تشهد مدينة إدلب السورية وريفها عمليات اغتيال واسعة ضد القادة العسكريين في "هيئة تحرير الشام"، التي أدرجتها الولايات المتحدة الأميركية على قوائم الإرهاب، آخرها كانت أن ليلة الثلاثاء 5 يونيو/حزيران قتل القيادي محمد أبو عبدالله، الذي يحمل الجنسية السعودية، وهو من بين العشرات الذين قتلوا خلال الشهر الماضي بنفس الطريقة.
وقال شهود عيان، إن مجهولون أطلقوا الرصاص على أبو عبدالله أثناء وجوده في أحد البساتين بالقرب من مدينة معرة النعمان بريف إدلب، لافتين إلى أن إصابته كانت بليغة، وأدت إلى وفاته فوراً.
حرب اغتيالات
وأوضح ناشط من مدينة إدلب، تواصل "عربي بوست" معه عبر الإنترنت، أن الفصائل الإسلامية وفصائل المعارضة السورية من جهة، و"هيئة تحرير الشام" من جهة أخرى، اتَّخذوا من الاغتيالات وسيلةً جديدةً للحرب بينهم، مشيراً إلى أن ذلك بات يحدث بعد أن كانت تجري معارك بين تلك الأطراف داخل المدن والبلدات، وهو الأمر الذي تسبَّب بفقدانهم مناطق واسعة لصالح النظام السوري أو القوات الكردية.
وأضاف أن الأسبوع الماضي عند وجوده في السوق، سمع إطلاق رصاص بشكل مفاجئ، وسقط شابان لا يحملان السلاح، لافتاً إلى أنه تبيَّن فيما بعد أنهما أيضاً من هيئة تحرير الشام.
تهديد للمنطقة
أحد قادة فصائل المعارضة السورية في إدلب قال لـ"عربي بوست"، إن وجود "تحرير الشام" يشكل تهديداً دائماً بقصف المنطقة أو الاعتداء عليها من قبل النظام وروسيا، لافتاً إلى أن قادة الهيئة هم من قيادات تنظيم القاعدة، الذين انتقلوا إلى سوريا، وشكَّلوا "جبهة النصر"، وبيَّن أن القيادي السعودي محمد أبو عبد الله هو أحد قيادات القاعدة الذين قاتلوا في أفغانستان والعراق، ومن ثم انتقل إلى محافظة دير الزور.
وكانت الخارجية الأميركية قد قالت في بيان لها الأسبوع الماضي، إن هيئة "تحرير الشام" هي الاسم الجديد المستعار الذي أطلقته جبهة "النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، كبديل لاسمها في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، وذلك كوسيلة لمواصلة عملها في سوريا. وقال منسق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية، ناثان سيلس، إن "تصنيف اليوم يسير في اتجاه أن الولايات المتحدة لا تنخدع بمحاولة القاعدة إعادة تشكيل نفسها".
لا مكان للعودة
وأضاف القيادي الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته لحساسية المسألة، أن المنطقة لن تهداً في حال بقاء هيئة تحرير الشام، ونوّه إلى أن هناك مساعي لحلها، وشدد على أن عدم قبولها "يجعلنا نكمل في مشوار محاربتها حتى القضاء عليها"، وقال: "أعطت (الهيئة) الذريعة للنظام وروسيا لقصف بيوت المدنيين والأسواق بحجة الإرهاب".
حل التنظيم بشكل كامل
الاغتيالات بدأت بعد رفض قيادات تنظيم القاعدة في "جبهة النصرة"، ومن ثم في "هيئة تحرير الشام" حل هذا التنظيم العسكري، وأصرّوا على البقاء في جسم عسكري واحد، ولفت القيادي في المعارضة السورية إلى أنه باتت هناك قناعة أن اغتيال القادة في الهيئة، وعلى رأسهم الأجانب، هو الحل الوحيد للخلاص من هذا التنظيم.
وقال: "الصقور الموجودون داخل الهيئة، وهم من المقاتلين القدامى في تنظيم القاعدة والمخلصين له، هو ما يقف عائقاً بوجه حل التنظيم"، وأضاف أن فصائل المعارضة السورية تبحث عن إبعاد الخطر عن إدلب، وهو ما تم التأكيد عليه في جلسة أستانا الأخيرة مع روسيا، مستدركاً بالقول: إن "حل الهيئة وطرد قيادات القاعدة هو الحل الوحيد لتجنيب إدلب مصير الرقة أو دير الزور".