بعد 16 عاماً على اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول، التي صدمت الولايات المتحدة والعالم، يعود تنظيم القاعدة إلى البروز في ظل الهزائم المتتالية التي لحقت بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا، بحسب خبراء.
في نهاية يوليو/تموز، وقعت مدينة إدلب في شمال غربي سوريا تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، ائتلاف فصائل إسلامية وجهادية أبرزها جبهة فتح الشام، المعروفة سابقاً بجبهة النصرة، قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، غير أن الدول الغربية لا تزال تعتبرها تنظيماً "إرهابياً".
القاعدة في الشام
وتحدَّث خبراء في واشنطن، الإثنين 11 سبتبمبر/أيلول 2017، بدعوة من مركز "نيو أميركا" للدراسات، عن المخاطر الإرهابية التي تواجهها الولايات المتحدة، معتبرين أن هيئة تحرير الشام هي مجرد "تسمية أخرى" لتنظيم القاعدة، وأن المجموعة تريد من خلالها أن تقدم نفسها على أنها أكثر اعتدالاً من تنظيم الدولة الإسلامية، على أمل تعزيز موقعها.
وقال المدير السابق لمكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، جوشوا غيلتزر، إن "تنظيم الدولة الإسلامية قد يشكل اليوم أكبر خطر إرهابي، لكن القاعدة في سوريا تثير قلقنا. إنه أهم فروعها في العالم في الوقت الحاضر".
وأضاف أن هيئة تحرير الشام اكتفت بتبديل اسم تنظيم القاعدة.
وعززت الهيئة سيطرتها على القسم الأكبر من محافظة إدلب، واحدة من آخر المحافظات السورية الخارجة عن سلطة قوات النظام. وتشمل سيطرتها معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، الذي تجني منه إيرادات على حركة دخول السلع والمنتجات.
وقامت الهيئة بطرد الفصائل المنافسة لها أو استوعبتها، وعملت على تحديث دعايتها على الإنترنت، مستندة إلى النمط المتبع من تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال ديفيد غارتنستاين روس، الذي وقع مع جوشوا غيلتزر تقريراً لـ"نيو أميركا" حول الخطر الجهادي صدر الإثنين، إن تنظيم القاعدة الذي خسر الكثير من نفوذه مع مقتل زعيمه أسامة بن لادن، يظهر على ما يبدو قدرة على استعادة قوته.
"جهاديون معتدلون"
ولفت إلى أن التنظيم "أقوى" اليوم مما كان عليه في 2010، حين أتاح تراجعه بروز تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال إن تنظيم القاعدة "أظهر ببراعة ابتعاده عن تنظيم الدولة الإسلامية ليصور نفسه على أنه تنظيم من "الجهاديين المعتدلين"، أشخاص لا نستسيغهم بالضرورة، لكن يمكننا التعامل معهم".
ونتيجة لذلك، فهو يحظى، على حد قوله، بالمزيد من الدعم الشعبي، لا سيما في سوريا، فضلاً عن قدر من الدعم الرسمي في دول الخليج.
وتابع الخبير: "إن كونه أكثر انضباطاً من تنظيم الدولة الإسلامية كان مفيداً جداً".
وشدَّد التقرير على ضرورة التركيز على تنظيم الدولة الإسلامية على أنه أخطر تهديد خارجي في الوقت الحاضر، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن جميع الاعتداءات الجهادية الدامية التي وقعت في الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001، نفَّذها مواطنون أميركيون أو مقيمون بصفة دائمة في هذا البلد.
خطر القاعدة
لكنه حذر بأن تنظيم القاعدة قد يعود ويطرح الخطر الأبرز في المستقبل، باستقطابه عناصر يبتعدون عن نهج تنظيم الدولة الإسلامية الشديد العنف والتطرف.
وفي حين أن الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة أيمن الظواهري لا يحظى بالشعبية ولا يتمتع بالكاريزما، فإن القياديين الشبان في إدلب يتدربون على اجتذاب المؤيدين على شبكات التواصل الاجتماعي، مستلهمين أساليب تنظيم الدولة الإسلامية.
وجاء في الدراسة أن "تنظيم القاعدة في سوريا خضع لتغييرات تجميلية تناولت تسميته وطريقة تنظيم صفوفه، لكن بدون التخلي فعلياً عن انتمائه للتنظيم الأم".
وتبنى تنظيم القاعدة اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول في 2001، التي نفذت عن طريق تفجير طائرات وقتل فيها حوالي ثلاثة آلاف شخص.
ونفذت بعدها الولايات المتحدة هجوماً عسكرياً واسعاً في أفغانستان لاستئصال التنظيم، الذي كان يتخذ بزعامة أسامة بن لادن مقراً أساسياً له في تلك البلاد، متحالفاً مع حركة طالبان الأفغانية. وأدت الضربات العسكرية الأميركية والحملة ضد الإرهاب في العالم التي تلتها، إلى إضعاف تنظيم القاعدة في حينه.
وقتل أسامة بن لادن في عملية عسكرية أميركية على مخبئه في مدينة أبوت آباد، في 2011.