“أربيل – دير الزور – بيروت” أو طريق “الحشد” السالكة

وإذا كان التيار المعتدل هو المؤهل للحوار والمرجعية المناسبة لحل القضية الكردية بالمنطقة عبر الحوار والتوافق مع الشعوب الأخرى، فمن المناسب استعراض أهم ما جاء بالكلمة المؤثرة للرئيس مسعود بارزاني بإيجاز شديد: "إن شعب كردستان العراق قدم الكثير للعراق وللتحالف الدولي ضد الارهاب، بفضل بطولات البيشمركة، وإنهم لم يكونوا بصدد إعلان الاستقلال الفوري ما بعد الاستفتاء الذي كان حقاً مشروعاً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/25 الساعة 02:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/25 الساعة 02:29 بتوقيت غرينتش

لم تكن الهجمة الإيرانية المخطط لها على كردستان العراق عبر وكلائها المحليين، من مراكز قوى متسلطة في بغداد وميليشيات حشدها الطائفي البغيض وعملائها من مجاميع عائلات كردية عريقة في خيانة الشعب والوطن وخدمة الأجنبي والحاكم المستبد تبحث عن النفوذ والجاه- إلا محاولة للنيل من حرية وكرامة شعب كردستان تحت حجج وذرائع مختلقة وصولاً إلى الهدف الأساسي بالإخلال بالتوازن وتحييد السد المنيع (وهو إقليم كردستان وقيادته التاريخية) بين نفوذ دعاة التمدد المذهبي في طهران والبلدان العربية، خصوصاً سوريا، وصولاً إلى لبنان (وهو بيت القصيد)، الذي -وبكل أسف- تجاهلته الأوساط الحاكمة في الجوار والمنطقة للوهلة الأولى وحتى الإدارة الأميركية وأوروبا، التي قد تعود إلى رشدها في قادم الأيام وتصحح الغلطة التاريخية الكبرى.

أيها السورييون، "الحشد الشعبي" بنسخته (الأصلية الأيديولوجية)، التابعة مباشرة للولي الفقيه، قادم إلى دير الزور؛ ليلتحم مع أقرانه الميليشياوية الأخرى المنتشرة منذ بدايات الثورة السورية في مختلف مناطق بلادنا، وإذا كانت إيران هي الطرف المرشح لملء فراغ ما بعد صنيعتها "داعش"، احتلالاً وتسلطاً وتمدداً قومياً ومذهبياً بسوريا، بحسب أجندتها المرسومة بعناية- فلا شك في أن الواجب الوطني يمنح الأولوية لمقاومة هذا العدو ومواجهته، إلى جانب نظام الاستبداد، مع إشعار المحتلين الروس والأتراك للإفصاح عن مواقفهم الحقيقية وما إذا كانوا شركاء ومتواطئون مع الوجه الآخر لـ"داعش"، خاصة بعد تخاذل الطرفين مع أميركا وأوروبا أمام خطط إيران في ضرب توازن القوى السياسية والقومية والمذهبية القائم بالعراق من خلال إضعاف وحدة إقليم كردستان العراق باعتباره السد المنيع أمام التمدد الإيراني والضامن لحقوق المكونات الوطنية، وخاصة المكون السني.

بحسب تحليل المراقبين، فإن استقالة سعد الحريري ومن السعودية جاءت بتوقيت يوحي بإمكانية حدوث تطورات بعد ظهور أن إيران هي المرشحة لسد فراغ ما بعد داعش في العراق وسوريا بعد استيلائها على لبنان نتيجة التخاذل العربي الرسمي والتركي، وإيران بذلك تحصد منتوجها في زراعة وتمدد منظمات القاعدة.

وهذا ما كنا نؤكده وماأ ظهرته مؤخرا ًالوثائق الأميركية الجديدة في سياق تهيئة الرأي العام الأميركي حول المواجهة المحتملة مع نظام ولي الفقيه، كما جاءت الاستقالة متزامنة مع تصريح نتنياهو بالتجاوب مع رغبة جيران إيران ودول إسلامية في إقامة تحالف مواجِه أمام الخطر الإيراني المحدق بالجميع، ولسنا هنا بحاجة إلى الكثير من الفصاحة لنؤكد أن شعب كردستان العراق أول من يعاني في اللحظة الراهنة، لأسباب قومية ومذهبية، شرور ومخاطر مراكز القوى الشيعية في بغداد وقطعانها من "الحشد الشعبي"، فهل ننتظر ساعة الصفر؟

وفي سياق "الصحوة"، دعا 8 من أعضاء الكونغرس الأميركي (2 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 )؛ وهم: "رون جوهانسون- تيم كين- ماركو روبيو- جارنيس ريجس- كريس مورفي- كوري كارنر- جون باراسو- جوني إيساكسون"، في رسالة عاجلة إلى حيدر العبادي، بالعمل مع حكومة إقليم كوردستان لحل التوتر الحالي، محذرين من استخدام السلاح الأميركي و"الحشد الشعبي" في النزاع مع إربيل والقبول بتجميد نتائج الاستفتاء والبدء الفوري بالحوار.

وكان 8 أعضاء من البرلمان البريطاني قد أرسلوا رسالة بالمعنى نفسه إلى العبادي وهم: "جاك لوبرستي- أيان أوستن- روبرت هالفون- ماري كلندون- هنري سميث- ستيفن ميتكالف- لورد كليمنت جونز- خاتو هوجنسي ابينكر". هذا التحرك ولو أنه جاء متأخراً، ولكنه قد يساعد في ردع جماعات قاسم سليماني الطائفية الإرهابية.

منذ أواسط ستيينات القرن الماضي واستناداً إلى تقييمنا الموضوعي العلمي لحركة التحرر الكردستانية، توصلنا إلى نتيجة أنها تضم تيارين رئيسيين: واحد قومي ديمقراطي معتدل يؤمن بالحوار السلمي لحل القضية الكردية والعيش المشترك مع الشعوب الأخرى في إطار حق تقرير المصير، ويمارس الدفاع المشروع عند اللزوم، ويشكل نهج بارزاني عموده الفقري ويتوزع في باقي الفصائل الوطنية الكردية خارج العراق، وآخر مغامر شعبوي يدور في فلك الأنظمة الغاصبة جسده لعقود التحالف العائلي لـ(إبراهيم أحمد- طالباني) مع امتدادات موالية له في الأجزاء الأخرى (اليمين كمثال في جزئنا).

ويبدو أن قيادة "ب ك ك" القنديلية بدأت تزاحم لزعامة هذا التيار، وخلال عقود كان هناك تصور بإمكانية التعايش السلمي على قاعدة الصراع الفكري بين التيارين، ولكن أحداث كردستان الأخيرة تعيد المسألة إلى المربع الأول وإلى المزيد من التأمل والمراجعة النقدية من جانب مفكري ومثقفي الحركة الوطنية الكردستانية، وهي تستحق عناء المتابعة.

وإذا كان التيار المعتدل هو المؤهل للحوار والمرجعية المناسبة لحل القضية الكردية بالمنطقة عبر الحوار والتوافق مع الشعوب الأخرى، فمن المناسب استعراض أهم ما جاء بالكلمة المؤثرة للرئيس مسعود بارزاني بإيجاز شديد: "إن شعب كردستان العراق قدم الكثير للعراق وللتحالف الدولي ضد الارهاب، بفضل بطولات البيشمركة، وإنهم لم يكونوا بصدد إعلان الاستقلال الفوري ما بعد الاستفتاء الذي كان حقاً مشروعاً.

وإن الحرب المعلنة على شعب الإقليم ليست من أجل الدفاع عن وحدة العراق؛ بل ما هي إلا تعبيراً عن الفكر الشوفيني والثقافة العنصرية، فالحاكمون لا يؤمنون بحقوق شعبنا؛ بل يرغبون في إذلالنا، ولكن ليعلموا أن كرامة شعبنا ستُصان ولن نهاب الموت في سبيل ذلك، وأن الأعمال العدائية من جانب (الحشد الشعبي) بحق شعبنا لن تمر مرور الكرام. والأمر المؤسف، هو الخيانة التي وقعت يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول وخذلان دول التحالف لشعبنا المسالم، وأنهم أصدقاء لدول الجوار… وأكد عدم ترشيح نفسه للرئاسة؛ بل سيبقى مسعود بارزاني البيشمركة المؤمن بحق الكرد في تقرير المصير".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد