أطلقت السلطات الماليزية سراحَ الزعيم السابق للمعارضة أنور إبراهيم، الأربعاء 16 مايو/أيار 2018، بعد أن أمضى 3 سنوات بالسجن، كما أنه حصل على عفو يُتيح له العودة إلى السلطة.
وخرج أنور الذي ارتدى بذّة سوداء مبتسماً، من أحد مستشفيات العاصمة، حيث أُُخضع لعملية جراحية في الكتف، وحيّا مجموعة من الصحفيين قبل أن يغادر المكان في سيارة، دون أن يُدلي بتصريح.
وأعلن حزبه أن أنور سيتوجّه للقاء الملك، وسيُلقي كلمةً عامةً بعد الظهر، قبل أن يشارك في تجمّع خلال المساء.
ونال أنور (70 عاماً) عفواً من الملك، بعد أن حُكم عليه في 2015 بالسجن لخمس سنوات، قضى منها ثلاثاً، بتهمة اللواط.
ويُشكل الإفراج عن أنور تحولاً لافتاً في المشهد السياسي في هذه الدولة بجنوب شرق آسيا، والبالغ عدد سكانها 32 مليون نسمة، بعد الهزيمة المدوية للتحالف الحاكم في البلاد منذ 61 عاماً، الذي أدين أنور في ظلِّ حكمه، خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من مايو/أيار.
وفاز في الانتخابات التحالف بزعامة مهاتير محمد، الذي عاد إلى الساحة السياسية في سن الـ92، وتصالح مع أنور، عدوه السابق.
وكان مهاتير تعهَّد في حال فوزه في الانتخابات وتولّيه رئاسة الحكومة، أن يتخلَّى عن المنصب لأنور بعد إطلاق سراح هذا الأخير. وصرَّح مهاتير الذي كان تولَّى رئاسة الحكومة قبلاً (1993-2001)، هذا الأسبوع، أنه يعتزم البقاء في المنصب لمدة عام أو عامين.
من هو أنور إبراهيم؟
والمعارض الماليزي أنور إبراهيم كان من أبرز من تبنى هموم الفلاحين والمحرومين، وقاد كثيراً من التظاهرات الحاشدة التي خرجت في ماليزيا خلال دراسته في الجامعة (1969-1973) واعتقل للمرة الأولى عام 1974 دون محاكمة بسبب نشاطه السياسي ودفاعه عن الفلاحين وبعد خروجه واصل نشاطه فأعجِب به رئيس الوزراء حينها محاضر محمد ودعاه للالتحاق بحزب الاتحاد القومي الماليزي عام 1982.
صعد نجم أنور إبراهيم سريعاً وأصبح نائباً لرئيس الحزب وتولى تباعاً وزارات الشباب والرياضة والزراعة والتعليم، ثم عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للمالية وأصبح الرجل الثاني وأحد مهندسي نهضة ماليزيا.
وخلال الأزمة المالية التي عصفت بدول شرق آسيا 1997، نشب خلاف حاد بينه وبين رئيس الوزراء على طريقة إدارة البلاد، فأقاله محاضر سنة 1998 واتهمه بالفساد والشذوذ الجنسي، وهو ما اعتبره أنور مجرد مكيدة سياسية. وقد قضى ست سنوات في الحبس الانفرادي، إلى أن برأته المحكمة من كل التهم الموجهة إليه في 2 سبتمبر/أيلول 2004.
وفي سنة 2008 عاد أنور إبراهيم إلى الحياة السياسية بعد سنوات من الحظر وقاد المعارضة إلى انتصار كبير، وفاز بثلث المقاعد البرلمانية مكتسحاً العديد من الدوائر المحسوبة لصالح الحكومة في أقوى تهديد لتحالف الجبهة الوطنية منذ خمسين عاماً.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2009، عادت تهمة الشذوذ الجنسي تلاحقه من جديد، ورفضت المحكمة العليا الماليزية الاستئناف الذي تقدم به.
وفي فبراير/شباط 2010 حوكم بتهمة الشذوذ، فرد بأن المحاكمة مجرد "مؤامرة"، وبعد أخذ ورد برّأته المحكمة العليا في كوالا لمبور من التهمة.
ولكن التهمة عادت مرة أخرى في 10 فبراير/شباط 2015 وأيدت المحكمة العليا الحكم بسجنه خمس سنوات، ورفضت طعناً ضد إدانته من قبل محكمة أدنى.
وكان محامو إبراهيم قد طعنوا في الحكم الذي صدر في مارس/آذار 2014.
وفي 7 مارس/آذار 2015 خرج الآلاف في شوارع كوالا لمبور مطالبين بإطلاق سراحه، وتقدمت عائلته بالتماس للعفو من الأسرة الحاكمة.
ولعب إبراهيم دوراً في وصول مهاتير محمد إلى رئاسة الوزراء وهو في سن الثانية والتسعين إذ حث الناخبين الثلاثاء الماضي على اختيار خصمه السياسي السابق مهاتير محمد قبيل أقل من 24 ساعة على الانتخابات العامة الأكثر تنافساً في تاريخ البلاد.