يتداعى عالمنا ما بين كتابٍ وكتاب، وما بين تاريخٍ وتاريخ، وتتوالى الحوادث فتفرق بين الأزمان بمتواليةٍ عددية حساباتها دقيقة، تتضخم أحداثها تارةً وأخرى تتناغم بسلام.
بيدَ أن قراءة التاريخ يلزمها تاريخٌ آخر ومعطيات ومفاهيم عقلانية؛ لكي نستطيع أن نفهم لماذا نقف على أبواب حربٍ عالميةٍ ثالثة؟ ومَن يخطط لها؟
ليتنا نعلم أن الضجيج في العالم لا يأتي من مخططٍ واحد، وإنما الفوضى الخلّاقة بعثت في نفوسنا الشغف الكامل للتلاعب بها، فأعمارنا قصيرة تجعلنا نقع في أخطاء سريعة، ومفاهيم سريعة، ونتائج سريعة، نحاول أن نحقق من خلالها إنجازات براقة في زمنٍ قصيرٍ جداً، فلا يُسعفنا الإصلاح وهكذا دواليك..
تزداد الخطوات السريعة من هذا وذاك؛ لتقودنا نحو حربٍ عالميةٍ ثالثة بلا تحكم، ولو فرضنا أي فرضية فنحن لسنا بخير على كل حال، فمن أين تأتي هذه الفوضى؟
عندما نستمع لضجيج أنفسنا نجد الجواب واضحاً، فالنفس براقة أمارةٌ بالسوء حتماً.
أطردت الأيام عن مكنون مستقبل الأمم، وكان قد حمل كل إنسانٍ مجهودهُ وحده في مهب الريح ففقد هدوءهُ على وجه الأرض، وسُمّي عصرنا هذا عصر السرعة (Hurried Age) لسرعة أهدافه وتحقيق غاياته من غير عجز، فما لا يكون، لا يكون، وما هو كائنٌ سيكون.
إن أسعدَ الناس في هذا العصر أذكاهم عقلاً، قد لا ترى في أعمالهم بنياناً وقصوراً، وكأن للحرب إلهاً عظيماً نافذاً لا يُرد قضاؤهُ، فكل الملوك كانت مسلّطة وجاء الحصادُ لها ولغيرها.
فهل تتأجج الحرب العالمية الثالثة بين الهدوء والضجيج؟
إن بقيت النواقص تعلو، ولا توازن بين الفقير والغني، فحتماً سنشهد أزمة معاصرة أكبر مما تهب الرياح علينا بها الآن.
تتساقط الأمم وهوياتها ودماؤها، العين بالعين، والرجُل بالرجُل، ونحن لا نزال بين يقظةٍ ونوم، وجهلٍ وعلم، والزمن يمضي لا خبر له، فهو يمضي والناس تكتب ما ترجوه وتأمله، والرزق في الخزائن، وبين المسكين والمسكين.. مساكين.
طولُ الزمان يُحكم قبضته بمتغيراتٍ كالموت الأسود الذي عاهد العالم عليه دائماً، فهل من حربٍ عالميةٍ ثالثة؟
نعم.. وستكون قريبةً جداً، وفق المتغيرات السريعة والمصفوفة العلمية المتطورة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.