في الوقت الذي يلملم فيه السفير الفلبيني لدى الكويت، ريناتو بيدرو أوفيلا، أوراقه ليرحل عن الكويت الثلاثاء 1 مايو/أيار 2018، بعد أن طلبت منه الحكومة الكويتية مغادرة البلاد في مدة أقصاها أسبوع، يبدو أن ثمة محاولات أخيرة من الطرفين لتدارك الأزمة، التي امتدت على مدى 4 أشهر منذ نَشْر مقطع فيديو يُظهر عناصر فلبينيين من فرق "التدخل السريع" التابعين للسفارة الفلبينية لدى الكويت وهم يعملون على تهريب فلبينيات عاملات بمنازل كويتية.
وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، أن دولة الكويت تشارك رئيس جمهورية الفلبين الحرص على علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين، مشدداًعلى حرصها على رعاية وحفظ حقوق المقيمين كافة على أرضها، ومنهم الجالية الفلبينية، في إطار قوانين العمل المعمول بها في دولة الكويت.
الفلبين تنفي الحظر الدائم على إرسال العمالة
وعلى الجانب الآخر، خرج وزير العمل الفلبيني، سيلفستر بيلو، ليخفف من حدة ما نقلته وسائل الإعلام عن الرئيس الفلبيني حول فرض بلاده حظراً دائماً على إرسال العمالة الفلبينية إلى الكويت، قائلاً: "الرئيس لم يذكر قَط أنه تم فرض حظر دائم على إرسال العمالة للكويت".
وصاحب محاولات التهدئة هذه، صم آذان من قِبل معظم الجالية الفلبينية التي دعاها رئيسها للعودة لمانيلا؛ إذ ظلت أوضاع العمالة على حالتها الاعتيادية، ولم تلاحَظ أي حركة سفر غير اعتيادية من قِبل الجالية الفلبينية لبلادها.
مستمرون في العمل رغم دعوة الرئيس
"عربي بوست" استطلع آراء مجموعة من الفلبينيين العاملين في الكويت، وكانت السمة الغالبة على إجاباتهم أنهم لن يتركوا أعمالهم ما دامت الأمور مستقرة ولم يحدث ما يزعجهم.
راتنا مصطفى (فلبينية تعمل في إحدى المكتبات بمنطقة حولي)، أكدت لـ"عربي بوست" أنها "لا تستطيع ترك عملها في الفترة الحالية؛ لأنها تقوم بالإنفاق على عدد كبير من أفراد أسرتها، ولديها التزامات مادية تودُّ الإيفاء بها، ومن بينها استكمال بناء بيت الأسرة الجديد".
وأضافت: "نعم، هناك حالات تعدٍّ على بعض الفلبينيين، وخاصة العمالة المنزلية التي يعمل بعضهم في ظروف صعبة، لكن هذه الحالات تظل حالات يمكن معالجتها، ولا يمكن تعميم الحكم على كل الجالية".
مشاري المطيري (صاحب مكتب لاستجلاب العمالة المنزلية) أكد أن "الجالية الفلبينية من الجاليات المهمة في الكويت؛ لأن كثيراً من الأسر الكويتية تفضل الفلبينيات كعاملات في المنازل، والحديث عن ظروف عمل سيئة أمر مبالغ فيه، فقد تحدث بعض الحوادث، وهذا أمر وارد. لكن إجمالاً، القانون يكفل للعمالة المنزلية عدداً من الحقوق، وقد كانت الكويت من أولى الدول في المنطقة التي تقر حداً أدنى لرواتب العمالة المنزلية".
وزاد: "بعد دعوة الرئيس الفلبيني لعمالة بلاده في الكويت بالعودة لمانيلا، لم نلحظ أي تجاوب، على الأقل حتى الآن، مع هذه الدعوة، التي لم توضح ما إذا كان سفر تلك العمالة على نفقة السفارة أم الحكومة الكويتية أم الكفيل، الذي سيتضرر من الإخلال بالعقد المبرم معه".
العاملة المنزلية ميري لاكسكا أكدت في حديث مع "عربي بوست" أنها تعيش في الكويت منذ 5 سنوات، وانتقلت خلالها للعمل مع عدد من الكفلاء، ورغم وجود بعض المتاعب، فإن بيئة العمل في الكويت ليست بالشكل الذي تُظهره وسائل الإعلام الفلبينية، على حد قولها.
وتابعت: "السفارة هنا تحاول تقديم أشكال الدعم كافة، ولا تتأخر في التعامل مع أي شكوى، لكن الاستجابة من قِبل الفلبينيين العاملين في الكويت لا أعتقد أنها ستكون كبيرة فيما يتعلق بالعودة لبلادهم وترك وظائف عملهم".
حملات توعوية حقوقية
وعلى الصعيد الحقوقي، كثفت بعض الجمعيات الحقوقية في الكويت من أنشطتها وفعالياتها التوعوية التي تستهدف توعية العمالة المنزلية بحقوقها وواجباتها، وكان آخر هذه الفعاليات ندوة نظمتها جماعة الخط الإنساني وجمعية العمل الإنساني بالتعاون مع وزارة الداخلية وحضور ممثلين عن منظمة العمل الدولية.
ولا تزال الأنظار معلَّقة حول اتفاقية العمالة الثنائية بين البلدين والتي بدأ التجهيز لها قبل عدة أشهر، لكن تطمينات أتت من مسؤولين فلبينيين أكدوا انها ستمضي قدماً، وهو ما أعلنه المتحدث باسم الرئاسة الفلبينية، هاري روكي، الإثنين 30 أبريل/نيسان 2018، أن اتفاق العمالة بين الكويت والفلبين قد يمضي قدماً. وأوضح روكي أيضاً أن الرئيس لا يجبر أحداً على العودة للبلاد.
وكانت وزارة الخارجية الكويتية قد استدعت السفير الفلبيني مرتين في يومين متتالين؛ الأولى كانت في 21 أبريل /نيسان 2018، والثانية أعقبتها بـ24 ساعة، حيث عبرت عن استنكارها على خلفية ما أعلنته السفارة من صحة المقاطع المسربة، التي أظهرت سيارات تابعة للسفارة الفلبينية تقلُّ عدداً من الخادمات الفلبينيات من منازل كفلائهن.
لكن الخارجية الفلبينية كان لها رأي آخر، فقد أكدت أن أعمال الإنقاذ التي نفذتها السفارة الفلبينية في الكويت تتفق مع القانون الدولي.
ويصل تعداد الجالية الفلبينية في الكويت إلى قرابة 260 ألف عامل، تشكل العمالة المنزلية بينهم أكثر من 65 في المائة منهم.