يمكن أن نضيف ليبيا واليمن، لكن ليبيا أسقطت القذافي، واليمن أسقط علي عبد صالح، في سوريا لم يسقط الأسد، الكتابة على بحر من الدم، الحديث عن المظلومية السورية، صار يلزمه خروجنا من نفق الله، إلى تفاصيل الحياة رغم سوداويتها ودمويتها؛ لأن الله ليس معنا، الله دوماً كان مع القوي، في كل بقعة بالأرض، يلزمنا الخروج من نفق الرؤية الأحادية للغرب وللعالم.
يلزمنا معرفة القوى الفعلية التي تتحكم بمصائرنا، الحرب على الإرهاب حولت الضحية إلى قاتل، من السذاجة عدم اعترافي أنني حتى نهاية عام 2007 كنت أعتقد أن للغرب مصلحة بدعم بعض تجارب ليبرالية ديمقراطية في الشرق الأوسط، مستنداً على التجربة التركية والمغربية والتغير المضبوط أميركياً وإسرائيلياً في مصر والأردن.
بالمقابل، ورغم ذلك لم يكن عندي وهم، أن هنالك مصلحة أميركية إسرائيلية في ديمقراطية ليبرالية في سوريا.
السبب طبيعة السلطة الأسدية وعلاقتها التاريخية مع إسرائيل ورؤية الأميركي لهذه العلاقة، هذه العلاقة التي أسس لها بطريقة تراكمية، خطوتها الأولى كانت عام 1967 وتسليم الجولان لإسرائيل من قبل حافظ الأسد.
هنالك من المهتمين من يعيد العلاقة إلى ما قبل هذا التاريخ، هذه العلاقة التي بقيت عصية على الفهم لغالبية النخب السورية.
الغرب ربما مختلف فيما بينه على كثير من الأمور، لكنه متفق على أمر واحد، هو أنه: لا مجال لشرق أوسط جديد، لا جديد في الشرق الأوسط إلا تأهيل الجريمة والمجرمين.
الجريمة باقية وتتمدد، هنالك خلافات أوروبية أميركية مستمرة في مجالات كثيرة، لكن هناك شرق أوسط أميركياً، أقصى ما يمكن أن تقدمه الرؤية الأميركية حتى اللحظة هو تغيير المجرمين.
نظام السيسي مثال لا يقبل الشك، نظام السيسي وانقلابه تجديد تهريجي لنظام حسني مبارك، لا بل تراجع عما كان في ذلك العهد.
دولة يحكمها 15 ألف أمير، ودولة يحكمها 15ألف آية الله كيف سيكون الصراع بينهما؟ البنوك لا تريد خلخلة حركية أموالها، لديها ملايين المشاريع والوظائف، معتمدة على شرق أوسط تمت صياغته نفطياً وإسرائيلياً.
منذ أن تسربت أخبار مفاوضات أوباما مع إيران بوساطة عمانية عام 2012 كتبت أن أوباما يريد تأهيل الجريمة في الشرق الأوسط، تأهيل الجريمة ليس مرتبطاً بشخص الأسد، بل مرتبط بالجريمة ذاتها واستمرارها.
قتل مليون سوري وتهجير 12 مليوناً، وبقاء القاتل بحماية الغرب يقتل، هذه هي المسألة، تم تأهيل حسن البشير رغم أنه مطلوب للجنايات الدولية بتهمة ارتكاب مجازر ضد الإنسانية.
أميركا كان بإمكانها أنها توقف التدمير والقتل الأسدي وتبقى الأسد في السلطة كمطلب إسرائيلي! لكن تبين أن إسرائيل تريد الأسد مع دمار البلد، وأوباما ارتاح للموضوع، وبدأت عدة الشغل الأميركية، لإنتاج هذا الخيار.
آخر ما أثار زوبعة هو تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بأن الأسد ليس عدواً لفرنسا ولا بديل شرعي له.
الحضور الإسرائيلي عبر لوبياته المنتشرة في دول الغرب، يجعل مواقف بعض الدول غير مفهوم؛ لأن هذا اللوبي المنتشر يضغط دوماً من أجل تبني الرؤية الإسرائيلية، خاصة في الدول المحيطة بإسرائيل.
يعمل هذا اللوبي كدولة عميقة في بلدان الغرب، سوريا نموذج هذا القرن، هذا ما أراده هذا اللوبي وبرع أوباما في تنفيذه، نموذج للتوحش العالمي من جهة، ونموذج يقول: نحن من يقرر مصير شعوب دول الطوق، من يخرج عن هذا القرار مصيره كمصير السوريين.
الأوروبيون حاولوا إنهاء الوضع الكارثي كما يسمونه في سوريا، لكنهم فشلوا أمام أوباما وإسرائيل.
قادة أوروبا الآن يخافون من دور روسي على حسابهم، بتغطية أميركية، سوريا نموذج لغياب خطاب حقوق الإنسان عن ملفات وخطب قادة الغرب وإعلامه.
لم يعد هنالك أنظمة تنتهك حقوق الإنسان، هنالك إرهاب يريد القضاء على ثقافة الغرب، رغم أنه صناعة سياسيي هذا الغرب.
الخلاف الخليجي أوضح بما لا يقبل الشك أن الإرهاب الإسلامي مضبوط غربياً عبر النظم الداعمة، فضائح يندى لها جبين الإنسانية.
من ينظر للوحة الدولية والإقليمية من خارجها، يرى تماماً حجم القذارة في تحالفات الدول، وخلافاتها أيضاً.
كل هذا تم ويتم من أجل شرق أوسط لا جديد فيه سوى إدارة القتل، السوريون واجهوا أعتى عدوان دولي، حين يقال: لا تجعلوا مصيركم كمصير السوريين.
هذا سيبقى يتردد على ألسنة شعوب الشرق الأوسط، هنا المبتغى من كل ما قام بها أوباما دولياً وإقليمياً.
كيف يخرج السوريون من هذه المحنة؟ سؤال مطلوب الإجابة عليه من كل سوري؛ لأن كل سوري هو ضحية، ويجب أن يكون للضحية صوت في هذه المقتلة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.