معنديش _بو_الوقت

فجأة غيّرت الدولة الزاوية التي ظلت تنظر منها للحراك في الريف، وقطع وزراء حكومة العثماني أشغال تقديم الميزانيات الفرعية للقطاعات التي يشرفون عليها بمجلس المستشارين، في إطار مناقشة مشروع قانون مالية 2017، وحلّوا بمدينة الحسيمة بعد أشهر من الاحتجاجات والإضرابات.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/17 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/17 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش

فجأة غيّرت الدولة الزاوية التي ظلت تنظر منها للحراك في الريف، وقطع وزراء حكومة العثماني أشغال تقديم الميزانيات الفرعية للقطاعات التي يشرفون عليها بمجلس المستشارين، في إطار مناقشة مشروع قانون مالية 2017، وحلّوا بمدينة الحسيمة بعد أشهر من الاحتجاجات والإضرابات.

هذا الإنزال يأتي بعد حوالي أسبوع فقط على وصف بعض مكونات الأغلبية الحكومية لساكنة المنطقة بالانفصال، واتهام قادة الحراك الشعبي هناك، في الإعلام الرسمي، بتلقّي أموال خارجية وخدمة أجندات أطراف تستهدف وحدة المغرب، وهو ما أدى إلى تأزيم الأزمة.

ظهور الوزراء المصطنع وهم يمشون في الأسواق، ويتحدثون إلى المواطنين في الحسيمة يضع مصداقية الدولة على المحك، ويدفعنا إلى التساؤل عن مدى صدقية التقارير المقدمة.

فإذا كان الحراك في الريف يموّل من جهات خارجية لزعزعة استقرار وأمن بلدنا، فالأولى تقديم قادة هذا الحراك إلى المحاكمة وليس الجلوس معهم إلى طاولة الحوار؛ لأن هؤلاء سيكونون بحكم القانون والأعراف "خونة" وحكم الخائن معروف.

ما لم ينتبه له الواقفون خلف هذا الإنزال الوزاري بعد فشل مقاربة التخوين والتخويف هو أن هذا الوفد، الذي يتكون من وزراء لم ينتخبهم المغاربة، يمثل في المخيال الجمعي للمغاربة، جزءاً من الأزمة وليس الحل.

ومهما تصنّع هؤلاء البساطة والقرب من المواطن والإحساس بهمومه وآلامه فلن يستطيعوا إقناع ساكنة الريف بوقف الاحتجاجات؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، كما يقول المثل.

لقد تأخرت الدولة طويلاً في مصالحة ساكنة الريف، حتى إن بحاراً رد على وزير في الحكومة، أصبح مثاراً للسخرية بسبب كثرة القطاعات الاستراتيجية التي يشرف عليها دون جدوى، عندما سأله عن مطالبهم، بالقول "معنديش بو الوقت دابا".

نعم، إن كان هناك مِن عدو يواجه الدولة اليوم فهو الوقت؛ لأن الجميع يريدون نصيبهم من الثروة هنا، والآن الرهان على صبر وتفهم المواطنين لإكراهات الواقع، خصوصاً بعد انسداد الأفق السياسي منذ الإعلان عن نتائج انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول، لم يعد مضموناً.

وحتى لو نجح هؤلاء في إخماد هذه "الفتنة"، التي تسببت فيها لا مبالاتهم في البداية وتصريحاتهم اللامسؤولة فيما بعد، فالأكيد أن احتجاجات أخرى ستندلع في مدن ومناطق أخرى، ما دامت المطالب هي نفسها، وما دامت الدولة لا تنصت إلا لمن يصرخ أكثر.

إن كان هناك من إشارة قوية ينبغي أن يلتقطها صناع القرار قبل فوات الأوان هي أن صبر المواطن قد نفد، وأن من الحكمة التوقف عن استفزازه في كل مرة، وإلا فمن حقنا أن نشك في أن هناك أطرافاً في الدولة تريد دفعنا نحو المجهول.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد