أصبح الآن مؤكداً أن القطار الغامض الذي وصل إلى محطة القطار الرئيسية في بكين، مساء الإثنين 26 مارس/آذار 2018، كان يحمل كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، الذي وصل إلى العاصمة لإجراء محادثات سرية مع نظيره الصيني.
يتكون القطار الذي تم رصده في بكين من 21 عربة مطلية باللون الأخضر، ذات نوافذ داكنة للتعتيم على هويات الركاب. يحمل القطار شعار وسائل النقل الخاصة المضادة للرصاص التي يفضلها قادة كوريا الشمالية، الذين لا يثقون بأحد، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.
ولكن لهذا القطار قصة تعود لعقود من الزمن، فقد سافر كل من والد كيم وجده، القادة السابقين للبلاد، بأسلوب مماثل في رحلات أجنبية نادرة، ما جعله أحد القطارات الأكثر إثارة واهتماماً في العالم.
وفي حين لا يزال الكثير مما يتعلق برحلة يوم الإثنين لغزاً، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية ما هو معروف عن هذا القطار الغامض، فالمعلومات المتداولة عنه تأتي من تقارير استخباراتيه، وذكريات مسؤولين سمح لهم بالسفر على متنه.
أكثر قوة من رصاصةٍ مُنطلقة، لكن ليس في سرعتها
يعتقد أن هناك ما لا يقل عن 90 عربة فائقة الأمان تحت تصرف القائد، وفقاً لأحد التقارير الإخبارية التي صدرت في كوريا الجنوبية عام 2009، استناداً على معلومات سرية.
ووفقاً للتقرير، الذي كتب في عهد والد كيم جونغ أون، كيم جونغ إيل، تعمل 3 قطارات في كل مرة يسافر فيها القائد: قطار أمني متقدم، وقطار القائد، وثالث يحمل حرساً شخصياً إضافياً وإمدادات.
كل هذه العربات مضادة للرصاص، مما يجعلها أثقل من المتوسط بآلاف الكيلوغرامات. وينعكس هذا الوزن الإضافي على سرعته البطيئة، حيث يقدر أن تصل سرعة القطارات القصوى 37 ميلاً في الساعة فقط.
في عهد كيم جونغ إيل، وفقاً لتقرير عام 2009، سافر 100 من ضباط الأمن في القطار المتقدم، بحثاً عن المتفجرات في المحطات وغيرها من التهديدات وللتأكد من سلامة الطريق.
بالإضافة إلى ذلك، تحلق طائرات الهليكوبتر العسكرية والطائرات فوق القطار لتوفير المزيد من الأمن.
ووفقاً للتقرير، تم بناء 20 محطة قطار عبر كوريا الشمالية فقط للاستخدام الشخصي للزعيم.
كل وسائل الراحة المنزلية
تمكنت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أحياناً من تصوير القادة داخل القطار، وتغطية بعض انتقالاتهم، مقدمة لمحة نادرة عن بعض العربات المتخصصة العديدة.
في عام 2015، شوهد كيم جونغ أون جالساً على طاولة بيضاء طويلة، فيما بدا أنه قاعة مؤتمرات. وفي فيديو مشابه من عام 2011، يظهر والده، كيم جونغ إيل، متصدراً مجموعة من الأشخاص في نفس المكان. في الفيديو القديم، يظهر تلفزيون مسطّح بشكل واضح، وفي الفيديو الأحدث يظهر جهاز كمبيوتر محمول.
في لقطات من رحلات الزعيم، يظهر في عربة ذات مقاعد فخمة لتحية الجماهير، ويترأس اجتماعاً في عربة لتناول الطعام، ويحضر مأدبة في سيارة مبطنة بالخشب الداكن. في تلك اللقطات، يجلس كيم على طاولة مليئة بالطعام، حيث يقوم الفنانون بتقديم عروض بالملابس الرسمية وفساتين السهرة.
تم الاحتفاظ بعربة مكتب الرئيس السابق، التي تضم مكتباً وجهاز كمبيوتر، في متحف في قصر الشمس في كومسوسان، حيث يقبع ضريح كيم جونغ إيل في بيونغ يانغ، عاصمة كوريا الشمالية.
جراد البحر والنبيذ و"سيدات القطار"
أُشيع أن كيم جونغ إيل عانى من خوف من الطيران، وفضّل أن يسافر في قطاره، الذي تم تجهيزه بتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، وعدد ضخم من الموظفين لتلبية رغباته، بحسب الصحيفة الأميركية.
"من الممكن طلب أي طبق من الأطباق الروسية والصينية والكورية واليابانية والفرنسية"، كما كتب قسطنطين بوليكوفسكي، المسؤول الروسي الذي سافر مع الزعيم السابق خلال رحلة عام 2011 عبر روسيا.
وأصر كيم على أن يتم تسليم جراد البحر والأطعمة الشهية الطازجة الأخرى إلى القطار أثناء عبوره سيبيريا في رحلاته إلى روسيا. كما تُنقل صناديق نبيذ بوردو وبرغندي من باريس، حسب ما قاله بوليكوفسكي في مذكراته عن الرحلة "أورينت إكسبريس".
أما إن شعر بالملل، فتقوم مجموعة من الفنانات المعروفات "سيدات القطار" بالغناء له باللغة الكورية والروسية.
ومن غير المعروف ما يفعله ابنه كيم جونغ أون فيما يتعلق بتناول الطعام والترفيه أثناء وجوده على متن القطار، ولكن من المعروف أن شهية كيم الابن تنافس شهية والده. ويقال إنه يفضل الجبن السويسري وشمبانيا كريستال وكونياك هينيسي.
مآسٍ على القضبان
رغم كل الاحتياطات الأمنية والمواصفات التي يتمتع بها قطار الزعيم الكوري، فإنه في عام 2004، لقي أكثر من 3000 شخص مصرعهم في مدينة يونغ تشون، بالقرب من الحدود الصينية، في أبريل/نيسان، عندما انفجرت قطارات محملة بمواد قابلة للاشتعال بسبب تصادم أو عطل كهربائي.
سرت بعض الشائعات في بادئ الأمر، أن الانفجار كان جزءاً من محاولة لاغتيال كيم جونغ إل، حيث كان قطار زعيم البلاد قد مرَّ للتو بتلك البلدة قبل ساعات قليلة.
وفقاً لوسائل الإعلام التابعة للدولة، فقد مات في وقت لاحق على متن قطاره بعد تعرضه لأزمة قلبية، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2011.