الحُكم بعد المداولة – الجلسة الثالثة.. محاكمة قطر

اسألوا دارفور وأهلها، مَن أزال شبح الحرب والموت والدمار عن ربوعها؟ اسألوا راهبات لبنان اللاتي أرجعتهن قطر لوطنهن، اسألوا لبنان بعد أن كان على شفير حرب أهلية جديدة، من أصلح بين أهله سنة 2008؟ ومن وتوسط في الإفراج عن 16 عسكرياً لبنانياً اختُطفوا في سوريا عام 2014؟ ومن أصلح بين قبائل التبو والطوارق الليبيتين سنة 2015 فعاد آلاف الفارين إلي بيوتهم بعد سقوط 300 قتيل و2000 مصاب؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/04 الساعة 06:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/04 الساعة 06:11 بتوقيت غرينتش

القاضي لممثل الدفاع عن قطر: ما ردُّكم على ما ذكره ممثل الادعاء العام من أنكم توزعون الحزن على وجوه الناس ولا ترسمون على وجههم الابتسامات؟!

ممثل الدفاع عن قطر: سعادة رئيس المحكمة.. أصحاب السعادة المستشارين، إن دولة قطر لم تكن يوماً توزع الأحزان على وجوه أحد من البشر؛ فليخبرنا ممثل الادعاء أين هو الحزن الذي نوزعه؟! وعلى من نوزعه؟!

■ هل نحن من موَّلنا وخطَّطنا لقتل آلاف الأشخاص في ميدان رابعة والنهضة، فأدخلنا الأحزان على قلوب أهليهم وأبنائهم وبناتهم وأقاربهم وأصدقائهم؟ هل نحن من رمّلنا نساءهم ويتَّمنا أطفالهم؟ هل نحن من قهرنا أمهاتهم وآباءهم؟

■ هل نحن من احتجز أكثر من 61 ألف سجين للرأي، فأُدخل الهم والحزن والقهر على قلوب أهليهم؟

■ هل نحن من ناصر وموَّل بشار في قتل شعبه وإبادته أبادة جماعية بالغاز السام والقنابل العنقودية المحرمة دولياً؟

■ هل نحن من دمرنا المدن السورية التي أصبحت أثراً بعد عين على رؤوس أصحابها؟

■ هل قطر هي من هجَّرت أكثر من 6 ملايين سوري أصبحوا مشتَّتين في أنحاء العالم دون مأوى ولا مُعين؟

■ هل قطر هي من أعانت وموَّلت كسر إرادة الشعوب في مصر وليبيا وسوريا اليمن؟

■ هل قطر أو أهلها هم من قطعوا أرحامهم بأيديهم في شهر الرحمة حتى ارتفع بكاء الأطفال وصيحات الآباء والأمهات وفراق الأحبة والأقارب؟

■ هل قطر هي من طردت المرضى من مستشفياتها وأبت إكمال علاجهم، وأصروا على إبعادهم من بلدانهم؟

■هل دولة قطر هي من فرقت بين الزوج وزوجته، والابن وأبيه، والأطفال وأمهاتهم؟!

■ هل قطر من أصرت على ترك مواطني دول الحصار لوظائفهم وعائلاتهم ليذهبوا إلى بلدانهم، في مصير مجهول؛ لا وظيفة ولا دخل ولا استقرار ولا أمان؟!

■هل قطر هي من فرضت عقوبات على مواطني دول الحصار بالسجن والغرامة لمجرد إبداء رأيهم الحقيقي تجاه قطر؟

ماذا أقول؟ وماذا أترك، أصحاب السعادة القضاة، لقد أبكى هؤلاء المحاصِرون مواطنيهم بدل الدمع دماً، وأدخلوا على قلوبهم الحزن والحسرة وعلى شعوب مصر وليبيا واليمن وسوريا اليأس والإحباط، ثم يكذبون ويرموننا بما هم له مقترفون.

أما عن الشق الثاني من الاتهام؛ لماذا لا ترسم قطر الابتسامات على الناس؟ فالكل يعلم أن قطر أبهجت نفوساً وأفرحت قلوباً، وآنست أرواحاً وأبداناً لا تحصى عدداً؛ ذلك لأنها تقف بجانب الشعوب، وما أكثر الشعوب المطحونة والمعدَمة!

أسالوا جنوب لبنان، مَن عمَّرها بعد تدمير؟! واسألوا غزة الكرامة والعزة من أعاد بناءها بعد أن صارت أطلالاً؟! ومن بنى مدناً جديدة كاملة في غزة؟ ومن أمدَّ القطاع بالطاقة لتوليد الكهرباء؟ ومن يكفل آلاف الأيتام في القدس؟

اسألوا دارفور وأهلها، مَن أزال شبح الحرب والموت والدمار عن ربوعها؟ اسألوا راهبات لبنان اللاتي أرجعتهن قطر لوطنهن، اسألوا لبنان بعد أن كان على شفير حرب أهلية جديدة، من أصلح بين أهله سنة 2008؟ ومن وتوسط في الإفراج عن 16 عسكرياً لبنانياً اختُطفوا في سوريا عام 2014؟ ومن أصلح بين قبائل التبو والطوارق الليبيتين سنة 2015 فعاد آلاف الفارين إلي بيوتهم بعد سقوط 300 قتيل و2000 مصاب؟

اسألوا تشاد والسودان، من أصلح بينهما سنة 2009؟ ومن أصلح بين المتقاتلين في دارفور؟ ومن أرسل قواته لتمنع القتال بين إريتريا وجيبوتي؟ فلما قطعت جيبوتي علاقاتها بقطر تحت تأثير الابتزاز السياسي، أسرعت إريتريا بالاعتداء عليها فور انسحاب قوات قطر من هناك!

اسألوا أهل مصر، من أضاء لهم الليل البهيم على اختلاف الحكام؛ أيام حكم المجلس العسكري، وحكم الرئيس مرسي، وأول عهد قائد الانقلاب العسكري؛ لأن ما يهمنا هو إسعاد الشعوب ولو اختلفنا مع حكامهم.

اسألوا 350 ألف مصري يعيشون على أرض قطر معزَّزين مكرَّمين لم يُمسوا بسوء رغم فرض بلدهم الحصار، واسألوا: من وفَّر 50 ألف وظيفة للسودانيين؟!

وفي الصومال، كانت "قطر الخيرية" ثاني أكبر مؤسسة خيرية على مستوى العالم سنة 2011، فأقامت 7 مخيمات للمأوى، وقدمت المعونات الغذائية والدوائية لأكثر من 30 ألف شخص، وقامت ببناء 800 ألف مبنى بين مدارس ومساجد ومساكن في إفريقيا وحدها.

وفي سوريا، آوت أكثر من 700 ألف لاجئ سوري، وأقامت "قطر الخيرية" مدينة الريان التي استفاد منها 4 ملايين سوري، وأقامت لهم المخيمات في سوريا ولبنان وتركيا والأردن.

وبهذا، يظهر بوضوح للدنيا كلها من يرسم الابتسامات الصفراء؛ ليخنق ويطعن من الخلف ويعمل ضد الشعوب؛ ليكسر إرادتها ويقتل آمالها ويمول الإرهاب فيها، ويعاملها معاملة اللئيم؛ لينهب خيراتها ويرتوي من دماء شعوبها؟ ومن يرسل الابتسامات من قلوب صافية مصحوبة بالحب والأمل؟

القاضي لممثل قطر: وماذا تقول عن مونديال 2022، فدول الحصار منزعجة لفوزكم باستضافة المونديال؟

ممثل قطر: نحن بذلنا جهداً جباراً للحصول على هذا الشرف، وسعينا لتحقيقه سعياً بكل عزيمة وحزم، وكان المؤمل من الأشقاء والجيران أن يفرحوا لفوز أول دولة في الشرق الأوسط باستضافة المونديال، ولكن رأينا العكس؛ رأينا الحقد والحسد ينهشان في أحشائهم، فشككوا في أحقيتنا بالفوز بتنظيم المونديال، واتهمونا بالرشوة، وبرأَنا القضاء المختص بالفيفا. فأثاروا مشكلة العمالة في قطر، ولكن اللجان المختصة أتت لقطر وتقصَّت الحقائق وبرَّأت قطر من كل تقصير.

فلما لم تجد دول الحصار جدوى لدسائسهم المقيتة، فرضت الحصار على قطر ظلماً وعدواناً بمخالفة القوانين الدولية، فلم يصدر من مجلس التعاون الخليجي ولا مجلس الأمن أي قرار بحصار قطر، وإنما فعلوا ذلك بلطجةً مقيتةً، ناشرين العنف والإرهاب بين الأهل والأقارب.

القاضي لممثل قطر: ولماذا لا تتقاضى قطر من مواطنيها قيمة استهلاكهم للكهرباء والماء؟ وهل تعلمون أنكم الدولة الوحيدة في العالم التي تعطي الكهرباء والماء مجاناً لشعبها؟ ولماذا تعطون لموظفي الدولة رواتب أعلى من موظفي جيرانكم؟

ممثل قطر: نحن نحب مواطنينا ونعمل على إعزازهم، فمن حقهم علينا أن نعيشهم في رخاء ورفاهية، فبدل من أن يفعلوا مثلنا يطلبون منا التضييق على مواطنينا. هذا خلاف العقل والمنطق. وأما أننا نعطي رواتب أعلى من رواتبهم، فالحمد لله نحن نؤمن بأن شعبنا أمانة في رقابنا، فحافظنا على مواردنا واستثمرناها فيما ينميها.

لم ننفقها لتمويل الإرهاب ولا لتمويل الانقلابات ولا لشراء الأسلحة واستئجار العصابات من أجل حمايتنا من مواطنينا، ولم نبذرها في الخمارات ولا موائد القمار، ولم نكدسها في حساباتنا الشخصية؛ بل ننفقها لرفاهة شعبنا وتأمين حياة كريمة لهم في الصحة والتعليم والبنية التحتية، وغيرها مما يوفر الحياة الكريمة لهم، فلا يلومنا أحد على أداء واجبنا تجاه مواطنينا.

القاضي لممثل الادعاء: هل لديك أي اعتراض؟
ممثل الادعاء: لا.

قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى الغد؛ للاستماع للمرافعة الختامية من ممثل الدفاع عن دولة قطر.. رفعت الجلسة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد