا، إنَّه دونالد ترمب، أبعد رئيس يمكن التفكير في قيامه بذلك. لله حكمة في كل شيء".
الناس يفضلون "مشروب ترمب"
وتضيف الصحيفة، ابتكر مطعم Lucha Loco المكسيكي للتاكو، وجبتيّ تاكو أطلق عليهما إل ترمبو وإل أومبر كويت (أي الرجل الصاروخي) احتفاءً بالقمة. ويوضع اسم أي شخص يطلب أياً منهما في سحب، يُتاح لفائزه اختيار تحطيم تمثال مصغر لترمب أو كيم.
وقال جوش جونز رئيس الطهاة: "من الواضح أنَّ هذه القمة بالغة الأهمية، إذ يتحدث الناس عنها بجديةٍ شديدة، لذلك أردنا فقط تخفيف وطأة الأمور قليلاً والحصول على قليل من المرح. نعتقد أنَّ الناس مستعدون لتسديد ضربة قوية لكلا الزعيمين".
أما ستان سري غانيش، مالك شركة Escobar بسنغافورة، فقد أعد مشروبين باللون الأحمر والأزرق، وأطلق عليهما ترمب وكيم. ويمكن أن ترمز شعبيتهما إلى توازن علاقات القوة بين دول القمة.
ضحك غانيش قائلاً: "يجب أن أعترف أنَّه عندما يتعلق الأمر بمبيعات المشروبين، يميل المشروب الفائز نحو ترمب باعتباره ما يفضله الناس في الوقت الحالي. هذا ما صار يحدث في عالمنا، أليس كذلك؟ يميل كل شيء باتجاه ترمب".
قرب مطعم ماكدونالدز لطمأنة الوفد الأميركي
وصُنِّفت المنطقة التي يقيم فيها الزعيمان خلال القمة -ترامب في فندق Shangri-La وكيم في فندق St Regis- منطقةً خاصة، لكنَّ سير العمل كان كعادته هذا الأسبوع، مع ظهورٍ طفيف لقوات الأمن. يمكن للفريق الممثل لأميركا أن يطمئن أيضاً، إذ يقع فندق Shangri-La على بُعد ثلاث دقائق فقط بالسيارة من أقرب مطعم ماكدونالدز، وهو الطعام المفضل لدى ترامب.
ومن حسن الحظ أنَّ ترامب لن يصل قبل الأسبوع المقبل، إذ كان من الممكن أن يسبب جدول Shangri-La هذا الأسبوع بعض التوترات. فيوم الأربعاء محجوز لإقامة فعالية تحتفل باليوم الوطني لروسيا.