متى يعي العرب أن صدام حسين كان ديكتاتوراً مستبداً؟

حينما أعدم صدام وأعوانه على أثر إبادتهم أفراد الشعب العراقي، دخلت الفرحة إلى قلوب أنصار الحرية والعدالة كافة في العالم، باستثناء العرب (شعب، مثقفون، سياسيون، كتاب، صحفيون...)؛ إذ إنهم وكعادتهم بدأوا بالولولة والعويل والتباكي على أيام صدام حسين (فارس الحفرة العربية)، وذكر إنجازات حزب البعث المقبور.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/06 الساعة 03:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/06 الساعة 03:03 بتوقيت غرينتش

توجد حقيقة ارتقائية كونية ثبتت صحتها على مر العصور والأزمان الغابرة والحالية وهي (صمت وبلاهة الشعوب سببان رئيسيان لنشأة واستمرارية المستبدين والظالمين)، استطاعت دول الغرب وبعض دول الشرق أن تعيها، ما أدى إلى تقدمها وازدهارها وتمتعها بنظام ديمقراطي مستند على الحرية والعدالة خالٍ من الظلم والقهر والاستعباد، بالمقابل تغاضى العرب عن فهمها وقبلوا أن يكونوا عبيداً لحكامهم وقادتهم، يعيش معظمهم في السجون والمعتقلات والمقابر والنفايات يفترشون الأرض، ويتدثرون بالسماء، يقتاتون من الفضلات.

حينما أعدم صدام وأعوانه على أثر إبادتهم أفراد الشعب العراقي، دخلت الفرحة إلى قلوب أنصار الحرية والعدالة كافة في العالم، باستثناء العرب (شعب، مثقفون، سياسيون، كتاب، صحفيون…)؛ إذ إنهم وكعادتهم بدأوا بالولولة والعويل والتباكي على أيام صدام حسين (فارس الحفرة العربية)، وذكر إنجازات حزب البعث المقبور.

إنجازات البعث وصدام التي يتغنى بها العرب كانت في المقام الأول ضارة ومسيئة لهم، فازدواجية شخصية العربي العراقي وفقره وعوزه الدائمان، ناهيك عن خوفه المستمر حتى من ظل مشيته، وقلقه الدائم على رغيف خبزه ومستقبل أولاده في كل حين، كلها مجتمعة كانت بسبب نهب ثرواتهم وخيراتهم، وحصرها في أيدي قادة وأذناب البعث، فضلاً عن تعذيبهم بِكَيّ ظهورهم وبطونهم مع قلع أظافر أيديهم وأرجلهم في معتقلات أبو غريب والحبانية والأنبار والرمادي من قِبل جلّادي هذا الحزب.

الفوضى المؤثرة على الدول العربية المجاورة التي نراها في عراق اليوم شاملة كافة النواحي (سياسية – اقتصادية – أمنية) أيضاً هي من تبعات وآثار إنجازات القائد العنتر صدام حسين.

الكره والحقد المتبادلان بين العراقيين والكويتيين من جهة والإيرانيين والعراقيين من جهة ثانية والعراقيين والسوريين من جهة ثالثة وبين العراقيين أنفسهم من جهة رابعة، وغيرها من كراهيات ضد العراقيين العرب، أيضاً من إنجازات صدام الشمطاء.

برأيي المتواضع فإن أبرز أسباب صمت العرب المؤدية لقبولهم الاضطهاد والذل النازل بهم جيلاً بعد جيل على أيدي حكامهم وقادتهم هي: تفكيرهم العاطفي الجياش، وسرعة نسيانهم للأمور والأحداث، وساديتهم المازوخية في الآن نفسه؛ إذ إنهم يرغبون بأشخاص أقوى منهم كي يذلوهم ويضطهدوهم (حكامهم وقادتهم المستبدون) وأشخاص أقل منهم نفوذاً وعدداً كي يقوموا هم بإذلالهم وتعذيبهم (الأقليات الدينية والقومية التي تعيش معهم)، ناهيك عن طبيعتهم المجبولة على ذلك حسب دراسات علمَي النفس والاجتماع.

وبالطبع كلامنا عن العرب هنا ليس على إطلاقه؛ إذ إنه يوجد منهم مفكرون وكتاب وشعراء ومثقفون في غاية الروعة والإنسانية رفضوا الديكتاتورية وقالوا لصدام وأعوانه: (إنكم منبوذون وأشرار مستبدون ظالمون) سواء بصورة علنية أم متوارية.
على سبيل المثال: الرائعون (علي الوردي وهادي العلوي) والشاعر الثائر المتمرد الكبير (أحمد مطر) وغيرهم.

آن أوان خروج العرب من إطارهم العقلي المستند على العنصرية القومية الدينية وتمجيد المستبدين والظالمين، متجهين نحو فضاء الحرية والإنسانية والعدالة في معاملتهم مع أنفسهم أولاً ومع الآخرين ثانية؛ كي يكونوا مقبولين مهضموين لا منبوذين مكروهين، كما هو الحال معهم راهناً في كافة أرجاء العالم.

هل من آذان مصغية؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد