في غضون 11 يوماً فقط، أنهت رابطتا أولتراس أهلاوي وأولتراس "وايت نايتس" المنتمية لنادي الزمالك، مسيرتهما في الحياة الرياضية والعامة في مصر.
جاء هذا بعد مسيرة وصلت إلى فقدان الأرواح في المدرجات، مثلما حدث في بورسعيد مع جماهير الأهلي، التي توفي منها 72 مشجعاً، في فبراير/شباط 2012، ونفس الأمر لجماهير الزمالك، التي سقط منها 20 مشجعاً، في فبراير/شباط 2014 بملعب الدفاع الجوي.
في الـ8 من أبريل/نيسان 2018 وعقب قرار أصدرته مجموعة أولتراس أهلاوي قضى بحل الرابطة الخاصة بهم، أصدر أولتراس الزمالك (وايت نايتس) بياناً رافضاً لفكرة حلِّه، مؤكداً تمسُّكه بموقفه واستمراره في مواجه السلطة.
الضغط الذي تتعرض له المجموعة أشد من أن تعبِّر عنه الكلمات، يورد بيان "الوايت نايتس"، ويضيف أن عاصفة جارفة تطيح بكل من يقف أمامها ولا حاجة لمزيد من التوضيح، "عذراً يا سادة، طواحين المبادئ داخل الوايت نايتس غير قابلة للدوران إلا في اتجاه واحد مهما اشتد التيار، وعليه نؤكد أننا ما زلنا واقفين عند تلك النقطة لم نتزحزح عنها".
لكن، لم يمضِ كثير من الوقت حتى كان أولتراس الزمالك ينضم إلى رَكب المصالحة هو الآخر، مصدِراً بياناً، معلناً فيه أن الرابطة وأعضاءها جزء من الدولة المصرية، يكنُّون لأجهزة الدولة كافة كل الاحترام، "في ضوء ما سبق، فقد قررنا حل رابطه أولتراس وايت نايتس نهائياً؛ احتراماً لسيادة القانون".
الحل إذعان وليس اختياراً
ولم يكن قرار حل المجموعتين بيد القادة، الذين "أعلنوا القرار ونفَّذوا التعليمات"، بحسب ما قاله أحد المقربين من مجموعة أولتراس أهلاوي لـ"عربي بوست".
وأوضح أنه في الآونة الأخيرة، يضع الأمن في مصر مجموعتي أولتراس أهلاوي ووايت نايتس في بؤرة اهتماماته، ويضغط عليهما بشدة، ودائماً مع الذكرى السنوية لأحداث مذبحة بورسعيد، أو الدفاع الجوي يقوم بالقبض عليهم.
وأضاف "لذا لم تكن هناك خيارات أمام المجموعتين إلا تنفيذ ما يريده الأمن، في ظلِّ أنه لا توجد مباريات بحضور جماهير في المدرجات، والتي هي الأساس الذي قامت عليه مجموعات الأولتراس".
صفقة سرية.. الحل مقابل الحرية
المصدر ذاته قال إنه قبل أيام من الإعلان عن حل مجموعة أولتراس أهلاوي، قام الأمن باستدعاء 5 من العناصر القديمة في المجموعة، بالرغم من أن بينهم أشخاصاً ابتعدوا تماماً عن المشهد، وليست لهم علاقة مباشرة بالمجموعة في الوقت الحالي، لكنهم معروفون لدى الدولة.
الأمن أبلغهم أن الأولتراس انتهى إلى الأبد، وعليهم الإعلان عن ذلك على الملأ، وأمام كل وسائل الإعلام، وحال رفضهم ذلك لن يخرج من تم القبض عليهم من قبل، بل وسينضمون هم إليهم، مع منحهم 48 ساعة مهلة للتنفيذ.
"لم يكن الأمر يحتاج لإهدار المزيد من الوقت، فقرر القادة الموافقة على طلبات الأمن، وتنفيذ كل ما يريد"، على حد قوله.
الأمر برمته حدث كذلك مع "وايت نايتس"، وفقاً لما قاله مصدر داخل المجموعة لـ"عربي بوست"، مع اختلاف بعض التفاصيل.
إذ عانت المجموعة من انقسام لوجود عناصر مسيسة فكرياً ولا علاقة لها بالتشجيع، قامت بالاستيلاء على الصفحة الرسمية للمجموعة على فيسبوك، ومجموعة أخرى تدفع الثمن مع الأمن، وتعاني من الاعتقالات، ولم يكن أمامها طريق سوى الموافقة على تنفيذ طلبات الأمن.
ويبدو الأمر واضحاً من بيان كل مجموعة في إعلانها الحل، وتأكيد احترامها للدولة، وحدوث اختراق لعناصر المجموعتين بشكل يضر بمصلحة مصر.
ولعل تصريحات محمد فتحي، محامي مجموعات من معتقلي الأولتراس، تبدو متسقة مع ما قاله المصدر، إذ يقول: "إن التهمة الأبرز التي وُجِّهت لكثير من شباب الوايت نايتس كانت الانضمام إلى مجموعة إرهابية، وعليه فإن قرار حل تلك المجموعة، وإعلان ذلك سينعكسان إيجاباً على سير التحقيقات، لم تعُد هناك مجموعه أولتراس، وسيخرج إن شاء الله كثير من الشباب. قرار حل الرابطة كان حكيماً ومنطقياً".
الدولة تجهز البديل
ولم يتوقف دور الدولة عند حل الرابطتين، لكنها أيضاً قدمت البديل، بشرط أن يكون بعلمها، وتحت طوعها، فصرَّح خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة لقناة DMC sport، في تعليق منه على قرار حل الرابطتين: "بحكم قانون الرياضة الجديد، الروابط القديمة غير رسمية، فالروابط يجب أن تكون تحت إدارة مجالس الإدارات المنتخبة بالأندية، ويتم اختيار رئيس الرابطة ونوابه، ويكون متعارفاً عليهم. حدث تقنين للروابط وعلى الجميع الالتزام به".
وأضاف "نرحب بشباب مصر دون أي مسمى، لكم الحق في الانتماء لأنديتكم للاستمتاع بالمباريات دون مجموعات أو أسماء معينة".