ما إن قرعت الحرب طبولها وتدججت جيوش التحالف بترسانتها حتى بدأت مظاهر الحياة بـ"الانحسار"، وقد أطلت الحرب بسنوات عجاف من الرعب والتدهور في جميع مفاصل الحياة، ولم يذق الحريةَ المزعومة إلا الذين تحرروا من إنسانيتهم وكانوا هم الشرارة الحقيقية التي أحرقت العراق.
واليوم، في الذكرى الرابعة عشرة لتلك الليلة الليلاء، لم تزدد إلا نسب القتلى والجرحى بـ430 ألف قتيل، و260 ألف جريح، 30% منهم أصيبوا بعاهات مستديمة، أما من فرَّ بنفسه فهم 3.4 مليون لاجئ خارج العراق و4.1 مليون نازح داخله، فضلاً عن 58 ألف مفقود جراء العنف الطائفي والتدهور الأمني.
وأما "الطائفية"، فهي الكابوس الأهم الذي لم يصحُ منه العراقيون، وما تبعها من اقتتال وتهجير وانتشار المظاهر المسلحة في الشوارع، حتى أصبحت مشاهد الجثث الملقاة في الشوارع والسيارات المفخخة والصواريخ "التائهة" معتادة في الحياة اليومية للعراقيين.
كما كان لأطفال العراق نصيب من الكارثة، فتشير الأرقام إلى مأساة 6.5 مليون يتيم جُلهم فقدوا آباءهم، وتتحدث مؤشرات التعليم عن 6 ملايين أمي فقدوا أبسط حقوقهم بالتعليم.
ولم تدع أنياب الحرب ثروات العراق؛ فتدهورت السياسة الاقتصادية والمالية حتى بلغ إجمالي ديون البلد 124 مليار دولار أميركي، وتدنت مؤشرات الحقوق والحريات حتى تذيَّل العراق التصنيف العالمي لكل المؤشرات تقريباً وبلغ عدد المعتقلين 271 ألف معتقل، أغلبهم بانتظار إحالتهم إلى محاكم "مِهنية" للنظر في قضاياهم، في حين هناك الآلاف من المجرمين والفاسدين طلقاء دون ملاحقة أو اعتقال!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.