تعقد الجمعية الوطنية الكوبية، اليوم الأربعاء وغداً الخميس على التوالي 18-19 أبريل/نيسان، اجتماعاً لاختيار رئيس جديد لكوبا، في عملية وصفت بالتاريخية، ستنهي ستة عقود من حكم عائلة كاسترو.
ولم يوزع أي برنامج رسمي يتعلق بسير أعمالها التي تجري في جلسات مغلقة، لكن على الجمعية الجديدة أن تدشِّن أولاً عمل الهيئة التشريعية الجديدة وتختار كوادرها.
ويُنتخب بعد ذلك من بين النواب، الأعضاء الـ31 لمجلس الدولة، وفي الوقت نفسه رئيس هذه الهيئة التنفيذية العليا الذي سيتولى القيادة خلفاً لراؤول كاسترو.
ويتزامن موعد 19 أبريل/نيسان، الذي تقرر منذ بضعة أشهر، مع الذكرى 57 للانتصار في خليج الخنازير على القوات المعادية لكاسترو والمدعومة من واشنطن في 1961.
ومنذ ثورة 1959، لم تشهد كوبا سوى انتقال حقيقي واحد على مستوى الرئاسة. وكان ذلك عام 2006، عندما نقل فيدل كاسترو، المصاب بالمرض، السلطة إلى أخيه الأصغر بعد سلطة من دون منازع استمرت أكثر من 40 عاماً.
مرشح الرئاسة من الجيل الثاني للثورة
وقد توفِّي فيدل كاسترو أواخر 2016، وحان اليوم دور راؤول البالغ من العمر (86 عاماً) للتخلي عن كرسي الرئاسة، إلى ممثل عن الجيل الجديد، الذي يفترض أن يكون النائب الأول للرئيس ميغيل دياز كانيل، وهو مدني في الـ57 من العمر، إلا إذا حصلت مفاجأة.
ويعد هذا الرجل المسؤول الثاني في النظام منذ 2013، وهو يمثل منذ بضع سنوات حكومته خلال مهمات في الخارج، وتزداد إطلالاته في وسائل الإعلام.
وإذا ما انتخب، فيتعين على المهندس الكهربائي الذي ولد بعد الثورة، أن يرسي سلطته ويتابع عملية "التحديث" الضرورية للنموذج الاقتصادي للجزيرة الذي بدأه الشقيق الأصغر لكاسترو، وهذه تعتبر أعباء ثقيلة لرجل تتسم شخصيته بالتحفظ وصعد في الظل مراتب الحكم في كوبا.
تحدي الجيل الأول للثورة
وقال بول وبستر هاي، أستاذ العلاقات الدولية في ولاية بوسطن والسفير البريطاني السابق في كوبا: "سيكون من المهم مراقبة ما إذا كان (دياز كانيل) قادراً على مقاومة ضغط هذه المهمة".
وأضاف "لم يضطر فيدل وراؤول إلى تبرير مواقفهما، قاما بالثورة ولم يشكك أحد في حقهما بأن يكونا رئيسين. لكنهما لم يُنشئآ نموذجاً ديموقراطياً يتيح القيام بتغيير، وهذا واحد من أبرز الأسباب التي يواجه دياز كانيل بسببها مهمة صعبة".
وللمرة الأولى منذ عقود، لم يعرف الرئيس ثورة 1959، ولن يرتدي الزي الأخضر الزيتوني ولن يرأس الحزب الشيوعي الكوبي.
لكنه يمكن أن يسد هذا النقص على صعيد الشرعية بفضل راوول كاسترو، الذي سيحتفظ برئاسة الحزب القوي الواحد حتى عام 2021. وإلى هذا المنصب، سيستنفر الحرس القديم للمسؤولين "التاريخيين" الذين اعتبر معظمهم متردداً حيال الإصلاحات الأكثر طموحاً.
ومستوى مسؤولية هؤلاء في إطار مجلس الدولة الجديد سيعطي مؤشراً حول الإرادة الإصلاحية للنظام، وكذلك حول هامش المناورة للرئيس الجديد.
الاقتصاد هو المُحدد
ولم يقدم الرئيس الجديد، المضطر إلى التقيّد باستمرارية النظام برنامجاً، لكن عليه أن يأخذ في الاعتبار "خطوطاً توجيهية" صوَّت عليها الحزب الواحد والبرلمان، وترسم التوجهات السياسية والاقتصادية التي يتعيَّن تطبيقها حتى 2030.
وكان دياز كانيل، قال لدى التصويت في الانتخابات النيابية الأخيرة في مدينته سانتا كلارا، إن الحكومة المقبلة "ستقدم الحساب للشعب، وسيشارك الشعب في القرارات".
ويقول الخبراء إن الرئيس المقبل سيكون محط الأنظار على الصعيد الاقتصادي، وموقفه من إجراء الإصلاحات الضرورية لإنهاض اقتصاد راكد ويعتمد كثيراً على الواردات ومساعدة حليفه الفنزويلي الضعيف اليوم.
ويؤكدون أن المهمة الأكثر إلحاحاً المطروحة هي توحيد العملة، وقد أُرجئ مراراً هذا التدبير الذي يهدف إلى إلغاء نظام ازدواجية العملات الوطنية، الفريد من نوعه في العالم منذ 1994، وتشوهات في اقتصاد لا يزال تحت سلطة الدولة إلى حد كبير.