بعد عامٍ أمضاه بعناية في صقل علاقته بأميرين في شبه الجزيرة العربية، اعتقد إيليوت برويدي، أحد كبار جامعي التبرعات للرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنَّه اقترب أخيراً من الحصول على صفقاتٍ تساوي أكثر من مليار دولار أميركي، بحسب تحقيقٌ أجرته وكالة Associated Press، فيما اعتبر محامي برويدي أن الوثائق المسربة التي استند إيها التحقيق مزورة.
وتقول رواية وكالة أسوشيتد برس أن برويدي تقرب من وليي العهد في السعودية والإمارات، اللذين كانا يسعيان إلى تغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومعاقبة قطر، منافستهما في الخليج التي أطلق عليها لقب "الثعبان".
لجأ برويدي إلى إغراق واشنطن بالتبرعات
فقد ساعد رجل الأعمال القادم من ولاية كاليفورنيا في قيادة حملة سرية للتأثير على البيت الأبيض والكونغرس، وأغرق واشنطن بتبرعاتٍ مالية سياسية.
عمل برويدي وشريكه اللبناني جورج نادر كحلقة اتصال بين الأميرين والبيت الأبيض، ينقلان مديحهما ورسائلهما مباشرة إلى آذان الرئيس.
وعندما حل شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2017، كان برويدي مستعداً ليُكافأ على جهوده الكبيرة.
حينها كان وقت جني الثمار.
وتوقع الرجلان المكافأة: عقود استثمارية ضخمة
في مقابل دفع السياسات المناهضة لدولة قطر إلى أعلى المستويات الحكومية الأميركية، توقع برويدي ونادر عقوداً استشارية ضخمة من السعودية والإمارات، وذلك بحسب ما توصل له تحقيقٌ أجرته وكالة Associated Press استناداً إلى مقابلاتٍ مع أكثر من عشرين شخصاً، ومئات الصفحات المسربة من رسائل البريد الإلكتروني بين الرجلين. وشملت رسائل البريد الإلكتروني التي طالعتها الوكالة ملخصات العمل، ومستندات ومقترحات تعاقد.
وذكرت الوكالة سابقاً أن برويدي ونادر سعيا لإقرار مشروع قانون مناهض لقطر في الكونغرس، بينما كانا يُخفيان مصدر تمويل حملتهما المؤثرة. وتكشف رسائل البريد الإلكتروني الجديدة التي حصلت عليها الوكالة عن جهدٍ طموح وسري للضغط يعزل دولة قطر، ويقوض علاقة البنتاغون الطويلة بالدولة الخليجية.
إلا أن الرجلين ينفيان رواية الوكالة ويتهمانها بالتزوير
وزعم كريس كلارك محامي برويدي أنَّ التقرير "يستند إلى وثائق مزورة وملفقة، حصلت عليها الوكالة من جهاتٍ عُرف عنها السعي لإلحاق الضرر ببرويدي".
وأضاف كلارك: "لكي أكون واضحاً، نادر مواطن أميركي، وليس هناك أي دليل يشير إلى أنَّه يوجه تحركات برويدي، ناهيك عن فعله ذلك نيابةً عن كيانٍ أجنبي".
لكن الوكالة تتمسك بأنها حقيقية.. ولديها حججها
أجرت الوكالة مراجعةً مفصلة لرسائل البريد الإلكتروني والوثائق، وتحققت من محتواها بالرجوع إلى عشرات المصادر، وتبين أنَّها ترتبط بشدة بهذه الأحداث الحقيقية، بما في ذلك التزلف للأمراء وما يخص جماعة ضغط الكونغرس والبيت الأبيض.
وتكشف الرسائل الجديدة عن اجتماعٍ سابق مع الرئيس لم يُعلن عنه، وتُقدم أكثر التفاصيل دقة حتى الآن عن عمل اثنين من النافذين في واشنطن ممن تورطوا في الاضطرابات المتعلقة بالتحقيقات الجنائية حول ترمب.
الضغط لتحقيق مكاسب شخصية ليس بالأمر الجديد في واشنطن، بل إنَّ ترامب نفسه حول هذه "الثقافة الفاسدة" إلى صيحة لحشد مؤيديه عندما وعد "بتجفيف المستنقع".
إذ غرد ترمب قبل الانتخابات: "سأجعل حكومتنا نزيهةً مرةً أخرى، صدقوني. ولكن أولاً عليّ تجفيف مستنقع واشنطن".
لكنَّ حملة برويدي لتغيير السياسة الأميركية بالشرق الأوسط وجني ثروةٍ لنفسه تُظهر أنَّ أحد أكبر رجال المال حول الرئيس قد وجد الوصول لذلك المستنقع أسهل من أي وقتٍ مضى بوجود ترمب في منصبه.
ورفضت كاثرين رويملر محامية نادر التعليق على التقرير. في حين أكد مسؤول سعودي أن الحكومة تناقشت مع نادر، لكنَّها لم توقع أي عقودٍ معه أو مع برويدي.
فكيف بدأت الحكاية من أولها؟
برويدي ونادر ليسا مسجلين لدى حكومة الولايات المتحدة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وهو قانون يهدف إلى جعل جماعات الضغط التي تعمل لصالح الحكومات الأجنبية تكشف عن روابطها وأنشطتها السياسية المحددة. ويشترط القانون التسجيل حتى لو لم يكن العمل نظير مقابلٍ مادي، إذ يكفي أن يكون موجهاً لخدمة أغراضٍ أجنبية من خلال مهام سياسية.
ويترتب على انتهاك قانونٍ فيدرالي دفع غرامةٍ قد تصل بحد أقصى إلى 10 آلاف دولار، أو السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
يرى برويدي أنَّه غير ملزم بالتسجيل لأنَّ حملته المناهضة لدولة قطر لم تكن موجهة من عميلٍ أجنبي وجاءت بمبادرةٍ شخصية. لكنَّ الوثائق تُبين أنَّ الضغط كان متداخلاً مع سعيه لإبرام عقودٍ منذ البداية، وشمل ذلك تنفيذ مهامٍ سياسية محددة لصالح الأميرين، اللذين أُدرجت بلادهما ضمن فئة "عملاء" حملة الضغط في جدول بيانات شركة Circinus الخاصة ببرويدي.
وقال كلارك محامي برويدي في تصريح لوكالة Associated Press: "مثلتُ برويدي لسنواتٍ عديدة، وقد امتثل لجميع القوانين ذات الصلة، بما في ذلك قانون تسجيل الوكلاء الأجانب".
إنهم شركاء حملة مناهضة قطر التي لاقت صدى بواشنطن
وتُفيد ملخصات كتبها برويدي عن اجتماعين مع ترمب -لم يكشف عن أحدهما من قبل- بأنَّه كان ينقل رسائل إلى الرئيس من الأميرين، وأنَّه أخبر ترمب عن سعيه للعمل معهما.
وبحلول شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، حظي الشركاء بموجةٍ من النجاح في حملتهم لمناهضة لقطر، ولاقت صدى بواشنطن.
زاد نفوذ السعودية بعد انتخاب ترمب، وسعى برويدي لنسب الفضل في ذلك إليه، وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني، وكان حريصاً على جمع الدفعة الأولى التي بلغت 36 مليون دولار أميركي نظير عقد جمع معلومات استخباراتية لصالح الإمارات.
وربما سار كل شيء بسلاسة لولا عامل محدد؛ وهو تعيين روبرت مولر محققاً خاصاً للنظر في مزاعم التدخل الروسي في انتخابات عام 2016.
برودي اعترف من قبل بارتكابه تهمة دفع الرشوة
تجسد الشراكة ما بين برويدي (60 عاماً) ونادر (59 عاماً) من نواحٍ عدة ذلك التأثير الداخلي للمتعهدين في واشنطن، الذي منحهم لقب "قطاع الطرق".
تميزت المسيرة المهنية للرجلين بمخاطراتٍ ناجحة للغاية، وإخفاقاتٍ مدوية، وإداناتٍ جنائية. وكانت بداية إدارة ترمب فرصةً حتى يعودا إلى المجد.
جنى برويدي ثروةً من الاستثمارات، وكان رئيساً مالياً للجنة الوطنية بالحزب الجمهوري من عام 2006 إلى عام 2008. ولكن عندما قرر صندوق التقاعد الحكومي بولاية نيويورك استثمار 250 مليون دولار معه، وجد المحققون أنَّه أغدق على مسؤولين حكوميين بهدايا غير قانونية بحوالي مليون دولار، في حين جمع 18 مليون دولار من رسوم الإدارة.
وفي عام 2009، اعترف برويدي بارتكابه تهمة دفع رشوة.
وقال برويدي في اتفاق الاعتراف والتعاون الذي أبرمه مع المحققين: "لأحصل على استثمارات من صندوق التقاعد المشترك بولاية نيويورك، دفعتُ أموالاً لصالح كبار المسؤولين في مكتب المراقبة المالية بولاية نيويورك، الذي كان له التأثير وسلطة اتخاذ القرار في ما يخص الاستثمار".
وعلق أندرو كومو، المدعي العام لنيويورك آنذاك، على الأمر واصفاً إياه بأنَّه: "جريمة رشوة معتادة". وأضاف كومو، الذي أصبح حاكم ولاية نيويورك حالياً: "هذه رشوة بالفعل لمسؤولي الدولة، ولم تدفع لشخصٍ واحدٍ فقط".
وبعد ثلاث سنوات، خُفِّفَت إدانة برويدي إلى جنحة بعد أن وافق على التعاون مع المدعين العموميين، وأعاد الملايين الثمانية عشر إلى الدولة.
في حين كانت جريمة نادر هي الاعتداء الجنسي على الأطفال
كمهاجر لبناني شاب إلى الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن العشرين، سرعان ما رسَّخ قدمي كرجل أعمال مستقل قوي، وأسس مجلةً سياسية اسمها Middle East Insight. وبحلول تسعينيات القرن الماضي، ارتقى نادر ليصبح لاعباً وراء الكواليس، فكان يُعد حفلات العشاء لشخصياتٍ إسرائيلية وعربية رفيعة المستوى، ويجمعهم برجال الأعمال النافذين في واشنطن والمشرعين الأميركيين.
لكنَّه أدين في مايو/أيار 2003 في جمهورية التشيك بعشر تهم تتعلق بالاعتداء الجنسي على قاصرين، وحُكم عليه بالسجن لمدة عام، بحسب ما كشفت وكالة Associated Press في مارس/آذار.
ووفقاً للسلطات التشيكية، قضى نادر عاماً بالسجن في براغ، ثم طرد من البلاد.
لكن هذا الماضي الدنيء لم يُشكل عقبةً في طريقه، إذ تمكن من صقل علاقته بعددٍ من الشخصيات النافذة.
فبعد انتهاء حرب العراق عام 2003، عاد إلى الظهور هناك، حيث كان المتعهدون يجنون ثروةً من مساعدتهم التحالف الأميركى، وسلطة ما بعد صدام حسين في إعادة بناء البلاد وتسليح جيشها.
عمل نادر مع مقاول عسكري خاص من الولايات المتحدة، وهو إيريك برنس، الذي اشتهرت شركته السابقة Blackwater بسمعتها السيئة بعد أن أسفر إطلاق نار في بغداد عام 2007 عن مقتل 14 مدنياً.
بدأ التعاون بين الرجلين قبل تنصيب ترمب بقليل
يعيش نادر حالياً في الإمارات حيث يعمل مستشاراً لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وكانت علاقة نادر بولي العهد وإيريك برينس هي ما لفت انتباه المحققين الأميركيين في التحقيق الروسي. فانصب اهتمام فريق مولر على اجتماعين عُقدا قبل تنصيب دونالد ترمب.
الاجتماع الأول كان في سيشيل، وهي مجموعة جزر استوائية في المحيط الهندي. ولفت الاجتماع نظر المحقق لأنَّه ضم الأمير، والمستشار غير الرسمي لترمب، والمستثمر الروسي كيريل ديميترييف الذي يتمتع بعلاقاتٍ وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فأثار تساؤلاتٍ حول ما إذا كان محاولةً لإنشاء قناة اتصال غير رسمية بين روسيا وإدارة ترامب القادمة.
في حين عُقِدَ الاجتماع الآخر في برج ترمب بنيويورك، وحضره ولي العهد ونادر أيضاً.
وفي اللقاء الأول خططا لمهمة "طحن قطر" وحصد الملايين
وبعد أسابيع قليلة، اجتمع برويدي ونادر للمرة الأولى خلال تنصيب ترمب. وسرعان ما عمل الرجلان على شراكتهما الناشئة، فأرسل نادر إلى برويدي عنوان بريده الإلكتروني الخاص من خلال خدمة ProtonMail المشفرة.
وتُظهر الوثائق أنَّهما خططا لمهمةٍ ذات مسارين: شن حملة ضد قطر لكسب ود الأميرين، ثم تحويل هذا النجاح إلى ملايين الدولارات في صفقات تسليح.
بالكاد عرف الرجلان بعضهما البعض، لكنَّ ترمب كان يُصغي إلى برويدي، في حين ادعى نادر أنَّ محمد بن سلمان ومحمد بن زايد يصغيان إليه.
وفي 7 فبراير/شباط 2017 ، كتب برويدي إلى أحد موظفي لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب بشأن مشروع قانون يهدف إلى فرض عقوباتٍ على قطر بسبب دعمها المزعوم للجماعات الإرهابية، وهو جزءٌ مما سماه نادر "طحن قطر".
في اليوم التالي، أرسل برويدي إلى نادر يسأله عن عقدٍ محتمل مع السعودية لتدريب القوات العربية على القتال في الحرب المتصاعدة باليمن.
ثم عرضا تدريبات وأعمال جاسوسية في اليمن مقابل مليار دولار
خلَّفت الحرب الأهلية التي دامت ثلاث سنوات آلاف القتلى من المدنيين، ونزح بسببها الملايين، ووضعت البلاد بأكملها على أعتاب مجاعة، وأصبحت الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم. وجذبت الحرب عدداً لا يحصى من المقاتلين، شمل تحالف بقيادة السعودية والإمارات تدعمه الولايات المتحدة.
عرض برويدي ونادر على الأميرين خططًا متعددة مقابل أعمالاً تتجاوز مليار دولار. وكان أحد العروض هو المساعدة في إنشاء قوة مقاتلة إسلامية تضم 5 آلاف جندي. وتمثلت أخرى في مساعدة الإمارات على جمع معلوماتٍ استخباراتية. في حين شملت خطة ثالثة تعزيز الأمن البحري والحدودي السعودي. بينما ارتبطت خطة رابعة بإقامة مراكز لمكافحة الإرهاب في المملكة.
وفي رسالةٍ موجزة إلى برويدي، قال نادر إنَّ الأميرين سعداء للغاية بالعقود المقترحة، خاصةً ولي عهد أبو ظبي.
ولكن توجب عليهما أولاً التركيز على حملة الضغط على قطر.
ثم اقتراح "فضح ومعاقبة" قطر بميزانية 12 مليون دولار
وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني اقترح نادر وبرويدي ميزانية تزيد على 12 مليون دولار "لفضح ومعاقبة" قطر، ولدفع الولايات المتحدة للضغط عليها "حتى تساعد في الأعمال المناهضة لإيران"، وفقاً لوثيقة تعود لمارس/آذار 2017.
وكان جوهر خطتهما هو تقديم أدلة على قوة علاقة قطر بإيران، ودعمها للجماعات الإسلامية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين. فإيران هي المنافس الإقليمي الرئيس للسعودية وخصمها في حرب اليمن.
نظرياً، عمل نادر وبرويدي لإقناع الحكومة الأميركية بفرض عقوباتٍ على قطر، ونقل قاعدةٍ عسكرية رئيسية منها إلى بلدٍ آخر في الخليج. وقال برويدي إنَّ له صلاتٍ مباشرة بوزير الخزانة ستيفن منوشين Steven Mnuchin.
وكتب برويدي إلى نادر: "منوشين صديق مقرب، أنا وزوجتي سنحضر حفل زفافه في واشنطن يوم 24 يونيو/حزيران. ويمكنني المساعدة في إقناعه بأهمية أن تضع وزارة الخزانة العديد من الأفراد والمنظمات القطرية على قوائم العقوبات المطبقة".
لكن نقل القاعدة الأمريكية من قطر بدا غير محتمل
تعد قاعدة العُديد الجوية الموجودة خارج الدوحة من المقومات العسكرية المهمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وتعد قاعدة العمليات الأمامية للقيادة العسكرية المركزية الأميركية، وتضم حوالي 10 آلاف جندي أميركي؛ وهو وضعٌ جيوسياسي يسعى خصوم قطر في منطقة الخليج إلى تغييره. وتعد القاعدة في الوقت الراهن، في ظل تصاعد التوتر في منطقة الخليج، من بين المزايا الرئيسية التي تملكها قطر للحفاظ على نفوذها في واشنطن. وتفرض قطر، على عكس غيرها من الدول، عدداً قليلاً من القيود على عمل القاعدة، بل إنَّها تبني منشآتٍ جديدة للقوات الأميركية.
ومن غير المحتمل أن تقتنع الحكومة الأميركية باتخاذ خطوة نقل هذه القاعدة الحيوية في الخليج، حتى في ظل المساعي الحالية المستمرة لتحسين صورة الإمارات والسعودية.
فالسعودية لديها تاريخٌ من التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان؛ ولا تزال مرتبطة في أذهان العديد من الأميركيين بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، التي كان 15 من أصل 19 من منفذيها سعوديين، وكان اثنان منهم من الإمارات العربية المتحدة.
ولا يقل سجل الإمارات العربية المتحدة سوءاً. ففي العام الماضي، كشفت وكالة Associated Press أنَّ الإمارات تدير "سجوناً سرياً" في اليمن، ويرتكب جنودها في هذه السجون عمليات تعذيب بحق السجناء، تشمل في بعض الأحيان ربطهم في سيخٍ وشيَّ لحمهم على نار موقدة.
أما سجل قطر في حقوق الإنسان، فهو محل إشكال هو الآخر؛ إذ أدانت منظماتٌ حقوقية عالمية معاملة الدوحة للعمال الوافدين لديها الذين يعملون في التجهيز لكأس العالم 2022. وذكرت منظمة العفو الدولية، في تقريرٍ لها عام 2013، أنَّ بعض العاملين من جنوب شرق آسيا عملوا في ظروفٍ مشابهة للاستعباد و"العمالة القسرية"، وعاشوا في منازل "مزرية".
وبرغم سجل حقوق الإنسان السعودي فإن التوقيت كان جيداً
ترمب وكثيرون غيره في الحزب الجمهوري في واشنطن رأوا في السعودية ثِقلاً يُعادل ثِقل إيران.
وذكر برويدي أنَّه يحقق تقدماً، وأنَّ نادر أطلع "الرؤساء" على مغامراتهما، كما تُظهر رسائل البريد الإلكتروني. وتفاخر برويدي بأنَّه تمكن من إقناع إيد رويس، النائب عن ولاية كاليفورنيا ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بدعم مشروع القانون المناهض لقطر.
وكتب برويدي: "هذا أمرٌ إيجابي جداً". وزعم أنَّه أحدث "تحولاً" في موقف رويس من انتقاد السعودية إلى "انتقاد قطر". وأفادت وكالة Associated Press في مارس/آذار الماضي أنَّ برويدي منح ما يقرب من 600 ألف دولار أميركي لمرشحي الحزب الجمهوري والقضايا التي يدعمها الحزب منذ بداية عام 2017، وحصل رويس على الحد الأقصى المسموح به.
وذكر كوري فريتز المتحدث الرسمي لرويس إنَّ سجل رجل الكونغرس ممتلئ بتوجيه انتقاداتٍ إلى الدولتين. وقال إنَّ رويس لم يبدل موقفه.
وتفاخر برويدي بأنَّه كان "سبباً" في مدح رويس للجنرال السعودي البارز أحمد حسن العسيري بكلماتٍ دونت في سجل الكونغرس. وكان هذا مصدر ابتهاج لنادر: إذ مدح نائب بالكونغرس الأميركي مسؤولاً سعودياً، تظهر المستندات أنَّه يساعد في تقييم مقترحات العقود المقدمة من برويدي ونادر.
لقاء رائع مع بن سلمان ينتهي بتحويل أموال من الإمارات
وفي نهاية مارس/آذار، كتب نادر أنَّه حظي بـ"لقاءٍ رائع واستثائي" مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكانت احتمالات التوصل إلى العقود التي تبلغ قيمتها مليار دولار جيدة.
فكتب نادر: "كان (ابن سلمان) إيجابياً للغاية بشكلٍ عام". حتى أنَّ ولي العهد طلب منهما مناقشة عقودهما مع "الجنرال أحمد".
أمَّا الأموال المخصصة للضغط فكانت مسألةً أخرى.
فبناءً على طلب نادر، حُوِّلت 2.5 مليون دولار على دفعتين من شركته في الإمارات عبر شركةٍ كندية تُدعى Xiemen Investments Limited، التي قال شخصٌ مُطَّلِع على الصفقة إنَّها تخضع لإدارة أحد أصدقاء برويدي. ثُمَّ نُقِلت الأموال إلى حسابٍ لبرويدي في لوس أنجلوس.
وتم التعتيم في هذه الصفقة على أنَّ المال المُخصَّص للعمل السياسي في واشنطن قد جاء من نادر في الإمارات. وقال بعض المستفيدين من أموال برويدي في واشنطن إنَّهم ليست لديهم أي فكرة بشأن انخراط نادر في الأمر. وقال برويدي سابقاً لوكالة Associated Press إنَّه لم يفكر في سؤال لماذا نُقِل المال عبر كيانٍ أجنبي.
احتفل الشريكان بالنجاح وأصبحا "بلا رادع"
في هذه المرحلة، ربما يكون برويدي قد أدرك مخاطر عدم التسجيل كعميلٍ أجنبي؛ إذ كان الأمر يملأ شبكات الأخبار.
وسجَّل ثلاثة مستشارين لترمب كعملاء أجانب بأثرٍ رجعي؛ وهم مايكل فلين، مستشار ترمب السابق للأمن القومي الذي قام بأعمالٍ مع تركيا، ومدير حملة ترمب بول مانافورت، وريك غيتس الذي كان نائبه لفترةٍ طويلة، وأقام أعمالاً مع أوكرانيا.
كان برويدي بلا رادع. واحتفى نادر بأعماله البطولية المناهضة لقطر، وقال له "واصل ضرب الأوغاد".
وبالأموال الجديدة بدأت حملة استثنائية بهدف إحراق قطر
حاول برويدي، مُتسلِّحاً بالملايين التي وصلته، إقناع نادر بحملةٍ إعلامية من شأنها "إحراق قطر".
فأقنع مركز أبحاث أميركي، هو مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بإطلاق مؤتمرٍ مناهض لقطر. وكتب برويدي إلى نادر بأنَّ خطته تتضمن التكليف بكتابة 200 مقال يُعهَد بها إلى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومراكز بحثية أخرى. وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لاحقاً إنَّ برويدي أكَّد له أنَّ التمويل ليس آتياً من حكومةٍ أجنبية، وأنَّه لا يمتلك أي عقود في الخليج.
وفي 21 أبريل/نيسان 2017، أرسل برويدي لنادر مخطط مقال افتتاحي يُظهِر تأثير حملته. وكان موسوماً بوسمٍ "سري".
وبعد ثلاثة أيام، نُشِر مقالٌ يحمل عنوان "The Two Faces of Qatar, a Dubious Mideast Ally" أو "وجها قطر، الحليف المريب في الشرق الأوسط"، بصحيفة The Wall Street Journal. ودعا مقال الرأي، الذي ساهم في كتابته تشارلز والد Charles Wald الجنرال المتقاعد بسلاح الجو الأميركي ونائب قائد القيادة الأوروبية للجيش الأميركي، لنقل الأصول العسكرية الأميركية من قاعدة العديد الجوية في قطر. وكتب والد: "ستكون الإمارات وجهة منطقية (للأصول بعد نقلها)".
ما لم يعرفه القراء هو أنَّ والد كان مُدرَجاً في وثائق شركة Circinus المملوكة لبرويدي كعضوٍ في فريق الشركة الذي يُروِّج للعقود في السعودية.
ونفى والد عند سؤاله عن سبب عدم توضيحه لتعارض المصالح هذا في المقال الافتتاحي أن يكون قد عَمِل لصالح برويدي قط.
وكتب والد: "لم أكن جزءاً من الفريق. لا يمكنني الحديث عن وثائقه".
وقال شخصٌ مطلع على الترتيبات، تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هُويته لأنَّه لم يكن مُخولاً بالحديث علناً، إنَّ والد تشاور مع برويدي، لكنَّه لم يتمكن من الانضمام لإحدى الرحلات من أجل الترويج للعقد في السعودية بسبب تعارضٍ في المواعيد. وتشير رسائل بريد إلكتروني مسربة لبرويدي 48 مرة تقريباً إلى انخراط والد.
وابتهج الشريكان حين اختار ترمب السعودية لأولى رحلاته
كان من المقرر عقد مؤتمر مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات يوم 23 مايو/أيار بفندق فيرمونت في واشنطن. وفي تقريرٍ لشركة Circinus كتبه برويدي لنادر، تظهر السعودية والإمارات مُدرَجتين كعميلين، واللواء عسيري كمستشار، وبرويدي ونادر كـ"قائد/حلقة وصل"، الأمر الذي يثير تساؤلاتٍ حول نفي برويدي لوكالة Associated Press أنَّه كان يعمل لصالح حكومةٍ أجنبية.
أطلق المؤتمر أيضاً سلسلةً من القصص الإخبارية المناهضة لقطر في وسائل الإعلام الرئيسية، التي جمعها برويدي لوليي العهد.
وكان الشريكان مبتهجين حين قام ترمب بأولى رحلاته الخارجية إلى السعودية، وليس إلى حلفائه في أوروبا، في مايو/ أيار 2017.
وبعد أسبوعين، وفي تصعيدٍ كبير للتوترات، فرضت الإمارات والسعودية وحلفاء إقليميين حظرأ للسفر والتجارة ضد قطر.
اشتعلت الأزمة الخليجية وانتظر الجميع موقف واشنطن
لكن كان من الصعب الجزم بالطرف الذي كانت تقف معه الولايات المتحدة.
وبعد يومٍ واحد من بدء الإمارات والسعودية حصارهما، بعث ترمب سلسلةً من التغريدات التي تشير إلى دعمه لإجراءات الدولتين، وتتبنى موقفاً مناوئاً لقطر. فقال إنَّ زيارته الأخيرة للسعودية بدأت "بالفعل تؤتي ثمارها. لقد قالوا لي إنَّهم سيتخذون موقفاً صارماً بشأن تمويل التطرف، وكل الدلائل كانت تشير إلى قطر. ربما ستكون تلك بداية النهاية لرعب الإرهاب!".
حاول المسؤولون الأميركيون سريعاً التراجع عن تعليقات ترمب، قائلين إنَّ الولايات المتحدة لا تنحاز إلى أي طرفٍ في الخلاف بين حلفائها الخليجيين.
وبعد أسبوع، في 16 يونيو/حزيران، أكملت إدارة ترمب مبيعاتٍ بقيمة 12 مليار دولار من طائرات F-15 لقطر كان الكونغرس قد وافق عليها في وقتٍ سابق. وكانت الخطوة متعارضة مع خطاب الرئيس حول قطر، لكنَّها بدت هزيلة بالمقارنة مع صفقات الأسلحة التي كان ترمب قد أعلنها سابقاً مع السعودية بقيمة 110 مليار دولار.
ثم طلب الشريكان من ترمب عقد لقاء سري مع بن زايد
في أواخر سبتمبر/أيلول، رتَّب برويدي للقاء الذي يرغبه أي عضو مجموعة ضغط في واشنطن؛ إذ رتَّب مقابلةً لنفسه مع الرئيس في المكتب البيضاوي.
وتُظهِر إحدى رسائل البريد الإلكتروني أنَّ نادر كتب إلى برويدي سيناريو قبل اللقاء. وكانت هناك عدة مهام للقاء: الترويج لفكرة القوة الإسلامية المقاتلة؛ ومنع الرئيس من التدخل في أزمة قطر؛ وترتيب لقاءٍ سري بين ترمب وولي عهد أبو ظبي.
وكتب نادر أنَّ الأميرين "يواصلان الاعتماد عليك لنقلها بصراحة ووضوح".
وقال نادر لبرويدي إنَّ اللقاء كان من المحتمل أن يكون تاريخياً، وأن "يستفيد من هذه الأصول التي لا تُقدَّر بثمن".
وكان هناك أمرٌ آخر. إذ طلب نادر من برويدي إخبار الرئيس بشأن صلاته مع وليي العهد، مُستخدِماً أسماءً رمزية للأشخاص الثلاثة.
إذ قال نادر في رسالة البريد الإلكتروني: "أُقدِّر كيف ستتأكد من ذكر دوري للرئيس، وكيف أنَّني أعمل عن كثب مع الصديقين الكبيرين".
بعد اللقاء الذي جرى في 6 أكتوبر/تشرين الأول، ردَّ برويدي برسالةٍ إلى نادر يقول فيها إنَّه مرَّر كل الرسائل، وإنَّه حثَّ الرئيس على البقاء بعيداً عن الخلاف مع قطر. وقال أيضاً إنَّه شرح خطة شركة Circinus لتشكيل قوة إسلامية مقاتلة.
وكتب: "كان الرئيس ترمب متحمِّساً بشدة". وقال برويدي إنَّ ترمب سأل حول ماهية الخطوة التالية، وإنَّه أخبر الرئيس أنَّه يجب أن يلتقي ولي عهد الإمارات، مُضيفاً أنَّ "الرئيس وافق على أنَّ عقد لقاءٍ مع محمد بن زايد فكرةٌ جيدة".
ولم يستجب البيت الأبيض لطلباتٍ متكررة من أجل التعليق على المسألة.
وصمم نادر على التقاط صورة مع ترامب بأي ثمن
ورغم تلك النتائج الناجحة، أراد نادر المزيد؛ إذ كان يريد صورةً له مع الرئيس، وهو طلب كبير بالنسبة لشخصٍ مُدان بالاستغلال الجنسي للأطفال.
كان برويدي يشارك في استضافة فعالية لجمع التبرعات لترمب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في مدينة دالاس في 25 أكتوبر/تشرين الأول. وقال جهاز الخدمات السرية إنَّ نادر لن يُسمَح له بلقاء الرئيس. ولم يكن واضحاً ما إذا كانت الاعتراضات متعلقة بإدانته بالاستغلال الجنسي للأطفال أم لا.
وصاغ برويدي رسالة بريدٍ إلكتروني لجون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض، يطلب منه التدخل نيابةً عن صديقه الذي دعاه على نحوٍ غريب باسم "جورج فايدر"، وهو خطأ في التسمية يظهر في مواضع أخرى في رسائل البريد الإلكتروني.
وكتب: "إحدى شركاتي تقوم بالتدقيق المتعمق لصالح الحكومة الأميركية. وقد بحثنا في كل قواعد البيانات، بما فيها قاعدة بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) والشرطة الدولية (الإنتربول)، ولم نجد أي مشكلات متعلقة بالسيد فايدر".
وكانت هناك مشكلةٌ أخرى. إذ كان مسؤولو اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري قد أصدروا قراراً بعدم التقاط صور مع الرئيس دون مقابل. واقترح برويدي أن يُلبِّي نادر الحد الأدنى المُقتَرَح عبر تبرعٍ بقيمة تتراوح بين 100 ألف و250 ألف دولار.
وليس واضحاً بالضبط كيف حُلَّت المشكلتان. إذ لا تُظهِر سجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية أي تبرعات من جورج نادر أو "جورج فايدر"، لكن في يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني، منح برويدي 189 ألف دولار للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، وهو مبلغ أكثر مما قدَّمه للجنة خلال أكثر من عقدين من جمع التبرعات للجمهوريين.
والنتيجة: صورة لنادر وترمب يبتسمان أمام العلم الأميركي.
كان الوقت قد حان ليزور برويدي الإمارات ويُوقِّع عقده الأول
بدأ برويدي يناقش هو ونادر بالفعل تقاسم الأرباح، وبدآ إنشاء شركة تابعة لشركة برويدي.
وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، خطَّط برويدي لزيارة من أجل إكمال العقود في الإمارات، حيثُ كان محمد بن زايد يستضيف أحد سباقات سيارات الفورمولا وان.
لكن ربما كان ذلك علنياً أكثر من اللازم.
فكتب نادر إلى برويدي: "أعتقد يا صديقي أنَّه ليس من الحكمة بالنسبة لك أن تُشاهَد في هذه الفعالية. فالكثير من الصحفيين والأشخاص من روسيا وبلدان أخرى سيكونون هناك".
التقى برويدي ترمب مجدداً في 2 ديسمبر/كانون الأول. وردَّ برسالةٍ إلى نادر قال فيها إنَّه أخبر ترمب بأنَّ وليي العهد السعودي والإماراتي "معجبان بشدة بقيادته". وعَرَضَ مساعدة وليي العهد في خطة السلام بالشرق الأوسط التي يصيغها جاريد كوشنر. ولم يُخبر ترمب أنَّ شريكه كان لديه ازرداء تام للخطة ولصهره.
إذ كتب نادر: "عليك يا أخي أن تسمع بشكلٍ خاص ما يعتقده المديرون بشأن جهود مُهرِّج العهد Clown prince وخطته! لا أحد قد يضيع حتى فنجاناً من القهوة معه لولا مكانة زوجته".
وصلنا إلى ذروة القصة: عقد واحد مقابل مليار دولار
ووفقاً لرسالة بريد إلكتروني مسربة، منحت الإمارات برويدي بعد أيامٍ من لقائه مع ترمب عقد الاستخبارات الذي كان الشريكان يسعيان إليه مقابل ما يصل إلى 600 مليون دولار على مدار 5 سنوات.
ومن شأن عقد القوة الإسلامية المقاتلة أن يكون أكبر، وربما يصل مشروعهما في الخليج بهذا العقد إلى أكثر من مليار دولار.
وفي يناير/كانون الثاني، كان برويدي يستعد للقاءٍ ثالث مع ترمب بمنتجع مار آلاغو، أثناء احتفالات الرئيس بعامه الأول في المنصب. وكان من المفترض أن ينضم نادر إليهما، لكنَّ الدفعة المبدئية من عقد الاستخبارات كانت متأخرة. لذا أجَّل رحلته إلى الولايات المتحدة يوماً للتأكد من تحويل الأموال.
وفي 17 يناير/كانون الثاني، ذكر برويدي أنَّه حصل على أول دفعة بقيمة 36 مليون دولار.
وكتب نادر قبل أن يستقل رحلته: "رائع! إنَّها الدفعة الأول من بين دفعاتٍ كثيرة متبقية".
وبعد ساعاتٍ من تحويل الدفعات الأولى بدأت الضربات تتوالى
اكتشف نادر وبرويدي أنَّه بالرغم من كل الاحتياطات لم يختفيا عن الأنظار كما أرادا.
فحين هبط نادر في مطار دولس الدولي خارج واشنطن العاصمة، كان فريقٌ من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي يعملون لصالح المحقق مولر هناك في انتظاره. وجُرِّد من أجهزته الإلكترونية، ووافق لاحقاً على التعاون مع المحققين. وليس من الواضح سبب احتجاز نادر، لكنَّه يُمثِّل رابطاً بين حملة ترمب والمستثمر الروسي الذي حضر اللقاء في جزر سيشل.
وفي حين لا يوجد أي دليل على أنَّ مولر مهتم بجهود الضغط، فإنَّ احتجاز نادر صنع دوامةً من الحظ السيء للشريكين.
ففي فبراير/شباط، بدأت وكالة Associated Press وصحيفة The New York Times ومنظمات إعلامية أخرى تلقّي دفعاتٍ مسربة من وثائق ورسائل بريد إلكتروني تخص برويدي. وربطت القصص الإخبارية بينه وبين خططٍ للاستفادة من قدرته على دخول البيت الأبيض لصالح عملاء في إفريقيا وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط وآسيا.
وردَّ برويدي الضربة. إذ قرر مقاضاة قطر وجماعات الضغط التابعة لها، زاعِماً في دعوى قضائية قدَّمها في مارس/آذار أنَّ عملية الاختراق كانت تُمثِّل حملة تشويه.
وقال برويدي في بيانٍ في ذلك الوقت: "نعتقد أنَّ الأدلة واضحة بأنَّ دولةً قومية تشن حملة تضليل متطورة ضدي بهدف إسكاتي، بما في ذلك اختراق رسائل البريد الإلكتروني، وتزوير وثائق، والانخراط في عمليات تجسس، والعديد من الأنشطة غير القانونية الأخرى".
وردَّت قطر بأنَّ برويدي هو مَن انخرط في حملةٍ دعائية ضدها.
ثم تلقى برويدي ضربةً أخرى في 9 أبريل/نيسان
إذ داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي مقرات محامي ترامب الشخصي مايكل كوهين، سعياً للحصول على معلوماتٍ بشأن أموال سرية دُفِعَت إلى ممثلة الأفلام الجنسية ستورمي دانيالز، التي قالت إنَّها كانت على علاقة جنسية بالرئيس.
واتضح أنَّ برويدي كان هو الآخر عميلاً لدى كوهين. وكان على علاقةٍ مع العارِضة الرئيسية في مجلة Playboy شيرا بيشارد، التي حبلت منه وأُجهِضَت لاحقاً. ووافق برويدي على دفع 1.6 مليون دولار لها لمساعدتها في مشكلتها شرط ألا تتحدث أبداً عن العلاقة.
وقال برويدي في بيانٍ صدر يوم انتشار الأخبار: "أعترف أنَّني كنتُ في علاقةٍ تمت بالتراضي مع عارِضة رئيسية في مجلة Playboy". واعتذر لزوجته واستقال من اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري. ولا توجد مؤشرات على أنَّ برويدي يخضع للتحقيق من جانب فريق المحقق مولر.
وفي نهاية المطاف، فقدت عملية نادر وبرويدي المناهضة لقطر زخمها
فلم تكن هناك أي جاذبية لمساعي نقل القاعدة الموجودة في قطر إلى الإمارات. وفي أواخر أبريل/نيسان، دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لوضع حدٍ للتشاحن بين السعودية والإمارات وقطر أثناء زيارةٍ له إلى الخليج.
والأسبوع الماضي، نأت السعودية بنفسها عن نادر وبرويدي. إذ قال مسؤولٌ كبير إنَّ ولي العهد محمد بن سلمان أَمَرَ بإنهاء "الارتباط مع هذين الشخصين".
لكن ماذا عن عقد برويدي الضخم مع الإمارات؟
يبدو أنَّه جاهز للتنفيذ.