نحن (الكتلة الصامتة)، فضلنا الصمت في كل وقت تطلبت منا مصلحة الوطن هذا الفعل، وواصلنا العمل في مختلف مجالات التنمية والدوام الإداري والخدمات الاجتماعية والإنسانية وغيرها، سواء في القطاع العام أو الخاص، وحرصنا على سلامة الوضع الانتقالي في مختلف محطاته بعد الثورة رغم كل العراقيل والمخاطر.
نحن (الكتلة الصامتة) ساهمنا، كل من موقعه، في استمرارية الدولة، وحرصنا على ضمانة الحياة اليومية لكل المواطنين رغم كثير من المحن والنقائص، لكننا فعلنا ذلك طوعاً؛ أملاً في وطن جديد نبنيه مع سياسيين نبلاء يجمعنا معهم فقط حب هذا الوطن..!
كنا ومازلنا صامتين وسط كل ضوضاء الأحداث وتجاذب التيارات السياسية والمنظمات وهرطقة الفلول وبقايا الردة، كلٌ كان -وما زال- بكل صفاقة، يتحدث بلغة (الأنا) أو بلغة الولاء لمشروع حزب أو حتى بقاياه، ولا هم له إلا إثبات ذاته وترسيخ وجوده والسعي إلى تحالفات سياسية لتقوية مركزه واغتصاب سلطة وتضخيم رصيد.
لكننا نحن (الكتلة الصامتة) نفد صبرنا على مشهد سياسي غوغائي المسار، يعمره في جُلّه حفنة من الانتهازيين والمقايضين والفاسدين، يشتم بعضهم بعضاً وينشر بعضهم غسيل بعض صباحاً ومساء على قنوات العار والخنار وكلهم في الدائرة نفسها سواء. سياسيون لا يفقهون شيئاً في الفعل السياسي ولا يتقنون حتى إدارة عائلاتهم، فقط يجيدون السمسرة و"قلبان الفيستة" والشعوذة السياسية.
نفد صبرنا على أحزاب لم يكْفِها الكذب والنفاق والضحك على الذقون؛ بل تعدت ذلك إلى التقوقع داخل مركزياتها؛ لترقع حالها المهترئ أو (لتنتدب) شخوصاً أكثر كذباً وبهتاناً أو لتقايض مصالح البلاد والعباد بعضها مع بعض، قطعت كل وصلاتها مع خزاناتها الانتخابية منذ آخر تصريح بناتج الانتخابات وانفتحت على أجندات الخارج، في هرولة إلى عتبات السفارات واسترضاء لأجنداتها.
أحزاب "تهبر" علناً وبكل وقاحة، وأخرى تحت الطاولة في ورع وتعفف! أحزاب تتناحر في مرايا الإعلام الفاسد وتجتمع في أقبية وكواليس السفارات بدعوة وبغير دعوة! أحزاب أخرى فقط ليس لها إلا الاسم والمقر، جعل منها أصحابها باتيندة تخول لهم فتح حساب جارٍ مع (الدول المانحة) ولاستجلاب الحظوة والبريستيج الواهي في المؤتمرات والملتقيات واللقاءات الجامعة والخاصة والتي تقوم أساساً على مزيد من استنزاف الوطن ومزيد من تطويع وتدجين البلاد والعباد.
لم نعد نرى في المشهد أحزاب القيم ورجالات المبادئ، أحزاباً لا تساوم في الوطنية ولا تتخلى عن الثوابت، صرنا واعتدنا مجاميع تلتف حول الغنائم وتتفرق عند التخاصم حولها، لا يعنيها الوطن ولا أهلوه، لا مقدرات البلاد ولا استقلاليتها؛ بل جعلوا من كل ذلك رأس مال لسمسرتهم السياسية ومقابلاً.
نحن الكتلة الصامتة، نعلن على الملأ أننا كفرنا بأحزابكم، بكل ألوانها وأسمائها ومرجعياتها وأصحابها وباعثيها ومبتعثيها ومجدديها، كفرنا بدجلكم السياسي وارتهاناتكم لغير الوطن…!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.