استمرت تداعيات الأحداث الدامية في قطاع غزة التي حصلت في 30 مارس/آذار الماضي في الصحف البريطانية، حيث قالت الصحيفة إن السبب الرئيس يكمن في غياب عملية سلام حقيقية كما كان الحال عام 2000.
وقال الكاتب البريطاني "سايمون تيسدال" وهو المحرر المساعد لصحيفة الغارديان والمتخصص في الشؤون الخارجية إن حماس ومؤيديها في غزة يستخدمون التظاهر المدني لإنهاء عزلتهم.
وتساءل تيسدال: "هل سيؤدي تأجُّج هذه المواجهة العنيفة التي طال توقعها في سلسلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى أزمةٍ أوسع نطاقاً تَجُر معها لبنان وسوريا وإيران؟"
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى قادة اليمين الإسرائيلي غير الراغبين أو غير القادرين على استيعاب حل الدولتين واتهمتهم بأنهم يفاقمون حدة النزاع، مع تبنيهم وجهات نظر متعصبة وضيقة الأفق واستخدام القوة المفرطة.
التوقيت والسياق خطيران
ودقت الغارديان ناقوس الخطر بخصوص توقيت وسياق المظاهرات قائلة: "الخطير الآن هو التوقيت والسياق. كان يوم الجمعة بداية لستة أسابيع من الاحتجاجات التي تُقام حتى الذكرى السبعين ليوم النكبة في 15 مايو/أيار كما أسماه العرب، بعد إعلان إسرائيل الاستقلال في 14 مايو 1948."
وتضيف أيضاً: "ستنقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس كذلك في مايو/أيار، لتعترف فعلياً بالمدينة عاصمة سيادية لإسرائيل بينما تتجاهل مطالبات فلسطين. باختصار، بدأ الآن موسم ربيع البؤر الساخنة التي تلوح في الأفق."
وحذرت الصحيفة أيضاً من مواجهة واسعة في المنطقة، مستندة إلى سوابق التاريخية تقول إن المواجهات الداخلية تُنتج ردود فعل سلبية على صعيد المنطقة. ويتمثل أكبر قلق تراه الصحيفة في لبنان، حيث حزب الله العدو اللدود لإسرائيل وحليف إيران الوثيق هو القوة السياسية والعسكرية المهيمنة.
فالتوتر بدأ بالفعل بالظهور بعد بدء إسرائيل نصب سياج على حدودها الشمالية وعلى حقول النفط والغاز البحرية المتنازع عليها، على غرار السياج على الحدود مع غزة.
أيضاً مخزون حزب الله المطور هو التهديد الأبرز بالنسبة للجنرالات الإسرائيليين كما قالت الصحيفة، فالمخزون يتكون من 130 ألف صاروخ قصير ومتوسط وطويل المدى، إضافة إلى مقاتلي الحركة البالغ عددهم 50 ألف مقاتل، والكثير منهم أتقنوا فن القتال في سوريا.
وتوقع الكاتب البريطاني إنه إذا استمر العنف في غزة وتوسَّعت دوائره، فمن المتوقع أن يحاول مسلحو حزب الله التدخل. لذلك حذرت القيادة الإيرانية مراراً وتكراراً، على عكس حرب لبنان الأخيرة في عام 2006، أنَّها ستساعد حزب الله مباشرةً في أي قتال. وتقول إنَّ إسرائيل "سوف تُباد".
ونقلت The Guardian تحذير بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من بين آخرين أنَّ الجهود الحالية التي تبذلها إيران لخلق وجودٍ عسكري دائم في سوريا ولبنان هي تعدٍ للخط الأحمر لإسرائيل. كما أكد نتنياهو مؤخراً موقفه من خلال إسقاط طائرة إيرانية دون طيار، وشن غاراتٍ جوية على القواعد السورية التي تستخدمها إيران.
توازنات المنطقة ليست كالسابق
كما أن الضوابط والتوازنات التي كانت تُلجِّم الصراع في السابق ضاعت؛ ولا فائدة من انتظار تدخُّل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. عندما اجتمع المجلس في جلسة "طارئة" ليلة الجمعة لمناقشة ما يحدث في غزة، الذي لم يستطع حتى التمكن من الموافقة على بيان مشترك. وتتمسك المملكة العربية السعودية -التي كانت في يوم من الأيام تتبنى خطة سلام خاصة بها- بشدة (ولو ضمنياً) بالمعسكر المؤيد لإسرائيل والمعادي لإيران. ونفس الحال بالنسبة لمصر، حيثُ ينشغل الرئيس السيسي بهاجس ردع الجهاديين، وليس تحقيق العدالة.
وقالت الصحيفة عن الدور الأميركي إنه مضيعة للجهود، بسبب جهل وتحيز الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وختمت الصحيفة مقالها بالقول: "ها هو تاريخٌ آخر مثير لصراعٍ محتمل، في 12 مايو/أيار، من المتوقع أن ينسحب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني، الأمر الذي يُنتظَر أن يهدم نظام الشرق الأوسط الهش.