هل حقاً السوريون لا حول لهم ولا قوة!

في ظل كل ذلك هناك المحبط والمتألم وهناك المتوازن، هناك من كفر بالثورة، ومن ما زال ماضياً في ثورته، ولكن في كل ما يحصل على الأكيد لا يوجد منتصر، لا الثورة انتصرت، ولا النظام سقط أو انتصر، تدمرت البيوت والمدن وسوريا لن تعود غداً، ولا بعد غد، ولا بعد بعد غد.. هذا إذا أردنا الحكم على ما يجري بشكل ملموس، ولكن الثورة لم تقم يوماً ليسيطر فصيل معين على أرض أو مدينة

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/19 الساعة 04:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/19 الساعة 04:43 بتوقيت غرينتش

حالة من اللامبالاة والإحباط تلف المكان، ربما حزن أو خذلان، أو حتى كراهية وحقد، هذا حال كثير ممن أراهم، وضع سياسي مزرٍ تداخلت فيه المصالح لدرجة اختلطت معه جميع الأوراق، لم نعد ندري من الصديق ومن العدو.

تركيا مشغول أردوغانها بتثبيت قواعد حكمه في ذكرى الانقلاب الفاشل، وتأمين حدوده من الأكراد، بعد أن كان شعاره الأوحد لن نسمح بحماة ثانية.زيارات قبل عام قيل إنها كانت سرية بين تركيا والنظام، أخذت روسيا بعدها حلب، لبنان مباع أساساً لإيران، ومسجل بالطابو الأخضر باسمها، واللاجئون هناك بين قتيل على يد الجيش، أو معتقل عند الأمن العام، أو مرمي في خيمة لا تصلح للعيش الآدمي، عدا عن العنصرية لبعض اللبنانيين ممن يحظرون على السوري المرور في حيهم أو التجول بعد ساعة معينة، طبعاً إذا كان السوري لاجئاً أو من الفقراء، أما الأغنياء والذين في مجملهم من حلف النظام فمكانهم على العين والرأس في لبنان.الفصائل المقاتلة على الأرض تحولت من قتال العدو وحماية الناس إلى حرس حدود، سواء في الجنوب السوري أو الشمال، وأخرى باتت تتقاتل فيما بينها وتسفك دم من ادعت أنها موجودة فقط لحمايتهم، وأخرى تعتقد أن الجنة تحت أقدام فوهات بنادقها ونصل سكينها، تفرض على الناس طريقة مأكلهم وملبسهم وحياتهم وكأنها ولي الله في الأرض، وفيما بعضهم في خلوتهم يحششون ويسكرون كما قال شهود عيان.

الطبقة السياسية السورية ما الذي يمكن عدم قوله عنها!! انعكاس للنظام بكل ما فيه مع اختلاف المسمى، والأسوأ أنها تُباع وتُشترى ومن حساب السوريين، حتى البيع والشراء كان من الممكن أن يتم القبول به لو كان فيه مصلحة للسوريين.

وآخر ما حُرر الدوما الروسي يصادق على الوجود الروسي في سوريا تسعاً وأربعين سنة، كل ذلك يحدث للسوريين غير اللجوء والتشرد، والموت، والإعاقات الدائمة للآلاف، جيل كامل من الأطفال بدون تعليم، والمعتقلون والمعتقلات.

في ظل كل ذلك هناك المحبط والمتألم وهناك المتوازن، هناك من كفر بالثورة، ومن ما زال ماضياً في ثورته، ولكن في كل ما يحصل على الأكيد لا يوجد منتصر، لا الثورة انتصرت، ولا النظام سقط أو انتصر، تدمرت البيوت والمدن وسوريا لن تعود غداً، ولا بعد غد، ولا بعد بعد غد.. هذا إذا أردنا الحكم على ما يجري بشكل ملموس، ولكن الثورة لم تقم يوماً ليسيطر فصيل معين على أرض أو مدينة، ولا لننتصر على النظام من حساب دمائنا وشهدائنا، الثورة لم تقم يوماً ليصبح لدينا جيش المجاهدين أو جيش الإسلام، ولا درع الفرات أو الجبهة الجنوبية، أحرار الشام أو جبهة النصرة..الثورة لم تقم يوماً ليصبح لدينا معارضة تجلس في أحضان دول تُملي عليها ما يجوز وما لا يجوز للسوريين في ثورتهم،

الثورة لم تحدث إلا من أجل الحرية والكرامة، وبناء دولة القانون القائمة على أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.جنيف واحد رحل، وجنيف سبعة أيضاً رحل، وأستانا واحد دخل على الخط، وأستانا خمسة رحل أيضا، وما قيل من المؤتمر الأول وحتى الأخير لم يُغير من شيء سوى عدد الشهداء والمعتقلين..هل حقاً السوريون عالقون في هذا المشهد لا حول لهم ولا قوة؟ غير صحيح.. القوة موجودة، فمن كسر حاجز الرعب وخرج في وجه أعتى الأنظمة الديكتاتورية شعب قوي، علينا أن نحرر قوتنا الكامنة، وأن نبدأ الجهاد الحقيقي لا بالسلاح ولا الرصاص، بل بالتنظيم والعمل الجماعي الموحد القائم على أسس علمية.

على قوى المجتمع المدني الفاعلة أن تبدأ بتشكيل كيان حقيقي فاعل، يضم كل سوري متميز متفوق في مجاله في القانون والسياسة والفكر والخبرة العسكرية وغيرها من المجالات التي تخدم قيام مؤسسة وطنية متكاملة في الداخل السوري، تدعو لها كل هيئات المعارضة لتنضوي تحتها من سياسيين وقادة عسكريين وقادة فصائل قوية، وأن تعتمد في دعمها المالي على نفسها من موارد المناطق المحررة، وتبدأ بالخطوة الأولى الأساسية، تشكيل قيادة حقيقية من الداخل سياسية وعسكرية، تمتلك حاضنة شعبية، تضييق الخناق أمام أي دعم مادي يمكن أن يصل لأي فصيل مقاتل من أي دولة كانت، حتى لو كانت من أعز الأصدقاء، بالمعنى الأدق الاستقلال المالي الذي هو الخطوة الرئيسية نحو استقلال القرار.. نبذ ورفض تمثيل كل من يرفض الوجود في الداخل السوري ،وتكوين مجموعة متفق عليها تقوم بالعمل الدبلوماسي خارجياً ،امتلاك خيوط التواصل الدبلوماسي مع الدول الغارقة في الملف السوري بشكل كامل، لا مؤتمرات ولا جنيف ولا أستانا، وجعل المنطقة المختارة في سوريا مقراً بديلاً عن المؤتمرات الخارجية لمن أراد من مسؤولي هذه الدول ،أي أنه لا شرعية لمؤتمر يحدث خارج سوريا.

دراسة ملفات المصالح الخاصة بكل دولة في سوريا ،وقراءة حقيقة الصراع الدولي لمعرفة البوصلة الأساسية دالدخول في مفاوضات حقيقية مع روسيا حول مصالحها ،وما تريده من سوريا مقابل تخليها عن النظام.. فتح قنوات اتصال مع إسرائيل ،ومحاولة تهدئة مخاوفها من الجهات التي قد تسيطر على حدودها ،وإعطائها المرونة اللازمة للتخلي عن الأسد دون قلق ،البلد ينزلق نحو إعادة ترتيب أوراق جديدة قد تنسف بكل ما ضحى به السوريون إن لم ننتبه لما يحاك ونبدأ العمل الحقيقي …

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد