ربما نال هاشتاغ "#SuriyelilerEvineDönsün" والذي يقول: "أيها السوريون عودوا إلى بلادكم" دعما أكبر على مواقع التواصل هذه المرة من بين كل ما يحصل لتأجيج العنصرية تجاه السوريين في تركيا بين الحين والحين، مما يسبق كذلك حدثا مرتبطا بالحكومة التركية لإشغالها وتأليب الرأي العام ووضعها في موقف حرج، كونها من احتوى السوريين وأطلق عليهم لقب المهاجرين والضيوف لا اللاجئين.
ويبدو أن بعضهم تنبه جيدا إلى أن ورقة السوريين رابحة في التأليب على الحكومة التركية ورئيسها، كون تحريك مشاعر كراهية الأتراك وإثارة غضبهم أكثر سهولة من خلال تضخيم الأخطاء التي تحصل فعلا أو اختلاق قصص من قبل ممثلين جيدين وربطها بالعادات والتقاليد التي يحترمها الشعب التركي، أو اختلاق أكاذيب وشائعات تتهم الحكومة التركية بتقديم الأموال والتعليم والبيوت للسوريين دون مقابل.
كل منتقدي "الهاشتاغ" وما حدث من مشكلات يجمعون أن وراءه أفراد من المعارضة التركية، وعناصر من المخابرات السورية، وأن الهدف هو إحراج الحكومة، وزعزعة الاستقرار، وإثارة الفوضى للتشويش على عملية عفرين التي اقتربت ساعة الصفر لها، وكذلك موعد الذكرى الأولى للانقلاب الفاشل في 15 تموز.
ليس صعبا على حزب كـ "ب كا كا" مثلا له أذرعه وعناصره المؤيدة له في كل أنحاء البلاد والمعارضة التركية كذلك أن يدفعوا ببعضهم للقيام بمظاهرات ضد السوريين بمشاركة من أفراد في المعارضة، وأن يثير مشاعر الأتراك عندما يعلن أن الأمر يتعلق بشرف أو مال، فعملية عفرين والتي سيكون الجيش السوري الحر طرفا فيها ستطفئ أحلام هذا الحزب وذراعه العسكري السوري في إقامة دولة للكرد في شمال سوريا لتكون جسدا يحقق أحلام أعداء الأمة بفوضى لا تنتهي في المنطقة كلها، ومن السهولة بمكان اختلاق الفتنة عبر أشخاص يختفون ما إن تشتعل نار المظاهرات فكيف بها على مواقع التواصل الاجتماعي حيث الحسابات الوهمية والأصدقاء الداعمين الذين تجمعهم عداوة مشتركة للشعب السوري والحكومة التركية و من يؤيدها، الأمر أكثر متعة وسهولة، والشعب التركي معروف بقوة عاطفته وحميته.
يدرك السوريون هذا ويدركون في الوقت نفسه أن الحكومة التركية والشعب التركي الذي اعتبرهم ضيوفا لا لاجئين حفظ لهم كرامتهم التي فقدها الكثير من إخوتهم ممن توجه نحو بلاد أخرى تسمى عربية، فلا مجال أبدا للمقارنة بين إولئك وبين السوري الذي يقيم في تركيا بكل احترام، ويعامل بإنسانية وعدل، وتقدم له التسهيلات للعمل وافتتاح المشاريع والتجارة، وحتى من اضطر منهم للبقاء في المخيمات التي تشرف عليها الحكومة التركية والمنظمات التابعة لها يعرفون الفرق جيدا بين ما يتوفر لهم من خدمات وما يجده أهلهم في مخيمات البلاد العربية الأخرى وما يلاقونه من هوان وذل وحاجة، وأن ما يتخلل هذه المنظومة لا يعدو كونه حوادث فردية تعبر عن أفراد ومجموعات لا يمكن تعميمها على الشعب كاملا.
ويدرك السوريون كذلك أن وجودهم وكرامتهم في تركيا مرتبطة بفئة من الشعب التركي ينظر إلى بلاده وكأنها جزء من أمة الإسلام ويسره أن تبقى قوية وحضارية، بينما لا يرغب بهم من كان هواه غربيا ويستميت لإرضاء أميركا وأعداء بلاده لينال مكانة ومنصبا يستطيع من خلاله إبعاد تركيا نحو الخلف، وتخليها عن دورها القديم الذي تجدد في قيادة الأمة وقد فرغ الأن بعد أن نجحت الثورات المضادة في كسر كل همة وحكومة وصلت بفعل انتخابات حقيقية من الشعوب العربية، ودمرت البلاد، وشردت أهلها ورموزها في أصقاع الكون.
في تلك الأزمة الجديدة القديمة لافتعال الفتنة بين السوريين والأتراك كانت هناك في جبهة العداء للسوريين جيوش من حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعناصر خفية كانت مهمتها إشعال الفتنة عند رؤية ما قد يصلح لإثارة مشاعر الاتراك، أطراف من المعارضة التي لم نرى منها موقفا لصالح بلادها، وحسابات عربية نعرف تبعيتها للمخابرات السورية وغيرها من الدول التي يهمها سقوط تركيا في فخ الفوضى، وسذج أخذتهم الحمية دون أن يدركوا حجم ما يحاك لبلادهم، ومغنية مشهورة، ولاعب كرة، وصحفيون لهم غايات يدركها الشعب التركي أولا.
في حين كان من بين الأصوات التي أدركت أنها فتنة مفتعلة شخصيات على أعلى المستويات في الحكومة التركية، أحزاب وجمعيات ومنظمات واتحادات لها وزنها وعراقتها، صحفيون وكتاب ومثقفون، وجموع من الشعب التركي ارتفعت أصواتهم في كل مكان من تركيا تطالب بإعدام قاتلي المرأة السورية وطفلها، بل وتصطدم مع الشرطة التركية عنفوانا ويتم ضرب أقارب للقتلة من قبل الشعب التركي، وأب تبرأ من ابنه قاتل المرأة السورية، فأيهما نصدق.
ندرك جميعا أن الشعب السوري كغيره من الشعوب فيه الصالح والطالح، ومن لم ينل تربية جيدة في بلاده، ويشعر السوريون في تركيا بالخجل من مثل تلك الحوادث كونها تعمم على الشعب بأكمله ولا تستثني العناصر الكثيرة الممتازة والرائعة، ويرغب السوريون بأن يتم تحييد هذه العناصر المسيئة لكلا الشعبين ومعاقبتها بشكل فردي وبما تستحق لأن جريمتها تتعدى أذى شخص واحد على أذى ينال شعبا بأكمله.
عني أنا فقد قال لي مديري التركي الأول عندما كنت أعمل في وكالة الأناضول التركية: "أنت أمانة لدينا حتى تعودي إلى بلادك بسلام"، وقال مديري في صحيفة يني شفق الأستاذ إبراهيم قرة غل: "أطلبي ما تحتاجينه منا ولن نتأخر فنحن هنا في المؤسسة عائلتك"، وقد شاركت في الوسم الذي يقول أن السوريين إخوتنا وكسبت أصدقاء أتراك رائعين، فأي كرامة.
– تم نشر هذه التدوينة في موقع يني شفق التركي
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.