في الساعة العاشرة صباحاً، استيقظ علاء رزق يوم السبت 14 أبريل/ نيسان، على غير العادة متأخراً قليلاً. لم يتمكن من شرب قهوته المعتادة بل توجه مسرعاً لعمله الذي تأخر عليه. هو يعرف أن هذا اليوم سيكون عادياً كباقي الأيام السابقة، ولن يحمل معه أي توتر أو خوف من قذائف هاون تأتي من الغوطة ولا صاروخ أميركي طائش يرسله ترامب.
هو يعرف أيضاً أن ليلة الأمس كانت سيئة، لم يتمكن فيها من النوم فيها بشكل كاف بسبب الضربات الأميركية وصوت القذائف المدوي، وخشيته ربما من سقوط صاروخ بالقرب من منزله، وسط العاصمة.
في فجر يوم السبت 14 أبريل/نيسان على الساعة الرابعة والنصف فجراً، أضاءت الضربات الجوية لطيران التحالف الأميركي الفرنسي البريطاني سماء دمشق. وقد تحدث دونالد ترامب عن "شن ضربات دقيقة استهدفت مواقع عسكرية تحتوي على أسلحة كيميائية" تابعة للنظام السوري. وبعد فترة وجيزة، وفي بيان صادر عن قصر الإليزيه، أفاد إيمانويل ماكرون أن "ردنا اقتصر على استهداف مواقع النظام السوري المعتمدة في إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية".
قبل خروجه من منزله، قابلنا رزق، سألناه عن الوضع اليوم، فقال وملامح السعادة تختلط ببعض التوتر البسيط الناجم عن تأخره عن موعد فتحه لمحله، إن الجيش السوري تمكن من رد "العدوان السافر" ومنح الأمان لهم، على حد تعبيره.
"هذا ما كنت أتوقعه"، فهو يرى أن بلاده تملك علاقات قوية مع دول حليفة مثل إيرن وروسيا، وكلاهما لن يتخلى عن سوريا بعد كل هذه السنوات. هو لم يكن خائفاً من الضربات بشكل عام، فقط بعض الخوف أن يصيب صاروخ ما منزله، فهو لم يقم باتخاذ أي تدابير مسبقة، منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهديداته.
لا تبعد إحدى المواقع التي تم قصفها سوى بضعة كيلومترات عن شقة رزق الواقعة في حي برزة في دمشق، حيث تم تحديداً قصف مركز الدراسات والبحوث العلمية
وأظهر مقطع فيديو صوره أحد السكان في دمشق، لحظة سقوط الصواريخ على موقع لنظام الأسد، اليوم السبت 14 أبريل/ نيسان 2018، وسُمع في الفيديو دوي انفجار كبير، ويُعتقد أنه استهدف موقعاً في جبل قاسيون.
فيديو لحظة الانفجار في #دمشق pic.twitter.com/S3DbUM82tl
— سكاي نيوز عربية (@skynewsarabia) April 14, 2018
وأكدت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، أن الولايات المتحدة وحلفاءها أطلقوا أكثر من مئة صاروخ على سوريا، مشيرة إلى أن القوات السورية اعترضت "عددا كبيرا" منها.
ومن المرجح أن تكون الولايات المتحدة قد أطلقت أكثر من مائة صاروخ توماهوك، أي ضعف عدد الصواريخ المستخدمة في قصف قاعدة الشعيرات الجوية في أبريل/نيسان سنة 2017 رداً على الهجوم الكيميائي على مدينة خان شيخون الواقعة في الشمال الغربي من سوريا.
يوم عمل طبيعي
وبعد بزوغ الفجر بوقت قصير، تجمّع عدد من السوريين في ساحة الأمويين، التي تعد قلب العاصمة النابض، دعماً للقوات المسلحة السورية. وتعدّ هذه الخطوة بمثابة التحدي لهذه الغارات، التي بحسب الإعلام الرسمي أسفرت عن جرح 3 مدنيين
لكن
Gepostet von حديث القلب am Samstag, 14. April 2018
لكن دمشقيون آخرون، فضلوا البقاء في منازلهم وعدم الذهاب لأعمالهم المعتادة. أحمد كان أحد هؤلاء الذين لم يعجبهم احتفال بعض السوريين، "بالنسبة لي سوريا راحت خلاص، لا أرى سبباً للاحتفال وسط كل هذه الدماء"، على حد تعبيره.
علاء توجه لعمله كما يفعل كل يوم في محله الكائن بمنطقة المزة، لم يشعر بأي تغييرات تلفت النظر في محيطه باستثناء سؤال ردده الجميع: "كيف كانت الأصوات بالأمس؟". وغالباً ما تتبعها عبارة "الله يفرجها" ".
بالقرب من محل علاء المتخصص في بيع المواد الغذائية، سألنا جاره عن رأيه بما حصل، فأخبرنا أن "الله تلطف بأهل دمشق وحماهم من حرب جديدة".
"ليلة الأمس حملت شيئاً من التوتر بسبب الأصوات المرتفعة التي هزت العاصمة، ولكن الأمور سارت على ما يرام"، ويختم بأنه يأمل أن تنتهي هذه الأزمة بالفعل، وأن يقتصر الهجوم على ما حدث بالأمس فقط.
وقد وصف منير، أحد سكان دمشق، هذه الليلة بأنها ليلة الألعاب النارية، قائلاً: "اطمئنوا، فهي ليست سوى ألعاب نارية لاغير".
تفاؤل في يوم ربيعي
صباح السبت وظهره، لم نلحظ أي تغير بالحياة اليومية، فالحركة هادئة نسبياً كعادتها في كل يوم سبت بحكم كونه يوم الإجازة، فلا أصوات في المدارس ولا شركات تعج بالموظفين، واقتصرت غالبية النشاطات على المحلات التجارية أو بعض الحدائق حيث تواجد الناس للتمتع بالجو الربيعي الجميل.
في إحدى هذه الحدائق، ذكرت سيدة ثلاثينية أنها اصطحبت أولادها للتنزه صباح اليوم، لاستغلال عطلتهم ولشعورها بحالة من الأمان.
"نريد أن نتنفس"، موضحة أنه في السابق كان ثمة توتر يشوب حياة الناس خوفاً من قذائف الهاون، كما أن تهديدات ترامب الأخيرة دفعتهم لمتابعة الأخبار ومراقبة ما قد يجري، لكن بعد هجوم الأمس وصده من قبل الجيش تعتقد بأن الأمور هدأت لهذا قررت استغلال الفرصة والخروج بصبحة أولادها.
#غردوا_لسوريا_الاسد كانت دمشق فهزمت العدوان سورية. الشام تسقط اوهام . الاعداء والاعراب شوارع دمشق الان pic.twitter.com/a2TaS9Rzhj
— mk sammouri (@mksamri) April 14, 2018
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، أعربت المعارضة في البداية عن سعادتها بهذه الضربات، ولكن سرعان ما طرحوا السؤال ذاته المتعلق بما ستؤول إليه الأحداث في المستقبل. ومن جهته، عبّر مواطن سوري في تغريدة له على موقع التويتر قائلاً: "لحسن الحظ لن تمهد هذه الضربات لحرب عالمية ثالثة يخشاها البعض، ولن تؤدي إلى تحقيق رغبة المعارضين المتمثلة في سقوط النظام".
على الجانب الآخر، انتشرت البوستات بين سكان دمشق والموالين للنظام، والتي تتحدث عن الأصوات المسموعة وعن الدعاء لسوريا وأهلها كي يجنبها حرباً جديدة أو ضحايا جدداً.
ثم انقلبت البوستات لتصبح في غالبيتها شكراً للجيش أو للاستهزاء بترمب ومن وقف معه وخاصة من وسائل الاعلام العربية، كما شارك الكثيرون الفيديو الذي نشرته صفحة الرئاسة في الجمهورية العربية السورية على الفيسبوك، والذي يظهر فيه الرئيس بشار الأسد وهو يتجه إلى عمله بكل هدوء وطبيعية وعنونت الفيديو بصباح النصر.
على مقربة من حمص الواقعة في مركز البلاد، تم استهداف مخزن للأسلحة الكيميائية ومركز للقيادة من قبل الطيران الأميركي الفرنسي والبريطاني. كما تم أيضاً استهداف المطار الشراعي الواقع في مدينة الديماس على الحدود اللبنانية، بالإضافة إلى قاعدة الكسوة الواقعة جنوبيّ دمشق. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، من المتوقع أن تكون هذه الغارات قد استهدفت قواعد الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة الواقعة حول العاصمة، التي يدريها اللواء ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري.
صباح الصمود..رئاسة الجمهورية العربية السوريةhttps://t.me/SyrianPresidency
Gepostet von رئاسة الجمهورية العربية السورية am Freitag, 13. April 2018