نقلت الولايات المتحدة الأميركية، رسمياً، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس؛ تنفيذاً لتعهُّد قطعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي اعترف بالمدينة عاصمةً لإسرائيل. وفي الوقت الذي أعلن فيه ترمب اعتزازه بافتتاح سفارة بلاده في القدس، خرجت مجموعة من العواصم الغربية والعربية والإسلامية منددةً بالخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة.
وفي كلمة مسجلة خلال حفل افتتاح السفارة الأميركية بالقدس، قال ترمب إنه لا يزال ملتزماً بالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال ترمب، الذي أثار اعترافه بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقله السفارة إلى القدس من تل أبيب، غضب الفلسطينيين ومخاوف دولية: "أملنا الأكبر هو السلام".
وأضاف: "الولايات المتحدة ستظل ملتزمة تماماً بتسهيل اتفاق سلام دائم… ستظل الولايات المتحدة صديقاً عظيماً لإسرائيل وشريكاً في قضية الحرية والسلام"
من جهته، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، في مستهل مراسم افتتاح السفارة والتي حضرها وفد أميركي من واشنطن وزعماء إسرائيليون: "نفتتح اليوم السفارة الأميركية في القدس عاصمة إسرائيل".
وتزامناً مع افتتاح السفارة الأميركية في القدس، يعيش قطاع غزة على وقع مجزرة يقترفها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن 43 فلسطينياً على الأقل قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، في إطار احتجاجات تُعرف باسم "مسيرة العودة الكبرى".
وأثار اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، في ديسمبر/كانون الأول، غضب الفلسطينيين، الذين قالوا إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تظل وسيطاً أميناً في أي عملية سلام مع إسرائيل.
استنكار دولي
واستنكرت المجموعة الدولية، وفي مقدمها بريطانيا، أقرب حليف للولايات المتحدة، وروسيا، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والذي سبق أن رفضته 128 دولة من أصل الدول الـ193 الأعضاء بالأمم المتحدة.
وأعلنت المتحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي: "نحن غير موافقين على قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قبل اتفاق نهائي حول وضع" المدينة المقدسة. وأضافت أن "السفارة البريطانية لدى إسرائيل مقرُّها في تل أبيب، ولا نعتزم نقلها".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإثنين، عن قلقه إزاء ارتفاع أعداد القتلى على حدود قطاع غزة. ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية عن غويتريش قوله: "أنا قلق بشكل خاص بشأن الأخبار القادمة من غزة والتي تفيد بوقوع عدد كبير من القتلى".
من جهته، قال ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رداً على سؤال عما إذا كان نقل السفارة الأميركية يثير مخاوف روسيا من تفاقم الوضع في المنطقة: "نعم، لدينا مثل هذه المخاوف، وسبق أن عبرنا عنها".
كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، في لندن، أن الولايات المتحدة خسرت "دور الوسيط" بالشرق الأوسط بعد قرارها نقل سفارتها لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
وقال: "نرفض هذا القرار الذي ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة اختارت، باتخاذها هذا القرار، أن تكون طرفاً في النزاع؛ ومن ثم تخسر دور الوسيط بعملية السلام" في الشرق الأوسط.
كما ندد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، من جانبه، بـ"مجزرة" وبـ"إرهاب دولة"، في تعليقه على حصيلة القتلى المرتفعة للفلسطينيين في قطاع غزة. وأضاف: "اللعنة على إسرائيل وقواتها الأمنية".
وفي طهران، أعلن رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، أن الإدارة الأميركية تتصرف بـ"عدم نضج" وتنتهج "أسلوب المغامرة"، تعليقاً على قرارها نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. وقال لاريجاني، خلال اجتماع "اللجنة الدائمة لفلسطين" في طهران، إن "الإدارة الأميركية تواجه أزمة اتخاذ قرارات استراتيجية، وتتعاطى مع المسرح الدولي بعدم نضج وبأسلوب المغامرة".
"غضب" عربي
واعتبر الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، أن افتتاح السفارة الأميركية في القدس "خطوة بالغة الخطورة"، معتبراً أن الإدارة الأميركية لا تدرك "أبعادها الحقيقية".
وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، إن افتتاح السفارة الأميركية في القدس سيخلق مناخاً من التحريض والإثارة وعدم الاستقرار في المنطقة، مستبعداً استمرار واشنطن في دور الوسيط بعملية السلام في الشرق الأوسط.
وأضاف أبو ردينة: "بهذه الخطوة، تكون الإدارة الأميركية ألغت دورها في عملية السلام، وأساءت إلى العالم والشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، وخلقت مناخاً من التحريض والإثارة وعدم الاستقرار".
وعارضت الحكومة الأردنية، الإثنين، افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وأكدت أن ذلك يشكّل "خرقاً واضحاً" لميثاق الأمم المتحدة، مؤكدةً أنه "إجراء أحادي باطل لا أثر قانونياً له، ويُدينه الأردن".
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، إن "افتتاح السفارة الأميركية في القدس، واعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة لإسرائيل يمثلان خرقاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة".
من جهتها، أكدت الخارجية المصرية، في بيان، "دعم مصر الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها الحق في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
كما أكد مفتي الجمهورية المصرية، شوقي علام، في بيان، أن تدشين السفارة الأميركية "استفزاز صريح وواضح لمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم على وجه الأرض"، مشدداً على أن "هذه الاستفزازات الأميركية تزيد الوضع صعوبةً، وتدخل بالمنطقة في مزيد من الصراعات والحروب، مما يهدد الأمن والسلام العالمي".
وجدد العاهل المغربي، الذي يرأس لجنة القدس التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، رفضه الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل سفارتها إليها. وقال في رسالة وجهها الإثنين 14 مايو/أيار 2018، إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن هذه "الخطوة تتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، التي تؤكد عدم جواز تغيير الوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة".