بات من شبه المؤكد فوز الرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني بدورة رئاسية ثانية بعد حصوله على 57% من الأصوات أمام خصمه المحافظ إبراهيم رئيسي بحسب النتائج الرسمية شبه النهائية.
وفي حال تأكدت هذه النتائج سيتيح فوز كبير من الدورة الاولى لرجل الدين المعتدل مواصلة تطبيق سياسة الانفتاح على العالم التي بدأها بالاتفاق النووي التاريخي المبرم مع الدول العظمى في تموز/يوليو 2015 خلال ولايته الاولى.
وبعد فرز 40 مليون بطاقة حصل حسن روحاني على 22,8 مليون صوت مقابل 15,4 مليونا لخصمه ابراهيم رئيسي بحسب ما قال نائب وزير الداخلية الايراني علي اصغر احمدي السبت في كلمة على قناة "ايريب" الحكومية.
هذا يعني انه بحسب هذه النتائج حصل روحاني على 57% من الأصوات ورئيسي على 38,5% من الأصوات، وشارك مرشحان آخران في السباق مع نتائج بسيطة. وبلغت نسبة المشاركة اكثر من 70%.
وقبل حتى الاعلان عن اولى النتائج الجزئية، أقر المسؤولون المحافظون بفوز خصمهم.
وكان نائب وزير الداخلية الإيراني علي أصغر أحمدي قد أعلن في وقت سابق اليوم السبت أن حسن روحاني "يتقدم" على خصمه إبراهيم رئيسي.
وقال أحمدي في كلمة على قناة "إيريب" الحكومية إنه "من أصل 25,9 مليون بطاقة تم فرزها، حصل روحاني على 14,6 مليون ورئيسي على 10,1 مليون".
وقالت وزارة الداخلية إن ما يربو على 40 مليوناً أدلوا بأصواتهم مما يشير إلى أن نسبة الإقبال تصل إلى نحو 70% وهي نسبة مماثلة تقريباً لانتخابات 2013 التي حقق فيها روحاني فوزاً ساحقاً.
وقال التلفزيون الإيراني إن النتائج الرسمية المبكرة ستعلن قريباً.
وتعني هذه النسبة في النتائج الجزئية أن روحاني حصل على حوالي 56 بالمئة من الأصوات مقابل 39 بالمئة لرئيسي.
ويفترض أن تعلن وزارة الداخلية تدريجياً النتائج التي تصل من مختلف المحافظات قبل تلك التي تسجل في المدن الكبرى.
"الأمل يتفوق على العزلة"
ونشر الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي وهو حليف لروحاني صورة على حسابه على إنستغرام لروحاني يلوح بعلامة النصر وكتب إلى جانب الصورة شعاره الانتخابي "الأمل يتفوق على العزلة".
وقال حامد أبو طالبي مدير مكتب روحاني في تغريدة على تويتر إن روحاني حصد 60 في المئة من الأصوات. ولم يستشهد بأي دليل.
ويبدو أن الإقبال الكبير جاء في صالح روحاني الذي قال مؤيدوه مراراً إن أكبر مخاوفهم هي عزوف الناخبين ذوي الميول الإصلاحية عن التصويت بسبب إحباطهم من بطء وتيرة التغيير.
وواجه روحاني (68 عاماً)، الذي اكتسح الانتخابات قبل أربعة أعوام بعد أن وعد بانفتاح إيران على العالم ومنح مواطنيها مزيداً من الحريات في الداخل، تحدياً قوياً بشكل غير متوقع من رئيسي أحد تلاميذ الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وبعد أن أدلى بصوته قال روحاني، الذي أبرم اتفاقاً مع القوى العالمية قبل عامين للحد من أنشطة إيران النووية مقابل رفع معظم العقوبات الاقتصادية، إن الانتخابات مهمة "لدور إيران في المنطقة والعالم في المستقبل".
وألقى رئيسي (56 عاماً) مسؤولية سوء إدارة الاقتصاد على روحاني وسافر إلى المناطق الفقيرة حيث نظم تجمعات انتخابية ووعد بتوفير المزيد من مزايا الرعاية الاجتماعية والوظائف.
ويعتقد أنه يحظى بدعم الحرس الثوري وتأييد ضمني من خامنئي الذي تفوق سلطاته الرئيس المنتخب لكنه عادة ما يفضل البقاء بعيداً عن المشهد السياسي بتفاصيله اليومية.
ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء عن رئيسي قوله بعد أن أدلى بصوته "أحترم نتيجة تصويت الشعب وستلقى النتيجة احتراماً مني ومن كل الناس".
لكن رئيسي ظهر في وقت لاحق في وزارة الداخلية في طهران واشتكى من نقص أوراق الاقتراع في العديد من مراكز التصويت وفقاً لما نقلته وكالة أنباء فارس التي أضافت أن السلطات أرسلت أوراق اقتراع إضافية بعد ذلك.
وفي الانتخابات الأخيرة حصل روحاني على ثلاثة أمثال الأصوات التي حصل عليها أقرب منافسيه. لكن المنافسة أشد احتداماً هذه المرة لأن المرشحين المحافظين الآخرين انسحبوا وألقوا بثقلهم خلف رئيسي.
ويأمل الحرس الثوري والمحافظون في أن يتيح فوز رئيسي فرصة لهم لاستعادة السيطرة على السلطة الاقتصادية والسياسية التي يرون أنها قوضت بسبب رفع العقوبات والانفتاح على الاستثمار الخارجي.
وخلال أسابيع من الحملات الانتخابية تبادل رئيسي وروحاني الاتهامات بالفساد والوحشية على شاشات التلفزيون بحدة لم تر الجماهير مثلها منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. وينفي كل منهما هذه الاتهامات.
وفي تحذير نادر يسلط الضوء على التوترات السياسية المتصاعدة حث روحاني الحرس الثوري وميليشيا الباسيج التابعة له على عدم التدخل في الانتخابات.
وكانت الشكوك في أن أفراد الحرس الثوري وميليشيا الباسيج زوروا نتائج الانتخابات لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في 2009 قد تسببت في احتجاجات دامت ثمانية أشهر في جميع أنحاء البلاد وواجهت قمعاً عنيفاً.
اختيار صعب
تمثل الانتخابات لعموم الإيرانيين اختياراً صعباً بين رؤى متنافسة.
فقد حمل روحاني راية معسكر الإصلاح في الأسابيع الأخيرة بخطابات نارية تهاجم سجل حقوق الإنسان لمعارضيه. وكان روحاني يعرف من قبل بموقفه المعتدل المنتمي للمؤسسة القائمة أكثر من كونه إصلاحياً متحمساً.
وقالت زيبا غوميشي في طهران "صوتت لروحاني لمنع رئيسي من الفوز. لا أريد أن يكون رئيس البلاد محافظاً.. انتظرت خمس ساعات في الصف لأدلي بصوتي".
ولا يزال الكثير من الناخبين المؤيدين للإصلاح أنصاراً لروحاني وإن كان بشكل فاتر في ظل خيبة أملهم من الوتيرة البطيئة للتغيير خلال فترة ولايته الأولى. لكنهم يحرصون على عدم وصول رئيسي للسلطة ويعتبرونه ممثلاً للدولة الأمنية في أشرس حالاتها فخلال الثمانينيات كان رئيسي واحداً من أربعة قضاة حكموا على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام.
أما بالنسبة للمحافظين فتمثل الانتخابات فرصة لإعادة العمل بقيم الثورة الإسلامية عام 1979 والتي تتطلب من المسؤولين المنتخبين أن يخضعوا لرجال الدين والزعيم الأعلى.
وقال مهران فردوست (36 عاماً) وهو صاحب متجر قرب مزار الإمام الرضا في مدينة مشهد مسقط رأس رئيسي "أدليت بصوتي بالفعل. أعطيت صوتي لرئيسي لأنه من أتباع الإمام خامنئي. لن يخوض مواجهة مع الزعيم إذا انتخب. سيحمي هويتنا الإسلامية".
خامنئي يدعم تلميذه
وبشكل علني ظل خامنئي (77 عاماً) محايداً واكتفى بالدعوة مراراً للإقبال على المشاركة. لكن الإيرانيين من المعسكرين يعتقدون أنه في حقيقة الأمر يدعم تلميذه رئيسي ليس فقط للرئاسة لكن ربما لخلافته لمنصب الزعيم الأعلى الذي يشغله منذ عام 1989.
ورغم رفع العقوبات المرتبطة بالقضية النووية في 2016 فلا تزال هناك عقوبات أميركية من جانب واحد تستهدف سجل إيران في مجال حقوق الإنسان والإرهاب. ومنعت هذه العقوبات الكثير من الشركات الأجنبية من ضخ استثمارات في السوق الإيرانية مما حد من الفوائد الاقتصادية لرفع العقوبات حتى الآن.
وركز رئيسي في حملته الانتخابية على الاقتصاد وزار مناطق ريفية وقرى وتعهد بتوفير مساكن ووظائف والمزيد من مزايا الرعاية الاجتماعية في رسالة قد يكون لها صدى لدى ملايين الناخبين الفقراء الغاضبين من النخبة في طهران.
وإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المئة من الأصوات فإن المرشحين اللذين سيفوزان بأكبر عدد من الأصوات سيواجهان بعضهما البعض في جولة إعادة خلال أسبوع.