“الرياض 2”.. خطوة أخرى إلى الوراء

هناك في ساحتنا الكردية مَن كان وما زال يضمر السوء للثورة السورية منذ البداية من أحزاب وأفراد، والآن يحاولون استثمار انحراف (معارضة الرياض 2 وضمنها أحزاب المجلس الكردي) عن خط الثورة، بتفضيل العودة إلى أحضان نظام الاستبداد كبديل، تارةً باستجداء رضا السلطة وأجهزتها والهرولة نحو دمشق كما تفعله قيادات حزبية مفلسة، وأخرى بالاستعداد لدمج المسلحين (بجيش النظام) كما فعلته سلطة "ب ي د".

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/01 الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/01 الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش

عندما تقوم جماعات عسكرية أو مدنية أو أحزاب وفئات وأفراد بتصدر الصفوف باسم (المعارضة) وطرح نفسها (الممثل الشرعي والوحيد) وتعقد المؤتمرات وتصدر البيانات باسم السوريين وثورتهم من دون تخويل أو تكليف أو انتخاب، ثم تتمادى في اقتراف الأخطاء من دون مراجعة أو نقد ذاتي وتنحرف عن طريق الثورة، وتتجاهل أهدافها ثم تعبث بالمسلَّمات وتنفذ أجندات الأطراف الرسمية الداعمة بالمال وليس بثقافة الديمقراطية والتغيير وحقوق الإنسان مثل هذه الجماعات ليس مأمولاً منها الاستماع إلى مطالب الشعب وطموحاته أو الرغبة بمشاركته في الحل والربط والقرار، ولن تحقق أي إنجاز لا الآن ولا في قادم الأيام.

هذا هو المنطق الحزبوي الأعوج عندما يعتبر أصحابه أنهم منزلون وعلى حق دائماً وأبداً وغير قابلين للنقد والمساءلة، أما الغالبية الكردية السورية الشعبية الساحقة من وطنيين مستقلين ومثقفين ثوريين وناشطين شباب ومناضلين شجعان فهم بحسب منطقهم المريض "طابور خامس وحاقدون وجهلة"، وبالوقت ذاته ينشدون الدعم ويطلبون المعلومات من أولئك "الجهلة" فهم يعلمون جيداً أن كل أحزابهم لا تمثل أكثر من 3% في المجتمع الكردي، وليسوا منتخبين لتمثيل الكرد ولا مخولين للنطق باسمهم، وفوق كل ذلك ماهم (بأكثريتهم) إلا نتاج ما زرعه اللواء الأمني محمد منصورة مسؤول الملف الكردي سابقاً، عندما أعاد هيكلة وهندسة أحزابهم على مقاس سلطة النظام عبر الانشقاقات، خصوصاً ما تم ضد "الاتحاد الشعبي" المعارض الحقيقي للنظام بداية التسعينات.

هناك في ساحتنا الكردية مَن كان وما زال يضمر السوء للثورة السورية منذ البداية من أحزاب وأفراد، والآن يحاولون استثمار انحراف (معارضة الرياض 2 وضمنها أحزاب المجلس الكردي) عن خط الثورة، بتفضيل العودة إلى أحضان نظام الاستبداد كبديل، تارةً باستجداء رضا السلطة وأجهزتها والهرولة نحو دمشق كما تفعله قيادات حزبية مفلسة، وأخرى بالاستعداد لدمج المسلحين (بجيش النظام) كما فعلته سلطة "ب ي د".

نقول لكل هؤلاء وبالرغم من ملاحظاتنا الكثيرة والمعلنة فإن اندلاع الثورة كان حداً فاصلاً بين نكران الكرد وحقوقهم من جانب الشوفينية الحاكمة وقبولهم شعباً وقضية وحقوقاً، ولولا انحراف كيانات (المعارضة) عن مبادئ الثورة، ولولا مهازل وخنوع القيادات الحزبية الكردية التي لا تمثل إلا أنفسها لكان الكرد وقضيتهم بألف خير.

لم تعد المشكلة بين غالبية السوريين من أنصار الثورة والتغيير مع (المعارضة) سياسية فحسب، بعد إصرارها بالمضي على طريق الخطأ وعدم الإذعان لسلوك المراجعة النقدية عبر مؤتمر وطني جامع، بل ارتقت إلى مصاف أخلاقي؛ حيث المبالغة في التضليل والأكاذيب وقلب الحقائق واللعب بالألفاظ من قبيل (مؤسسات الدولة أو النظام)، والتركيز ليس على النظام بل على رأسه، وتناسي أن من يديرها ويرعاها من أنظمة وجهات هي غير ديمقراطية وضد ثورة السوريين، وهي من اتفقت حسب أجندتها مع المحتل الروسي على ترتيب السيناريو؛ ليبدأ شكلاً في جنيف 8 وينتهي فعلاً في "سوتشي"، إلى درجة أن البعض ممن التقط صورة مع الوزير الجبير في الجلسة الافتتاحية وبينهم (أكرادنا) حور ذلك زوراً إلى مباحثات رسمية بين (الوفد الكردي ووزير خارجية السعودية)، فيا لَمصيبة السوريين وكردهم ويا لَفاجعتهم مع معارضة كهذه.

من الغريب أن البعض يمنح قيمة لنصوص بيان "الرياض 2" فجميع بيانات "المعارضة" منذ ستة أعوام وحتى الآن كانت مماثلة له أو أكثر فصاحة وعمقاً من الناحية اللفظية، ولكنها لم تلتزم بها ولم تطبقها على أرض الواقع، وإن دخلنا في بعض التفاصيل نقول إن ذلك "المؤتمر" لم يضم (الوطنيين المستقلين ولا ممثلي المجتمع المدني ولا كافة مكونات الشعب السوري)، كما جاء في البيان، أما التغني (بتوحيد صفوف قوى الثورة والمعارضة) فبعيد عن الحقيقة ما حصل هو تراجع سياسي والتحاق بمنصتي موسكو والقاهرة المتهمتين بموالاة النظام والدول المحتلة، أما ادعاء التمسك بـ"جنيف 1″ فيناقض الواقع؛ لأنه أزيل منذ الالتزام باتفاقية فيينا التي تدعو صراحة إلى الحفاظ على مؤسسات النظام، وما يعلن الآن ما هو إلا تلاعب بالألفاظ عندما يعلن (الحفاظ على مؤسسات الدولة)، وما يتعلق بالحالة الكردية فقد حصل تراجع عن الوثائق السابقة، خاصة بيان اجتماع تونس، إضافة إلى عدم مشاركة المستقلين الكرد وهم الغالبية الساحقة في الساحة الكردية، أما ادعاء الالتزام بجنيف فقط فيسقط عندما أشيع مشاركة الهيئة الجديدة في سوتشي بإشراف المحتل الروسي.

ليس هناك وطني سوري ضد عودة السلام والاستقرار إلى بلاده، ولا الوقوف ضد وحدة (المعارضين) في الرياض وغيرها، ولكن من الواجب معرفة على ماذا يتوحدون؟ ومن أجل ماذا؟ فإذا كان السوريون وبينهم الذين ثاروا وناضلوا بهدف دحر الاستبداد وإجراء التغيير الديمقراطي قد اختبروا مدى جدية ونزاهة كيانات المعارضة منذ ستة أعوام، وكشفوا عورات المعارضة ليس مجتمعة فحسب، بل حتى كل طرف وحزب على حدة، فبطبيعة الأحوال لن يتوسموا خيراً بتوحيد من تم اختبارهم سابقاً، خاصة عندما يقف ممثل رئيس روسيا المحتلة والقاتلة لشعبنا في الصفوف الأمامية للمجتمعين في "الرياض 2″، الذين حضروا لتنفيذ أجندة الآخرين، ومنهم نظام الأسد والنظام العربي الرسمي والمحتلون، وليس أهداف الشعب السوري بكل أسف.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد