لاجئو ميانمار: ليس هناك ثمنٌ باهظٌ مثل فقدان الحياة

هل هي الأقدار أن يكون عند النقطة التي يبحث فيها الكثيرون عن حياة جديدة، موعد بالنسبة للكثيرين منهم، مع نهاية حياتهم - إنه بحق ثمن جد باهظ، يدفعه المرء هرباً من الموت.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/19 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/19 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش

بالنظر إلى الحركة غير العادية لآلاف اللاجئين من ميانمار إلى بنغلاديش، أردت أن أرى مباشرة وبأم عيني كيف تنظِم الإغاثة الإسلامية في بنغلاديش عملية مساعدة اللاجئين. ولهذا العرض انضممت إلى زملائي في ميناء الصيد الجنوبي في كوكس بازار ثم توجهنا جنوباً من هذه المدينة إلى منطقة حيث تضيق أراضي بنغلاديش إلى نقطة حادة – وهي ميزة جغرافية من هندسة نهر ناف، لدى ولوجه خليج البنغال.

على الضفة الشرقية توجد ميانمار، وإلى غرب بنغلاديش. وعند هذه النقطة تحديداً يلجأ العديد من اللاجئين فراراً من ميانمار على متن قوارب. من بنغلاديش يمكنك أن تنظر شرقاً إلى سلسلة من الجبال المغطاة بالأشجار؛ وترى ميانمار جد قريبة لدرجة تستطيع أن تبصر مبانيها وأضواءها.

بعد فترة وجيزة، من مغادرة كوكس بازار، شهدنا عدداً من المخيمات المؤقتة، وكان باستطاعة سائقنا التمييز بين هؤلاء اللاجئين الذين وصلوا للتو – وهم عادة مجموعات عائلية، تبدو عليهم لبرهة من الوقت علامات الذهول، وهم جالسون بهدوء على جانب الطريق، في محاولة التأقلم مع محيطهم الجديد وإدراك ضخامة ما قد عاشوه للتو.

وبينما واصلنا مشوارنا وتوجهنا بعيداً نحو الجنوب تمكنّا من عبور نهر ناف ومتابعة السير جنوباً. وفي تكناف، المدينة الواقعة في أقصى جنوب بنغلاديش على الشريط الضيق الذي يمتد على طول ساحل ميانمار، توجهنا سيراً على الأقدام إلى نقطة عبور يستخدمها اللاجئون، فوجدنا هناك عشرة قوارب خشبية ضيقة جداً تزاول تجارتها، في تحميل وتفريغ مجموعات اللاجئين وممتلكاتهم الزهيدة التي تم جمعها على عجل.

وفي معبر تكناف التقيت محمد رفيق وزوجته وأطفاله الأربعة، وقد فرت العائلة من منزلها مع بداية اندلاع النزاع. وقال لي محمد بحسرة القلب الممزق "غادرنا بيتنا في منتصف الليل. لم يكن أمامنا سوى ما يكفي من الوقت لجمع أطفالنا. تركنا كل شيء وراءنا.."

نويوم، أصغر أبناء محمد، يحمله على ذراعيه، يصارع الحمى وبحاجة إلى عناية طبية فورية.

ولمواصلة السير على خط مسار النهر والاقتراب أكثر من أول نقطة وصول، ركبنا قارباً إلى غاية بلوغ نقطة بضفة النهر تطل على ميانمار، حيث تمكنا من إلقاء نظرةٍ طويلةٍ ومتواصلةٍ عبر نهر ناف.

وفور وصولنا اقتربت منا مجموعة صغيرة من اللاجئين، أبلغونا عن وقوع حادث قارب مأساوي أثناء الليلة الماضية، تسبب في هلاك 12 لاجئاً، وفي نفس اللحظة، شعرنا بقدوم مجموعة صغيرة من الناس تسير على طول الشاطئ تحمل نعشاً مفتوحاً يحتوي على جثتين من آخر جثث اللاجئين الذين غرقوا، تم العثور عليهما.

هل هي الأقدار أن يكون عند النقطة التي يبحث فيها الكثيرون عن حياة جديدة، موعد بالنسبة للكثيرين منهم، مع نهاية حياتهم – إنه بحق ثمن جد باهظ، يدفعه المرء هرباً من الموت.

هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية من "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد