ليلة في “الريتز-كارلتون”.. كيف بدا سجن “أمراء” السعودية في أول يوم يُفتح بعد إغلاق دامَ 3 أشهر

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/12 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/12 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش

كأن توقيف عشرات الأمراء والمسؤولين السعوديين طوال 3 أشهر في فندق "الريتز-كارلتون" بالرياض، لم يحدث فعلاً: موسيقى العود تصدح في الممرات، نزلاء يلتقطون الصور، وسرير مريح في غرفة فخمة ومكلّفة.

في الليلة الأولى بعد إعادة افتتاح الفندق أمام النزلاء، بحث الزبائن الذين قرروا تمضية ليلتهم فيه، عن أية آثار مرتبطة بحملة التوقيفات، إلا أن أملهم خاب بعدما اكتشفوا أن الفندق عاد تماماً إلى ما كان عليه قبل 3 أشهر.

لائحة النزلاء


"الفرق الوحيد أن البوابات الرئيسية فُتحت من جديد"، يقول موظف استقبال مبتسماً.

لكن، بالنسبة إلى دبلوماسي غربي جلس يحتسي كوباً من القهوة ويستمع إلى موسيقى العود المتصاعدة من مكبّرات الصوت- فإن أهم تغيير في الفندق هو "لائحة النزلاء".

وكان هذا الفندق الفخم، الذي يقيم به عادةً رؤساء دول ووزراء ورجال أعمال، أُغلق في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعد إطلاق حملة توقيفات واسعة النطاق من قِبل هيئة لمكافحة الفساد، يترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

واحتُجز العديد من الشخصيات من بين أكثر من 381 مشتبهاً فيهم، كانوا موضع تحقيق، بالفندق الفخم، الذي ازدادت شهرته بشكل كبير إثر ذلك.

وبين هؤلاء الوزراء والوزراء السابقين والأمراء ورجال الأعمال، الأمير الوليد بن طلال ابن عم ولي العهد، وهو من أغنى رجال الأعمال في العالم، والذي أُفرج عنه في 27 يناير/كانون الثاني 2018 بعد التوصل إلى اتفاق مع السلطات، لم يُكشف مضمونه.

وبحسب شركاء تجاريين لبعض رجال الأعمال الذين أُوقفوا في الفندق، فإن كل موقوف مُنح غرفة فيها تلفزيون، إلا أنهم مُنعوا من استخدام هواتفهم أو الاتصال بالعالم الخارجي عبر الإنترنت.

الأدوات الحادة تعود


كما أن السلطات قامت بإزالة الأدوات الحادة والزجاجية كافة؛ من أجل منع الموقوفين من إلحاق الأذى بأنفسهم، وفقاً للمصادر ذاتها.

مع افتتاح الفندق أمام الزبائن من جديد الأحد 11 فبراير/شباط 2018، عادت الأدوات الحادة والأواني الزجاجية إلى غرف الفندق، وبينها غرفة بات فيها صحفي وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم يتضح ما إذا كان أحد الموقوفين قد أقام بالغرفة ذاتها، إلا أن العديد من هؤلاء قضوا فترة احتجازهم في الغرف الكبيرة الفاخرة الأخرى التي تضم مطابخ وصالات استقبال.

وفي الليلة الأولى بعد الافتتاح الجديد، بدا كأن إدارة الفندق قد طلبت من الموظفين عدم التحدث إلى الصحفيين حول فترة احتجاز الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال.

"المسألة حساسة جداً"


أبلغ أحد الموظفين وكالة الصحافة الفرنسية، أنه كان في إجازة طوال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما قال موظف آخر إنه كان حاضراً خلال هذه الفترة، رافضاً الإفصاح عن أية تفاصيل حيال ما شاهده أو سمعه.

وبسؤاله عن أثر حملة التوقيفات على الفندق بعدما أصبح يُعرف على الإنترنت باسم "السجن الفخم"، رفض مسؤول في قسم العلاقات العامة الرد أو التعليق، قائلاً إن المسألة "حساسة جداً".

ورفضت إدارة الفندق السماح لمصوري وكالة الصحافة الفرنسية بالتقاط الصور فيه، لكنها اصطحبت مراسل الوكالة في جولة، شملت حمام السباحة الداخلي والمطاعم المختلفة، وكانت معظمها فارغة من الزبائن.

لكن، في المقهى الواقع بقاعة الاستقبال، قامت عائلات سعودية بالتقاط الصور.

وبعدما أُجبروا على المغادرة مساء الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عاد رجال أعمال إلى الفندق. وقال أحدهم: "طُلب منا فجأةً مغادرة الفندق، بعدما أُبلغنا أن هناك مناسبة ما. من الجيد العودة إلى هنا".

وكانت حملة التوقيفات أثارت قلقاً لدى المستثمرين وخشيةً من أن يسارعوا إلى سحب رؤوس الأموال؛ ما قد يؤدي أيضاً إلى إبطاء الإصلاحات في المملكة، الباحثة عن تنويع اقتصادها لوقف ارتهانه للنفط.

أكثر من طلاء


بالنسبة إلى أندرو بوين، الباحث في معهد "أميركان إنتربرايز"، فإن إعادة الثقة إلى المستثمرين "تتطلب أكثر من طلاء جديد في الفندق".

ويرى مراقبون أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، طوى صفحة أعراف في ممارسة الحكم، تعود إلى عقود خلت، تبنَّاها أسلافه، عبر قيامه بحملة التطهير غير المسبوقة التي استهدفت الأمراء والمسؤولين.

ويقول هؤلاء إن الأمير الشاب، الذي يتولى مناصب عديدة رفيعة المستوى في المملكة، يعمل على ترسيخ موقعه وتشديد قبضته على السياسة والاقتصاد والمجتمع، قبل تتويجه ملكاً خلفاً لوالده.

عند منتصف الليل، كانت قاعة الاستقبال في الفندق خالية تماماً من الزبائن. وحدَهم عمال النظافة، انتشروا في أرجاء المكان يعملون على تلميع الأرض الرخامية.

تحميل المزيد