هي أضخم قنبلة في التاريخ، ليس لها مثيل حتى الآن، يبلغ طولها (9) أمتار، ويبلغ قطرها متراً واحداً، وبحسب منظمة "غلوبال سيكيوريتي" لنزع التسلح فإن وزنها يبلغ (8 – 9) أطنان، وتشكّل أضخم سلاح غير نووي في الترسانة الأميركية، وقالت عنها مجلة العلوم "بوبولار ميكانيكس": إن وزن هذه القنبلة يوازي وزن طائرة إف – 16 مقاتلة.
وتقول منظمة "غلوبال سيكيوريتي" إنها قنبلة مدمرة تحوي (8480) كلغ من مادة إتش 6 المتفجرة، وبحسب موقع المنظمة توازي قوة تفجيرها 11 طناً من مادة الـ"تي إن تي"، وهي مسيّرة بالأقمار الصناعية وتلقى من الجو لتنفجر قبل ارتطامها بالأرض، ويمكن أن تُشاهد أعمدة دخانها على بعد 32 كلم.
وبالرغم من أنه تم البدء في صناعتها في عام 2003م إبّان الغزو الأميركي للعراق، فإنها لم تُستخدم منذ ذاك الحين إلا الآن؛ حيث ألقتها القوات الأميركية للمرّة الأولى يوم الخميس الماضي 13 أبريل/نيسان 2017م على ولاية ننغرهار في أفغانستان؛ حيث استهدفت بحسب رواية الجيش الأميركي شبكة أنفاق عميقة في منطقة أشين بولاية ننغرهار (شرق أفغانستان) التي تعتبر معقلاً لتنظيم "الدولة الإسلامية" على حدود باكستان، وذلك في إطار الحملة الأميركية على الإرهاب الذي أصبح – للأسف الشديد – ذريعة جاهزة يُسمح بموجبها لارتكاب المجازر تلو المجازر بأبشع صورها وأفظع تأثيراتها حتى لو استدعى استخدام أو تجربة أسلحة لا يضاهيها شيء في فتكها والتدمير الذي ينشأ عنها، مثل تلك القنبلة "جي بي يو – 43/بي"، التي فجروها الخميس الماضي وسمّوها "أم القنابل"!
ليس من أخبار أو تقارير دقيقة عن حجم الخسائر والضحايا التي أحدثتها هذه القنبلة الضخمة؛ لأنه ليس لضحاياها بواكٍ يستنكرونها وينددون بها، أو يذرفون غزير دموعهم على مَن سقطوا بسببها أو يهددون ويتوعدون بالانتقام من الجاني أو يدبجون بيانات شجب أو حتى تعزية – على الأقل – لهؤلاء الذين قضوا، وبلغ عدد من استطاعوا انتشال جثثهم حوالي 90 شهيداً بخلاف الإصابات والأضرار المادية والعينية التي لا يمكن أن نتوقع أثر هذه القنبلة، غير أنها دكّت المنطقة وسوّتها بالتراب ودفنت معها أي أثر أو حاجات، ومعها أحلام بشر كانت تلك حياتهم ومستقر معيشتهم، ربما لم يرتكبوا أي جناية أو جريمة تستحق أن يعتدوا على حقهم في الحياة، وينتهكوا آدميتهم وإنسانيتهم، بلا إدانات، بلا تحقيق، بلا محاكمات!
في الواقع، بات القتل بلا حساب، أينما اتجهت في بلدان العالم الإسلامي، تجد مجازر يندى لها الجبين، وصارت تلك المذابح كما المعالم البارزة على وحشية الجزارين الذين أصبحنا – على فظاعة جرْمهم – مطالبين على الدوام بأن نثبت للعالم أننا متسامحون ومتعايشون ومحاربون للإرهاب حتى لو كان قتل الأبرياء والمدنيين بالخطأ مثلما حدث الشهر الماضي في مدينة الموصل بالعراق، أو حتى لو كان ذبحهم بطريقة جماعية؛ لأنهم يسكنون في مناطق تظنها وتحسبها آلة الحرب والفتك الأميركية أنها معاقل للإرهاب.
ويكفي أن تكون هذه التهمة -الإرهاب- جاهزة لتتحوّل إلى تصريح وجواز مرور لقصف قرى ونسف مدن وتدمير أحياء دون تثبّت أو أي حذر من قتل أبرياء لا علاقة لهم بإرهاب أو (داعش) أو (قاعدة) ولا يجمعهم شيء معهم سوى رُخص دمائهم وأرواحهم.
سانحة:
مما يُروى في بياض تاريخنا الإسلامي الناصع أن عبداً نجاراً حداداً في المدينة المنورة كان يصنع الرحاء (جمع رحى)، وهي آلة لطحن الشعير، عبارة عن حجرين مصفحين يوضع أحدهما فوق الآخر، ويطرح الحبّ بينهما، وتدار باليد، فيطحن، أخذ هذا العبد الذي يدعى أبو لؤلؤة المجوسي يتحيّن الفرص للانتقام من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فلقيه عمر يوماً في طريق فسأله وقال: حدثت أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح؟! فالتفت العبد عابساً إلى عمر، وقال: بلى، لأصنعن لك رحى يتحدث بها أهل المشرق والمغرب، فالتفت عمر إلى مَن معه، وقال: توعدّني العبْد، ثم مضى العبد وصنع خنجراً له رأسان، مقبضه في وسطه، فهو إن طعن به من هذه الجهة قتل، وإن طعن به من الجهة الأخرى قتل، وأخذ يطليه بالسم، حتى إذا طعن به يقتل إما بقوة الطعن أو السم.
حينذاك نصح البعض ابن الخطاب وحذّروه من تهديد هذا العبْد ووعيده، واقترحوا القبض عليه، فلم يفعل الفاروق ذلك متعللاً بأنه "لا سلطان لي على نيّات الناس وسرائر أنفسهم!".
عدالة الفاروق عمر -رضي الله عنه- منعته من اعتقال قاتله بناء على الشكوك بنياته فقط، بينما في وقتنا الحاضر، تُباد أفواج من البشر وتُسوّى بهم الأرض بناء على الظنون ومحاكمة النيات والسرائر، من غير أن يحزن لقتلهم أحد، أو يرفّ جفن لإزهاق أرواحهم بواسطة -مثلاً- أم القنابل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.