تأجيج التوترات مع الخليج.. استراتيجية المحافظين لعرقلة الرئيس الإيراني.. وهذه خطتهم لاستفزاز أميركا ودول الجوار

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/03 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/03 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش

قال مسؤولون ومحللون إن التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة والخلافات السياسية الداخلية في المشهد السياسي الإيراني تهدد خطط الرئيس حسن روحاني لتوسيع نطاق الحريات الاجتماعية وزيادة فرص العمل واجتذاب الاستثمارات الأجنبية.

وهم يعتقدون أيضاً أن المحافظين المناهضين للغرب الذين تغلب عليهم روحاني في الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار عازمون فيما يبدو على الانتقام من خلال حرمان روحاني من مكاسب اقتصادية.

تأجيج التوترات

وستتمحور استراتيجية المحافظين على الأرجح حول تأجيج توترات قائمة بالفعل مع واشنطن وحلفائها من دول الخليج، مما سيشكل خطورة سياسية جديدة في بلد بات ينظر إليه منذ توقيعه الاتفاق النووي مع قوى عالمية في 2015 على أنه أكثر أمناً للاستثمار.

وقال مسؤول بارز طلب عدم ذكر اسمه "سيجربون كل الطرق الممكنة لإضعاف روحاني.. من استفزاز الصقور في واشنطن إلى فرض المزيد من القيود السياسية في الداخل.. وعزل إيران اقتصادياً".

وتابع قائلاً "روحاني أمامه شهور مليئة بالتحديات".

وخلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية يومي 20 و21 مايو/أيار وصف إيران بأنها تهديد لدول المنطقة.

ووجه روحاني دعوة بعدها إلى "الاعتدال والتعقل" في العلاقات الدولية. لكن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي استخدم لغة أكثر عدائية وقال إن قادة السعودية يواجهون "سقوطاً حتمياً" بسبب تحالفهم مع واشنطن.

وبعدها بأسبوع أعلن الحرس الثوري الإيراني، أكثر قوة عسكرية نفوذاً في البلاد، أنه بنى مصنعاً ثالثاً تحت الأرض لإنتاج الصواريخ الباليستية وقال إنه سيواصل تطوير برنامجه الصاروخي وهو مشروع تعارضه واشنطن وحلفاؤها الخليجيون بشدة.

اضطرابات في أنحاء الشرق الأوسط

في الأشهر الماضية كثف الحرس الثوري دعمه للحوثيين الذين يقاتلون في اليمن تحالفاً بقيادة السعودية كما زاد من تمويل وتسليح جماعات في سوريا والعراق وواصل دعمه لحزب الله حليفه التقليدي في لبنان.

ووقعت مواجهات اتسمت بالتوتر بين قطع بحرية تابعة للحرس الثوري وسفن حربية أميركية في الخليج ومضيق هرمز الذي يمر عبره ثلث شحنات النفط العالمية.

ومن شأن تصاعد التوترات الإقليمية أن يزيد من قلق المستثمرين الأجانب الذين يخشى كثيرون منهم بالفعل دخول السوق الإيرانية قلقاً من الروتين أو من عودة العقوبات إذا انتهكت إيران الاتفاق النووي.

وقال بهنام بن طالب لو محلل الشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن "سيواصل روحاني محاولات إغراء الشركات الأجنبية على العودة لإيران دون أن يقدم لها التغيير المطلوب بشدة في التعامل من أجل تعزيز ثقتها".

وقال كريم ساجد بور الزميل في معهد كارنيجي إن وجود ترامب المناهض لإيران في البيت الأبيض يقلل الضغوط على محافظيها لتبرير عدائهم للولايات المتحدة.

وأضاف "استراتيجية إيران الإقليمية ثابتة منذ أربعة عقود بغض النظر عمن هو رئيس البلاد. فهي لم تغير معارضتها للولايات المتحدة وإسرائيل بينما زادت من معارضتها للسعودية".

وأعاد رفع العقوبات الدولية عن إيران في 2016 صلتها جزئياً بالنظام المالي العالمي، لكن استمرار العقوبات الأحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان والإرهاب أجفل الكثير من المستثمرين المحتملين.

عودة القلق

وقال أندرياس شفايتزر وهو شريك إداري كبير في شركة أرجان كابيتال ومقرها لندن "ستحجم بنوك دولية كبرى قلقاً من المخاطر وحجم العقوبات السابقة وخوفاً على أعمالها وأصولها الحالية في الولايات المتحدة".

كما أن هناك توترات داخل إيران.

ووجه روحاني، الذي انتخب للمرة الأولى في 2013 بعد أن تعهد بتخفيف عزلة إيران الدبلوماسية، أغلب جهوده السياسية لإبرام الاتفاق النووي الذي نتج عنه رفع أغلب العقوبات الدولية في مقابل الحد من البرنامج النووي.

وخلال بذله هذا الجهد حظي روحاني بتأييد حذر من خامنئي. لكن الآن، وتحت ضغوط متنامية في فترة ولايته الثانية لزيادة الفرص الاقتصادية أمام الشباب، لم يعد بوسعه أن يتأكد من دعم الزعيم الأعلى.

وبعد حملة انتخابية تضمنت هجمات صريحة على المحافظين في الأمن والقضاء ودعوات لانفتاح أسرع على العالم تغلب روحاني على المرشح الذي كان يعتقد أنه المفضل لدى خامنئي مما أزعج الحرس الثوري.

طريق تصادمي

يقول أندرين سكيلاند محلل مخاطر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز بي.إم.آي للأبحاث إن تصريحات الرئيس عمقت "الانقسامات بينه وبين النخبة المحافظة".

ويحاول الحرس الثوري، بعد شعوره بالتهميش بسبب الاتفاق النووي، استعادة السطوة الاقتصادية من خلال اتهام روحاني بتفضيل الشركات الأجنبية على المحلية وبالإطراء على رؤية خامنئي عن اقتصاد الاكتفاء الذاتي الذي يتجنب الاستثمارات الأجنبية.

وقال مير جواد أنفار خبير الشؤون الإيرانية إيراني المولد لدى مركز هرتزيليا في إسرائيل "عدم الاستقرار السياسي في الداخل سيترك أثره على المستثمرين الأجانب.. سيردع المستثمرين عن العودة لإيران".

وفي سنوات العقوبات الأميركية والأوروبية، تولى الحرس الثوري مشروعات بمليارات الدولارات بعد أن تركتها شركات نفط غربية.

ويمكن استشعار نفوذ الحرس الثوري في كل مجالات الاقتصاد الإيراني بدءاً بعمليات الشحن في الموانئ وانتهاء بالنفط. وتشير تقديرات إلى أن الحرس الثوري له وجود في 80 بالمئة من الأعمال في البلاد.

وقال جواد أنفار "إعادة انتخاب روحاني ستضع الحرس الثوري على طريق تصادمي بدرجة أكبر معه.. أراد من انتخبوه الاعتدال فيما يريد الحرس الثوري توسيع نفوذه للخارج وأن يصبح أكثر مواجهة مع الغرب".

ولا يزال أعضاء كبار في الحرس الثوري الإيراني والشركات التابعة له يخضعون لعقوبات أميركية رغم أن معظم شركات الحرس الثوري ليست مملوكة رسمياً له وإنما لشركات مرتبطة به.

وتحتاج الشركات الأجنبية إلى شريك إيراني للقيام بأعمال في إيران. وبالنسبة للمشاريع الكبرى يعني ذلك عادة أن هذا الشريك هو الشركات الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري.

وقال تاجر في طهران "لا يزال رجال أعمال كثر يعانون من عدم حدوث انتعاش اقتصادي في إيران. سيسعدهم أن يكونوا شركات واجهة للحرس الثوري الإيراني".

وقد كان خامنئي حاذقاً حين سعى لمنع أي جماعة، حتى بين الحلفاء المحافظين، من أن تصبح قوية بدرجة تتيح تحدي سلطته. ومع عدم رضائه عن تزايد شعبية روحاني، فإنه لن يدعمه في معركته الاقتصادية مع الحرس الثوري.

وقال وزير إصلاحي سابق "إنها حلقة مفرغة. كلما زادت مشاركة الحرس اقتصادياً تراجعت مشاركة المستثمرين الأجانب. والعكس صحيح"

تحميل المزيد