توجه العراقيون، اليوم السبت 12 مايو/أيار 2018 إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، لاختيار ممثليهم في البرلمان، والذي ينتخب بدوره رئيسي الوزراء والجمهورية، وسط تشديدات أمنية لحماية المقترعين.
وهذه الانتخابات مصيرية لكون مهمة البرلمان الرئيسية ضمان إعادة إعمار البلاد التي أنهكتها ثلاث سنوات من الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وفتحت 8959 مركز اقتراع بواقع 55 ألفاً و232 محطة أبوابها أمام الناخبين في تمام الساعة السابعة بتوقيت بغداد (4:00 بتوقيت غرينتش) وتستمر حتى تمام الساعة السادسة (15:00 بتوقيت غرينتش).
وفي المجمل، يحق لأكثر من 24 مليون عراقي الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات من أصل نحو 37 مليون نسمة.
وكان أكثر من 800 ألف من قوات الأمن والجيش ونحو مليون مغترب عراقي في 19 دولة قد أدلوا بأصواتهم على مدى اليومين الماضيين.
وهذه الانتخابات البرلمانية العراقية هي الأولى التي تجري في البلاد، بعد هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) نهاية العام الماضي، والثانية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011، وهي كذلك رابع انتخابات منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.
ويتنافس في الانتخابات 320 حزباً سياسياً وائتلافاً وقائمة انتخابية، موزعة على النحو التالي: 88 قائمة انتخابية، و205 كيانات سياسية، و27 تحالفاً انتخابياً، وذلك من خلال 7 آلاف و367 مرشحاً، وهذا العدد أقل من مرشحي انتخابات عام 2014 الماضية الذين تجاوز عددهم 9 آلاف مرشح.
وتتوزع المقاعد البرلمانية على المحافظات العراقية الـ18 استناداً إلى التعداد السكاني لكل منها، حيث تأخذ العاصمة العراقية بغداد 71 مقعداً، ونينوى 34، والبصرة 25، وذي قار 19، والسليمانية 18، وبابل 17، وأربيل 16، والأنبار 15.
في حين يكون من نصيب ديالى 14 مقعداً، وكركوك 13، والنجف ودهوك وصلاح الدين 12 مقعداً لكل منها، والديوانية وكربلاء وواسط 11 مقعداً في كل محافظة، وتأخذ ميسان 10 مقاعد، والمثنى 7.
وتشغل النساء ما نسبته 25 في المائة على الأقل، من عدد مقاعد البرلمان، فيما تخصص 9 مقاعد للأقليات ضمن نظام "الكوتا".
ومقاعد الأقليات هي: المكون المسيحي: 5 مقاعد (أربيل، دهوك، نينوى)، المكون الشبكي: مقعد واحد (نينوى)، المكون الإيزيدي: مقعد واحد (نينوى)، المكون الصابئي: مقعد واحد (بغداد)، المكون الفيلي: مقعد واحد (واسط).
وتمتد ولاية البرلمان أربع سنوات. وكانت آخر انتخابات تشريعية قد جرت في 30 أبريل/نيسان عام 2014.
المتنافسون بالانتخابات
وتشتد المنافسة في هذه الانتخابات، التي تأتي في ظل توتر إقليمي، إذ أن العراق يعتبر نقطة تلاق بين عدوين تاريخيين، إيران والولايات المتحدة.
ولطهران تأثير سياسي كبير على الأحزاب الشيعية في العراق، وبعض المكونات التابعة لطوائف أخرى، فيما لعبت واشنطن دوراً رئيساً وحاسماً في "الانتصار" على "داعش".
ومن أبرز المتنافسين في الانتخابات:
– ائتلاف "النصر": برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي. وللمرة الأولى منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، انقسم حزب الدعوة، المعارض التاريخي للنظام السابق في الانتخابات إلى قائمتين إحداها "النصر" التي تضم بصورة رئيسية شخصيات من المجتمع المدني بعيدة عن التوجهات الطائفية.
-ائتلاف "الفتح": يرأسه هادي العامري زعيم منظمة "بدر" وأحد أبرز قادة قوات الحشد الشعبي التي لعبت دوراً رئيسياً في دعم القوات الأمنية لدحر تنظيم "داعش". وتخلت أغلب مرشحيه رسمياً عن مناصبهم في تشكيلات الحشد الشعبي للانخراط في السياسة.
-ائتلاف دولة القانون: برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ويعتمد بصورة رئيسية على حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي. يحظى بشعبية لدى عدد كبير من أعضائه الذين شغلوا مناصب حكومية خلال تولي المالكي رئاسة الحكومة، لكنه يواجه انتقادات من البعض، بسبب اجتياح تنظيم "داعش" وسيطرته على ثلث مساحة البلاد خلال تلك الحقبة.
-قائمة "سائرون نحو الإصلاح": وهو تحالف غير مسبوق بين رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر والشيوعيين، يجمع ست كتل غالبيتها علمانية بينها الحزب الشيوعي والعدالة إضافة إلى حزب "الاستقامة" الممثل الرئيسي للتيار الصدري الذي تمثله كتلة الأحرار (34 نائباً) في البرلمان الحالي، بدعم من الصدر الذي طلب من نواب الأحرار عدم الترشح للانتخابات.
-السنة: تخوض الأحزاب السنية الانتخابات من خلال قوائم متعددة أبرزها "ائتلاف الوطنية" بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي الشيعي الذي يقدم نفسه كعلماني، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري وقد يكون السنة الخاسر الأكبر في الانتخابات المقبلة بسبب سيطرة تنظيم "داعش" على مناطقهم خلال الأعوام الماضية.
-الأكراد: يشارك الأكراد من خلال عدة أحزاب لتقاسم 46 مقعداً اثنان منها للمسيحيين، مخصصة لإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. أبرزها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رئيس الإقليم الأسبق، والاتحاد الوطني الكردستاني (غالبيته من الموالين لعائلة طالباني). إضافة إلى أحزاب معارضة أبرزها "التغيير" و"الجماعة الإسلامية" و"حركة الجيل الجديد".
إجراءات أمنية واسعة
وتأتي هذه الانتخابات وسط إجراءات أمنية كبيرة اتخذتها السلطات العراقية، حيث فرضت قوات الأمن حظراً شاملاً لسير المركبات داخل المدن وبين المحافظات، وذلك لحماية مراكز الاقتراع.
وقال أحمد خلف ضابط برتبة نقيب في شرطة بغداد في تصريح لوكالة "الأناضول": إن "القيادات العسكرية ارتأت فرض حظر شامل في بغداد والمحافظات لسير المركبات لحماية مراكز الاقتراع خلال إدلاء المواطنين بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية".
وأضاف أن طيران الجيش العراقي وطائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو بدأت صباح اليوم بتأمين الأجواء في عموم العراق ضمن خطة حماية الانتخابات.
وبالموازاة مع ذلك، دخل إغلاق المنافذ الحدودية والمطارات حيز التنفيذ منذ منتصف ليل الجمعة/السبت.
وقال ضابط في وزارة الداخلية العراقية لوكالة الأناضول – طالباً عدم ذكر اسمه – إن "جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية أغلقت بعد منتصف الليلة الماضية، وسيستمر الإغلاق حتى منتصف ليلة اليوم السبت".
وأوضح المصدر أن "قرار الإغلاق جاء بأمر من رئيس الوزراء حيدر العبادي ضمن الإجراءات الأمنية المطبقة لحماية مراكز الاقتراع".
كما أمر العبادي أيضاً بتعطيل الدوام الرسمي في عموم المحافظات لإتاحة الفرصة أمام جميع الناخبين للإدلاء بأصواتهم.
ومنذ البدء بتنظيم انتخابات برلمانية في العراق عام 2006، عقب إسقاط النظام السابق 2003، برئاسة صدام حسين، يجري التوافق بين المكونات الرئيسية على توزيع المناصب الرئيسية الثلاثة في البلاد.
ويشغل الأكراد رئاسة الجمهورية والطائفة الشيعية رئاسة الوزراء، فيما رئاسة البرلمان من نصيب الطائفة السنية.