الأكراد يريدون عودة النظام السوري إلى عفرين.. لكن الأسد يشترط إسقاط “الإدارة الذاتية”

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/29 الساعة 08:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/29 الساعة 08:24 بتوقيت غرينتش

بعد سنوات نجحوا خلالها في فرض نفوذهم بشمال سوريا بعيداً عن سلطة دمشق، يطالب الأكراد اليوم بتدخل قوات النظام في عفرين؛ للتصدي للهجوم التركي المتواصل منذ أكثر من أسبوع والذي يهدد وجودهم في منطقة حيوية من "روج آفا".

في الوقت نفسه، يرفض الأكراد بقوة، عودة المؤسسات الحكومية إلى المنطقة أو تسليم هذه المنطقة للجيش السوري، الأمر الذي تضعه دمشق شرطاً للتدخل، حسبما يقول متابعون للتطورات.

وتشن تركيا وفصائل سورية مقاتلة موالية لها، منذ 20 يناير/كانون الثاني 2018، هجوماً على وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصفها أنقرة بـ"الإرهابية"، في منطقة عفرين الحدودية مع تركيا.

وبعد أيام على بدء الهجوم، دعت الإدارة الذاتية الكردية، المعلنة منذ 2013 في مناطق عدة من شمال سوريا، الحكومة السورية إلى التدخل؛ لمنع الطائرات التركية من قصف مناطقهم.

اقتراحات قُدِّمت إلى موسكو


ويقول مسؤولون أكراد إن فريقهم تقدَّم باقتراحات ملموسة إلى موسكو، حليفة النظام السوري وأحد الأطراف الأساسية الراعية للمحادثات حول النزاع بين الأطراف المختلفة.

ويوضح ألدار خليل، الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي، المكون الرئيسي للإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "الإدارة الذاتية عرضت على روسيا أن تطرح على النظام إمكانية أن ينتشر الحرس الحدود السوري على الحدود؛ ليحمي منطقة عفرين".

ويشرح عهد الهندي، مستشار العلاقات الخارجية في مجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديموقراطية، أن الاقتراح يقضي "ببقاء قوات الدفاع والشرطة والأمن الكردي في المنطقة، مقابل السماح بدخول حرس حدود سوري يرفع الأعلام السورية على الحدود مع تركيا، إذا كان من شأن ذلك طمأنة الأتراك"، الذين يخشون حكماً ذاتياً على حدودهم، قد تنتشر عدواه إلى الأكراد في الجانب الآخر من الحدود.

وكانت موسكو سارعت إلى سحب قوات لها كانت منتشرة في منطقة عفرين وعملت سابقاً على تدريب مقاتلين في وحدات حماية الشعب الكردية، بعد بدء الهجوم التركي. وحمّل الأكراد روسيا مسؤولية الهجوم، واعتبروا أنه ما كان ليحدث لولا "الضوء الأخضر" من موسكو.

ونتيجة التطورات في عفرين، قررت الإدارة الذاتية الكردية عدم المشاركة في مؤتمر الحوار السوري الذي دعت إليه روسيا في سوتشي. وقالت الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا، فوزة اليوسف، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "الضامنين في سوتشي هما روسيا وتركيا، والاثنتان اتفقتا على عفرين".

ويتصدى المقاتلون الأكراد، الذين أثبتوا قدرة عسكرية كبيرة في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"، للهجوم التركي، لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية كبيرة بهذا الحجم، تتضمن قصفاً بالطائرات الحربية.

"تسليم عفرين مستحيل"


ولم تستجب دمشق حتى الآن لدعوة الإدارة الذاتية للتدخل.

ويقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في دمشق، بسام أبو عبد الله، إن دمشق لن توافق على مجرد نشر قوات عند الحدود، فـ"الدولة السورية تفرض سيادتها مع عودة المؤسسات السورية والسلطة الشرعية ودخول الجيش"، مضيفاً: "يتحمل الأكراد مسؤولية ما ذهبوا إليه. الدولة السورية لا تعمل لديهم مستشاراً يطلبونه حين يحتاجونه".

إلا أن الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفير أوغلو، يرى في عدم تجاوب دمشق مع المطلب الكردي محاولة "لإضعاف المقاتلين الأكراد، ما يُمكن أن يجبرهم على الرضوخ لمطالبها".

ويرفض الأكراد اليوم عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 2012، وهو ما أبلغوا روسيا إياه حين تلقوا عرضاً منها بدخول الجيش السوري لعفرين؛ لتفادي الهجوم التركي، وفق ما أفادت به مصادر عدة.

ويقول الهندي إن "تسليم عفرين للنظام السوري مستحيل، وكذلك الأمر بالنسبة لتسليمها إلى الأتراك".

وطوال عقود، اتبعت الحكومات السورية سياسة تهميش ضد الأكراد، الذين يشكلون نحو 15 في المائة من الشعب السوري، وقد تصاعد نفوذهم بدءاً من عام 2012 مع اتساع رقعة النزاع في البلاد.

وعمل الأكراد على تمكين "إدارتهم الذاتية" بمناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرقي البلاد، التي أطلقوا عليها تسمية "روج آفا"؛ أي غرب كردستان. وأعلنوا "النظام الفيدرالي" في 2016، ونظموا المؤسسات، وأجروا انتخابات لمجالس محلية في أقاليم روج آفا الثلاثة، وهي: الجزيرة (محافظة الحسكة)، والفرات (تضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (محافظة حلب).

"السيناريو الأسوأ"


وتجنب الأكراد، خلال سنوات النزاع الست، الدخول في معارك مع قوات النظام باستثناء بعض المناوشات المحدودة. وطالما أخذت عليهم المعارضة السورية ذلك، متهمةً إياهم بالتواطؤ معها.

وشكل الدور المتصاعد للأكراد قلقاً لدمشق، التي تؤكد نيتها استعادة أراضي البلاد كاملةً، رافضةً بشكل كامل، النظام الفيدرالي.

وشهدت سنوات النزاع تقلُّبات في العلاقات بين الأكراد والنظام، وإن كانت اتسمت إجمالاً بتلاقي مصالح في مواجهة الفصائل المعارضة أحياناً، وفي مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" خصوصاً.

ولعفرين اليوم مَنفذ وحيد يربطها بمدينة حلب، يمر عبر بلدتين يسيطر عليهما مسلحون موالون لقوات النظام. ويستخدم المقاتلون الأكراد هذا المنفذ للانضمام إلى زملائهم في عفرين.

ويوضح جيفير أوغلو: "طالما أراد الأكراد علاقات جيدة مع النظام، إلا أنهم لا يريدون العودة إلى الوضع الذي كان مفروضاً عليهم قبل الحرب، حين كانوا محرومين من حقوقهم الأساسية".

ويضيف: "إن مطالبة دمشق بتسليم عفرين لها غير منطقية. نجح الأكراد في حماية عفرين طوال 5 سنوات رغم الحصار، ولا يريدون أن يضحوا بالنظام الذي أنشأوه".

ويرى الأكراد، بحسب جيفير أوغلو، "في عودة النظام القديم السيناريو الأسوأ بالنسبة لهم".

تحميل المزيد