فجأة تحوَّل المشفى الاستشاري العربي في مدينة رام الله إلى ثكنة عسكرية. عشرات العناصر من الأمن انتشروا بلباس عسكري ومدني على أبواب المشفى وفي الشوارع المؤدية إليه، في حين يرقد الرئيس محمود عباس في قسم القلب، وسط حالة من الغموض عن وضعه الصحي.
ووفق مصادر طبية لـ"عربي بوست"، نُقل الرئيس عباس إلى المستشفى الأحد 20 مايو/أيار 2018، بعد ارتفاع في درجة حرارة جسمه، حيث وصلت 40 درجة مئوية، وأُدخل على الفور إلى قسم الطوارئ، ثم تم تحويله إلى قسم القلب. وقبل ذلك بيوم واحد، أُدخل الرئيس إلى قسم الطوارئ؛ لإجراء مراجعة، حيث كان خضع الأسبوع الماضي لعملية في الأذن الوسطى.
ورغم صدور توضيح على وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية يشير إلى أن الرئيس عباس بوضع جيد، وأنها مجرد مراجعة- لم تكن تلك التقارير مُقْنعة للجمهور الفلسطيني، الذي تناقل -مثل النار في الهشيم- أخباراً تتحدث عن وفاة الرئيس الفلسطيني.
وسادت حالة من الفوضى وسائل التواصل الاجتماعي، التي بدأت تنشر الخبر. في حين راح آخرون يتساءلون: " هل مات؟!.. هل مات؟! لقد اتصل أحدهم وقال لي إنه مات"، تقول احدى الفتيات لـ"عربي بوست": "الكل في الشارع صار يتحدث عن وفاة الرئيس".
لكن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، نفى كل الإشاعات، في حديث مع "عربي بوست"، وقال إن الرئيس الفلسطيني محمود بصحة جيدة وإنه سيغادر المستشفى الإثنين أو الثلاثاء 22 مايو/أيار 2018.
عباس مصاب بالتهاب "النمونيا"
المصادر الخاصة بـ"عربي بوست" من داخل المشفى الاستشاري قالت إن الرئيس الفلسطيني مصاب بالتهاب رئوي حاد (نمونيا)؛ وهو مرض يصيب الأكياس الهوائية المجهرية؛ إما بسبب عدوى فيروسية أو بعض الأدوية أو بسبب الميكروبات والجراثيم، مشيرة إلى أن هذا المرض خطير جداً لكبار السن ويجب أن يبقوا تحت المراقبة، خصوصاً أنه ترافقه حرارة مرتفعة.
مصدر آخر قال إن الرئيس عباس بعد أن أجرى عملية جراحية في أذنه الوسطى قبل 5 أيام، حصلت له بعض المضاعفات التي تسببت في التهاب حاد بالأذن، تبعتها دوخة وإعياء وفقدان للتوازن، ثم انتقل الالتهاب إلى الرئتين.
وقال مصدر لـ"عربي بوست": إن "حالته الصحية هذه هي التي منعته من المشاركة في القمة الإسلامية في تركيا قبل أيام".
وقال عريقات إن الرئيس بصحة ممتازة، وإنه أجرى فحوصات شاملة الأحد 20 مايو/أيار 2018، وكانت النتائج "إيجابية ومطمئنة".
حالة عباس مثار للجدل!
لكن الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني كانت مثار جدل خلال العامين الأخيرين. ففي عام 2016، أجرى الرئيس عباس عملية قسطرة في رام الله بعد أن أُصيب بإغماء مفاجئ داخل مقر الرئاسة. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ طبيب متخصص بالقلب يداوم بشكل يومي في مبنى الرئاسة الفلسطينية.
والعام الماضي (2017)، نُقل عباس على عجل بينما كان في الولايات المتحدة إلى مشفى بالتيمور العسكري بعد تدهور في صحته. وخرج الرئيس الفلسطيني بعدها بأيام، وقال إنه بخير، فيما تردد حينها أنه مصاب بسرطان في المعدة، لكن مقربين منه قالوا إنه يعاني قرحة بسيطة في معدته.
ويُعرف عن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أنه مدخن شَرِهٌ، وهو أمر فاقم من صعوبة حالته في المشفى حالياً.
وقالت مصادر لـ"عربي بوست"، إن كل أفراد عائلة الرئيس الفلسطيني وصلوا اليوم إلى المشفى من أجل زيارته والاطمئنان على صحته، وهي أمور زادت من درجة الشك حول طبيعة حالته.
عريقات قال لـ "عربي بوست" إن كل ما جرى مع الرئيس طبيعي وقد يجري مع أي شخص، مشيراً إلى أن الرئيس بخير، وأنه كان يشاهد مسلسلاً بعنوان "البحث عن أم كلثوم" ويتابع مهامه باستمرار.
وفي حين كانت هذه التصريحات الإيجابية من الدكتور عريقات، الذي كان أجرى مؤخراً عملية زراعة رئة في الولايات المتحدة- طالب مغردون على وسائل التواصل ببيانات واضحة عن صحة الرئيس. وقالوا إنه لو كان الأمر كما يعلن من قِبل المسؤولين، فلماذا مُنع مدير المشفى الذي يوجد فيه الرئيس من الإدلاء بتصريحات عنه؟! ولماذا هذا التكتيم على المعلومات والطوق الأمني على المشفى؟!
وفرضت قوات الأمن الفلسطيني طوقاً حول المشفى الذي يوجد فيه عباس، ومنعت الطواقم الطبية من إعطاء أي تصريحات عن وضعه الصحي.